الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يتجاذبها تناقض بين منع جائر ومنح ملتبس المرأة في مسلسلات رمضان

يتجاذبها تناقض بين منع جائر ومنح ملتبس المرأة في مسلسلات رمضان
24 سبتمبر 2008 00:43
تتسم شخصية المرأة، وفقاً لما تظهرها الشاشات في رمضان، بقدر وافر من الالتباس والاختلاف، ثمة نموذج في ''باب الحارة'' يكمّله آخر رديف له في مسلسل ''الحوت''، وهو يمثّل ذروة الاستكانة والخضوع النسوي أمام الحضور الطاغي للرجل المعتد بذكورته إلى حدود إلزام شريكته بالاحتماء، حتى الاختفاء، خلف قامته الباسقة· وفي موازاة ذلك نقع على مثال أنثوي نقيض، إذ هو متمرد إلى حدود الهيمنة الكلية على المشهد، والسيطرة على مجريات الأحداث بما يجعل الرجل أمامه أقرب إلى كومبارس، يقتصر دوره على تحفيز اللعبة الدرامية، دون أن يكون أحد عناصرها الفاعلين· يشكل دور الفنانة أسمهان، الذي تؤديه النجمة سلاف فواخرجي، تعبيراً دالاً في هذا الإطار، فالمسلسل يتناول سيرة مطربة شهدت حياتها أحداثاً خلافية متعددة، أدركت تداعياتها المسلسل نفسه، حيث اقتضى خروجه إلى الملأ، بعد عقود كثيرة من وفاة صاحبته، مخاضاً صعباً· أسمهان في المسلسل، كما كانت في الواقع، أكثر صخباً، وأبلغ أثراً، وأشدّ حضوراً من رجال كثر أحاطوا بها، وبصورة خاصة من شقيقها الموسيقار الراحل فريد الأطرش الذي لم تساهم مكانته الفنية، ونشاطه الإبداعي المميّز في منحه استقلالية الحضور، بل ظلّ مجرد تابع، من رتبة شقيق، للنجمة المحاطة بالأضواء· لا يقتصر الأمر على أسمهان وحدها، فهناك النجمة يسرا، المرأة التي تتمحور حولها أحداث مسلسل ''في أيدٍ أمينة''، صحفية لامعة تملك قدرة ''سوبرمانية'' على مواجهة عالم من الشر يحيط بها، ويرفع دعائمه رجال خشنون بملامح قاسية، عالم يبدأ من رئيس التحرير(يجسد دوره هشام سليم) ولا ينتهي عند سفلة القوم من قاطني إحدى شعبيات القاهرة التي درج تناولها في الأعمال المرئية مؤخراً· الصحفية الجريئة تواجه خصومها وتسخر منهم، ويكون النصر حليفها دوماً· وفي أجواء مستوحاة من مناخ مماثل، تسير الأحداث في مسلسل ''زهرة النرجس''، الذي اشتق اسمه من مثيله لبطلته (كاريس بشار)، حيث المرأة في صميم الحدث فاعلة ومؤثرة، وأيضاً منتقمة بكفاءة من امتهان الآخرين، الذكور خاصة، لها· يمكن في السياق نفسه إدراج مسلسل ''بنت من الزمن ده''، الذي أسندت بطولته إلى داليا البحيري· يكاد النموذج الأنثوي المتفوق أن يتقاطع مع نقيضه الخاضع لجهة العجز عن إبراز ما في داخل المرأة من سمات إنسانية بالغة الثراء، سمات تشير إليها بذاتها، وليس إلى ما تستوجبه التداعيات الحدية في شأنها بما يحيلها إما تابعاً مستلباً أو كائناً فائق القدرة، وفي الحالين يبحث المشاهد عن جوهر المرأة فلا يجد له (ولا لها) أثراً· وإذا كان الدور التاريخي الذي لعبته أسمهان، سواء على الصعيد الفني أو السياسي، يبرر، من زاوية درامية، تسليط الضوء عليها وتهميش الآخرين، فإنّ إضفاء سمات البطولة على نماذج أنثوية مختلقة لا يجد تفسيره إلا في سياق إرضاء النهم النجومي الذي يتحكم ببعض ممثلات الصف الأول، أو من يفترضن أنفسهن كذلك· أي أنّ الواقعة لا يمكن استيعابها على ضوء التطورات الاجتماعية التي يجدر بالأعمال الدرامية مقاربتها ومعالجتها، وإنمّا فقط بالإستناد إلى مقتضيات الخريطة الفنية، وما تستلزمه من ضرورة تعزيز مكانة بعض مكوناتها البشرية بين الفينة والأخرى· أمام الاختلال الجلي في المشهد يبدو بعض النتاجات الخليجية مثيراً للاهتمام، حيث تظهر المرأة خلالها منسجمة مع واقعها المعيشي ومعبرة عن لحظتها التاريخية، هي تفعل ذلك دون أن تقع في فخ انعدام الفعالية، إنّما تمارس، وبهدوء لافت، حضوراً مؤثراً يسمح لها بتقاسم المشهد الدرامي مع الرجل وفق ندية صارخة، يمثّل البعد عن الافتعال أفضل ما فيها· لعلّ عدم تصنيف الفنانة الخليجية لنفسها بوصفها نجمة تستحق أن تنسج الأعمال الدرامية وفق مقاساتها، هو العامل المؤثر في تحويل حضورها إلى عنصر مضاف في اللوحة الدرامية الراهنة، عنصر كان لأصالة دلالاته أن أظهرت ما تنطوي عليه سائر الألوان الأخرى من خلط وزيف
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©