الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مريم الرميثي: قاومت السرطان بالإيمان والدواء والثبات وأخفيت الأوجاع عن أولادي

مريم الرميثي: قاومت السرطان بالإيمان والدواء والثبات وأخفيت الأوجاع عن أولادي
11 ديسمبر 2009 02:21
أصرت الملازم أول مريم الرميثي على متابعة عملها في عيادة شرطة العين بشكل طبيعي، على الرغم من إصابتها بمرض السرطان.. فتقوّت وقاومت المرض، وكان من حظها أنها اكتشفت الورم مبكرا، إذ كان قد أدركها منذ ثلاثة أشهر حينها، لكنها أخفت الأمر عاماً كاملا عن أولادها. قصة مريم مثال للمرأة الصامدة في كل مكان، لذا تم اختيارها أكثر من مرة لتقديم نموذج للمرأة الإماراتية ضمن حملات توعية، كما شاركت في فيلم عن الناجيات من مرض السرطان أعدته هيئة الصحة في أبوظبي. واختارتها الهيئة هذا الأسبوع نموذجا للمرأة المثابرة. ساهم عمل الرميثي في عيادة شرطة العين، على ترجيح كفة العلم لديها وكسر بعض حياء المرأة المتوارث في عدم التطرق إلى مواضيع تطرأ على جسدها فذهبت للمعاينة والتأكد من طبيعة هذا الورم. كان ذلك في العام 2005، وانتهى القلق في نهاية العام 2007، لتحج مريم هذا العام وتقاوم من أجل إتمام فريضة الحج، لأن للعلاج الكيميائي تأثيراته المتداعية فيما بعد. حملات التوعية تقول الرميثي: «وافقت على المشاركة في فيلم عن مريضات السرطان، وكذلك في حملات التوعية استنادا إلى رغبتي بالإثبات للعام أن المرض ليس عيبا أو حراما نخفيه عن المقربين منا وعن زملائنا في العمل، كما أردت أن أثبت أنني تمكنت من معالجته ولم أصل إلى درجة اليأس والانهيار». لم تتخط الرميثي المرض وحسب، إنما أدهشت كل من حولها، من زملاء في العمل، شاهدوها تتشبث بالحياة والأمل وتقاوم، فتأتي إلى الدوام وتكابر على المرض وعلى العلاج الكيميائي. تقول في ذلك:«كنت أختار موعد العلاج الكيميائي في عطلات الأسبوع، فأرتاح يوما أو يومين بالكثير وأداوم بعدها في العمل، وحين أشعر أنني منزعجة من تأثيرات العلاج، كنت أستأذن المسؤول عني فيسمح لي بالمغادرة إلى منزلي. بعد كل جلسة من العلاج الكيميائي مباشرة، كنت أنهار جسديا فلا أتمكن من النزول من سريري ولا أتمكن من الحركة. وربما ساعدتني شخصيتي وطباعي على مقاومة المرض، إذ أنني أحب الحياة وحين أكون مريضة أو حزينة ليس من عاداتي إظهار ذلك لأي أحد، فأنا انسانة قيادية وهكذا في عملي، ولا أحب أن يراني حتى أولادي مكسورة أو مهزومة. لذا قاومت وربما بالغت في مقاومتي بحيث أنني لم أرحم نفسي، أردت تحدّي المرض». حاجز الخوف هذا لا يعني أن الرميثي لم تتألم، بل هي عانت أشد أنواع الآلام، وهذا لا يعني أن وجهها لم يستقبل دموعها الغزيرة، تقول:«كنت أبكي بحرقة من الألم داخل جدران غرفتي، وكان زوجي إلى جانبي يشجعني ويحثّني على التعبير عن ألمي بالصياح والبكاء، ويرى أن من المفيد إخراج الدمع والتعبير. غير أنني كنت أكتفي بالتعبير داخل جدران غرفتي. ثم أعلنت للأهل والأقارب ولجهة العمل مرضي، كاسرة حاجز الحياء والخوف. تضيف: «بعد مضي عام على العلاج عرف أولادي بما أصابني، وفي البداية فضلت إخفاء الأمر عنهم إلى أن تساءل ابني الكبير عادل عن سبب فقداني لشعري، فقالت له والدتي «إنني فقدته جراء دواء أعطي لي» ويبدو أنه أكثر من أسئلته فوصل إلى الحقيقة ولامنا جميعا على إخفاء الأمر عنه وعن أخوته، معتبرا أن مرضا خطيرا كالسرطان أصاب والدته يجب ألا يتم إخفائه عن الأولاد». وتضيف موضحة: «قبل أن أبدأ بالعلاج، اقتضى مني الأمر الجلوس لوحدي أفكر لأسبوعين، فقد هيأت نفسي في هذه الفترة لكل الاحتمالات ودرست وضعي وماذا علي أن أفعل، ولم أخفي الموضوع بعدها وأخبرت زوجي وأهلي وعملي، غير أنني لا أعرف إلى حد يومنا هذا لماذا فضلت إخفاء الأمر عن الأولاد! على الرغم من أن بعض العوارض ستظهر أمام أعينهم وليس بالوسع إخفاء الأمر». بين العائلة والزملاء لدى الرميثي عدة أبناء تحبهم كثيرا، فهناك صبية اسمها اليازيه (25 سنة) وعادل (23 سنة) ونجيب (19 سنة) ووليد (16 سنة) واحتفلت مؤخرا بعيد ميلاد الصغير. وهي تعبّر عن فرحتها وحبها لأبنائها وابنتها عبر تمسكها بالحياة والفرح، مشيرة إلى أن «العائلة تنظم دوما رحلات يشاركون فيها وسفرات ونزهات متنوعة، وتعتبر نفسها انسانة سعيدة وتعني لها الحياة الكثير». عادت الرميثي قبل اسبوعين من الحج وكانت تشعر بالتعب مع أنها أنهت علاجها وتعافت، غير أن تداعيات العلاج لا تزال تؤثر عليها، تقول: «قاومت كعادتي ولا أزال أقاوم». وفي عودة إلى البدايات، تشير إلى أنها حين خضعت للمعاينة والفحوصات، واكتشف الطبيب أن الورم في صدرها خبيث، أبلغها الأمر من دون أن يقول لها إنه السرطان، وتقول إنها وبكل هدوء ومن دون ردود فعل، سألته «هل تقصد بأنه خبيث أي أنني أعاني من السرطان؟». وتردف أنه أجابها بأنه السرطان وقد كان يفضل ألا يكون من يخبرها بذلك، غير أن هدوءها أدهشه، وعبّر لها عن ذلك، فقالت :»ما هو العلاج؟ فليكن كما أراد الله وعليّ أن أتعالج». تصمت لبرهة ثم تسترسل: «تجهزت لفكرة المرض وللعلاج، تماما كما استعد للوقوف وحمل السلاح، وكنت أتوجه إلى عملي نهارا في عيادة الشرطة حتى لو كنت قد أمضيت الليل مستيقظة من شدة الألم. وتعاون معي الزملاء وكانوا يسألوني أن أذهب إلى منزلي لأرتاح غير أنني لم أشأ أن أنكسر أو أقصر في عملي». مثل أعلى للثبات مقاومة الرميثي للمرض وتشبثها بالحياة وعدم إظهارها معاناتها من الألم والخوف ؛ دفع من حولها لفعل المثل، تقول: «أخبرني زوجي بعد أن تخطيت مرحلة العلاج وشفيت أنه شعر بالخوف الشديد علي، واستغربت لأنه كان يبدو قويا أمامي، وكذلك جميع من أحاط بي كانوا أقوياء، ولا أنكر أنني ربما كنت أحتاج إلى كلمة حنونة أو كلمة تعبر عن خوفهم عليّ، ولكنهم فضلوا أن يكونوا أقوياء حولي، فأنا وإن قاومت بكل قوتي، لكنني عاطفية جدا في داخلي. وقد باحت لي زميلاتي أيضا بأنهن خفن عليّ وفضلن عدم إظهار ذلك أمامي، لا أعرف السبب، ربما لأني أردت أن أبدو أمام الجميع قوية». وحين كانت الرميثي تتلقى العلاج في مستشفى «توام» تعرفت إلى عدد من النساء يعانين مثلها، ومنهن من اضطررن إلى الخضوع لعملية جراحية لاستئصال الثدي، تقول في ذلك: «استغربت من إحدى النسوة اللواتي تعرفت إليهن لأنها أخفت الموضوع عن زوجها، معتقدة أنه سيخاف أو سيضحك عليها حين يسقط شعرها جراء العلاج الكيميائي! اليوم.. تواصل الرميثي رحلة ثباتها متحدية المرض بالإيمان والعلاج والثبات، مصرة على مواصلة عملها وحياتها اليومية متسلحة بأمل الشفاء الدائم. نصائح ثمينة انطلاقا من تجربة الرميثي وما مررت به وما لاحظته على مريضات مصابات بالسرطان، تتوجه بنصائح للمرأة في كل مكان، تقول: إن السرطان أو أي مرض يصاب به الإنسان ليس عارا أو عيبا، وعليها أن تتوجه للفحص الطبي مباشرة ولا تتأخر، فقد ساعدتني الفحوصات الطبية على اكتشاف المرض قبل مرور وقت طويل عليه وهذا من أساب نجاح العلاج، ويفرحني أنه لا يتم تجديد بطاقة الثقة (الضمان) للمرأة إذا لم تجر فحص تصوير الثدي، وهذا يساعد كثيرا في اكتشاف المرض قبل انتقال تأثيره على أنحاء أخرى من الجسد. فكسر حاجز الخجل (علميا) حيال كل ما يتعلق بجسدها، ومعرفة بأن عليها تقع مسؤولية كسر هذا الخجل والتوجه مباشرة لإجراء الفحوصات؛ هو ضرورة لازمة، وعليها إتمام ذلك بشكل دوري حتى إن كانت لا تشعر بأي شيء، أو ابان شعورها بأن ثمة شيء غريب في جسدها مثل الورم. كما أشجع المرأة على مصارحة زوجها وعائلتها لأن معركتها للقضاء على المرض يجب أن تتم بتوعيتهم هم أيضا حول مرض السرطان والوقوف إلى جانبها لمواجهته معا».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©