الأزمة المالية تهيمن على مناقشات الأمم المتحدة

طغت الأزمة الاقتصادية العالمية على مداخلات الجلسة الأولى لاجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة التي افتتحت أمس في مقر المنظمة الدولية في نيويورك· وهيمنت الازمة خصوصا على الكلمة الأخيرة للرئيس الاميركي جورج بوش سعى الى تقليل المخاوف بشأن الأزمة معربا عن ثقته من أن ضخ 700 مليار دولار لإنقاذ وول ستريت سيصدر قرار بشأنه ''في الوقت العاجل المطلوب''·وفضلا عن الازمة التي ركز عليها ايضا الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فقد فتح بوش النار في كل الاتجاهات، داعيا العالم للاتحاد في محاربة التطرف والإرهاب متهما سوريا وايران برعاية الارهاب وطالب بفرض عقوبات على إيران وكوريا الشمالية بسبب برنامجيهما النوويين· وأكد الرئيس الاميركي أمام اكثر من 120 من رؤساء الدول والحكومات، أن إدارته والكونجرس الاميركي سيعملان على إقرار خطة انقاذ ضخمة للقطاع المالي ''بالسرعة المطلوبة''· وقال في خطابه الوداعي أمام الجمعية العامة للامم المتحدة ''اؤكد لكم أن ادارتي والكونجرس الاميركي يعملان معا· وانا على ثقة اننا سنتحرك في الاطار الزمني الضيق'' للجم الازمة · وفي شأن الارهاب قال بوش ''بدلا من التعامل مع جميع أشكال الحكم على أنها يمكن التسامح معها على حد سواء فإن علينا أن نتحدى ظروف الطغيان واليأس التي تسمح للإرهاب والمتشددين أن ينتعشوا· وتابع قوله إن دولا مثل سوريا وإيران ''مازالت ترعى الإرهاب·· ولكن عدد (هذه الدول) يتراجع وصارت أكثر انعزالا عن العالم·'' ودعا الأمم المتحدة لفرض عقوبات على إيران وكوريا الشمالية بسبب برنامجيهما النوويين· ودعا بوش أيضا الأمم المتحدة إلى دعم جورجيا مجددا تأييده للجمهورية السوفيتية السابقة التي غزتها روسيا بعدما حاولة جورجيا استعادة السيطرة على إقليم أوسيتيا الجنوبية المنشق المؤيد لموسكو·وقال ''علينا أن نبقى موحدين في دعمنا الشعب الجورجي''· واضاف أن ''شرعة الامم المتحدة تنص على المساواة في حقوق الدول، كبيرة كانت أم صغيرة· ان اجتياح جورجيا لروسيا شكل انتهاكا لهذه العبارة''· من جانبه دعا الامين العام للامم المتحدة قادة العالم الى تشكيل ''قيادة عالمية'' لمواجهة الازمات التي يعاني منها العالم عبر تجاوز المصالح القومية الضيقة· وقال في خطابه في افتتاح اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة ''ثمة خطر من تقوقع الدول على نفسها بدلا من النظر باتجاه مستقبل مشترك''· واذ عدد التحديات التي يواجهها العالم، من ازمات مالية وغذائية وفي مجال الطاقة اضافة الى تعثر المفاوضات التجارية المتعددة الطرف والاحتباس الحراري، اكد بان العالم يواجه حاليا تحديا يتمثل في غياب ''قيادة عالمية'' لمواجهة هذه الازمات· اما الرئيس الفرنسي فقد اقترح في خطابه، إنشاء ''فضاء اقتصادي مشترك يجمع بين روسيا واوروبا''· وقال ساركوزي بوصفه الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي، ''لانها تريد السلام تتوجه اوروبا الى روسيا لتقول لها انها تريد ان تقيم معها علاقات تضامن، انها تريد ان تبني معها مستقبلا مشتركا، انها تريد أن تكون شريكة لها· لماذا لا نبني على مستوى القارة باكملها، فضاء اقتصاديا مشتركا يجمع بين روسيا واوروبا''· واوضح خلال مؤتمر صحافي عقب القاء خطابه ''ان الفضاء الاقتصادي المشترك يتجاوز الشراكة الاستراتيجية التي نتحدث عنها حتى الان، غير انه ادنى من السوق المشتركة''· واضاف ساركوزي ''اعتقد كما كنا فعلنا اصلا في اوروبا، انه يمكننا ان نتصالح وارساء السلام بفضل الاقتصاد· لماذا لا نتصور حدوث ذلك مع روسيا؟''· وتابع ''اذكركم بان روسيا تبيعنا 80 % من منتوجها من الطاقة وان ما تبيعنا اياه يمثل 40 % من حاجاتنا (من الطاقة)· الا يشكل هذا فضاء ممتازا للتعاون والعمل المشترك؟''· غير أن ساركوزي ذكر روسـيا بان اوروبا لا يمكنها ان ''تساوم بشأن مبدأ سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها واحترام القانون الدولي''· وقال إن ''اوروبا لا تريد الحرب الباردة· اوروبا تريد السلام· والسلام ممكن دائما عندما نريد ذلك'' واضاف ''وهي تقول للدول كلها انه لا يسعها القبول باللجوء الى القوة لتسوية الخلافات''· واقترح ساركوزي عقد قمة عالمية في نوفمبر المقبل لبحث سبل تفادي تكرار أخطر أزمة مالية منذ ثلاثينات القرن الماضي وبحث العبر الواجب استخلاصها منها، وقال ''يجب ان نعيد معا بناء رأسمالية مقننة منتظمة لا تترك فيها مساحات كاملة من النشاط المالي رهن تقدير متعاملي السوق وحدهم، وحيث تقوم المصارف بعملها· فعمل المصارف هو تمويل النمو الاقتصادي وليس المضاربة'