الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة سعف النخيل تناضل للبقاء في مواجهة البدائل العصرية

صناعة سعف النخيل تناضل للبقاء في مواجهة البدائل العصرية
1 يوليو 2010 21:08
تعتبر مصنوعات ومنتجات سعف النخيل من أقفاص وأثاث وديكور من الحرف الشعبية البديعة المتوارثة في الريف المصري منذ عهد الفراعنة، إلا أنها في السنوات الأخيرة باتت تقاوم من أجل البقاء في ظل اتجاه كثير من الناس لبدائل عصرية أخرى كالبلاستيك والألمونيوم وتراجع أعداد العاملين بالحرفة مما جعلها عرضة للانقراض رغم توفر المواد الخام اللازمة لانتشارها وبأسعار زهيدة حيث توجد في مصر نحو 9 ملايين نخلة. يقتصر وجود مهنة تصنيع منتجات سعف النخيل على عدة مناطق معروفة بالاسم في دلتا وصعيد مصر، مثل «كفور العايد والشادر وأيوب» بالشرقية وقرية «دنديط» في الدقهلية و»العجميين» بالفيوم و»رشيد» بالبحيرة و»الواسطى» ببني سويف و»كوم امبو» بأسوان تمر بعدة مراحل قبل أن يصبح سعف النخيل سلعة جاهزة للبيع، وفق جعفر عبدالخالق (47 سنة) من قرية «كفور العايد» بالشرقية. مراحل التصنيع عن خطوات تصنيع منتجات سعف النخيل، يقول عبدالخالق «يتم أولا تجميع السعف وتقطيعه وفقا لمقاسات محددة حسب طبيعة المنتج المراد تصنيعه سواء أقفاص للدجاج أو للفاكهة وقطع الأثاث المنزلي والديكور في القرى السياحية ثم النقع في الماء لمدة يومين وبعدها يتم تنظيف قطع الجريد وإزالة القشرة الخارجية قبل أن تترك أربعة أيام على الأقل لتجف ثم تبدأ مرحلة التخريم (ثقب الجريد) ثم التجميع النهائي والعرض للبيع». ويضيف أن الصانع يعتمد في كل المراحل على قوته العضلية والذهنية إلى جانب معدات بدائية بسيطة هي منشار يدوي ومقص و»قرمة» خشب ومطارق، مشيرا إلى أن متوسط سعر القفص المستخدم في تعبئة الفاكهة 5 جنيهات في حين تخضع منتجات الأثاث مثل الكراسي والمناضد للمساومة فلا يوجد سعر ثابت وغالبا ما ينتقد الزبون من الأسعار ولا يفكر بالجهد المبذول في المنتجات وعموما متوسط سعر الكرسي المصنوع من جريد النخيل يصل لنحو 60 جنيها والمنضدة إلى 35 جنيها. ويلفت إلى أن غلاء أسعار الأثاث المصنوع من الأخشاب دفع بعض الشباب من المقبلين على الزواج إلى تفضيل شراء غرفة الطعام والصالون المصنوعة من جريد النخيل مع دهانه بالورنيش وكسوته بمفروشات يدوية. وتكاد هذه المهنة أن تكون قاصرة على الرجال رغم أن المرأة تعاون زوجها في حرفته، وذلك لأن المهنة شاقة وبحاجة إلى مجهود عضلي وذهني كبير، وهو التفسير الذي يرجحه أحمد عبدالله (26 سنة)، الذي يحترف تلك المهنة رغم أنه تخرج قبل 8 أعوام في المدرسة الثانوية الصناعية قسم كهرباء، ولكنه فضل أن يظل إلى جانب والده. ويؤكد أن كل مرحلة في تلك المهنة تحتاج إلى مجهود عضلي كبير لاسيما المتعلق منها بتخريم عيدان الجريد وهذا يصعب على المرأة. ويوضح أن الصانع الماهر ينتج في المتوسط قرابة 30 قفصا أو 3 مقاعد في اليوم الواحد، مشيرا إلى أنهم لا يعملون طوال أيام العام ولكن حسب» الطلبية» وهي في الغالب تصنيع أقفاص من التي تستخدم في تعبئة الفاكهة والدواجن أيضا، أما «الطلبية» التي تذهب إلى القرى السياحية تكون في فصل الربيع كي تلحق بالموسم الصيفي حيث يحلو للسياح استعمالها خاصة المقاعد. المهنة في خطر يطلق المصريون لفظ الجريد (بكسر الجيم) على سعف النخيل، وهو ما يرجعه، فهمي الأشرف (65 سنة) أحد شيوخ المهنة بالشرقية إلى وصف الإنسان منذ القدم، للأشياء وفقا لتعامله معها وفى حالة النخيل تتم عملية تجريده من السعف سنويا كي يتاح للنخلة إنتاج التمر بكثافة. ويقول «أعمل في هذه المهنة منذ طفولتي وورثتها عن والدي وجدي، فهي مهنة عائلية لقلة عائدها المادي». ويؤكد أن البعض قد يعتقد خطأ أن صناعة الجريد يسهل تعلمها في أي وقت من العمر ولكن من فاته تعلمها في الصغر يصعب عليه أن يتقنها في الكبر حتى لو أراد ذلك لاسيما في مرحلتي التقطيع والتجميع. ويشير إلى أن السن المناسبة لتعلمها تتراوح من 7- 10سنوات حيث يمضي الطفل العام الأول في المشاهدة ونقل أعواد الجريد وسكب الماء عليها، قبل أن يعهد إليه بالمساعدة في عملية «تخريم الجريد» وبعدها بعامين من الممكن حسب مهارته أن يقوم بمراحل أخرى إلى أن يتقن المهنة. ويوضح الأشرف، الذي أمضى أكثر من 50 عاما في المهنة، أن أهم مرحلتين للحكم على الصانع الماهر قدرته على التقطيع والطرق على الجريد والتي تختلف باختلاف طبيعة النخلة التي اقتطع منها والفترة التي تشبع خلالها بالماء وتعرض للشمس والهواء، مبينا أن جريد النخل من صنف «الحياني» يختلف عن «السيوي» و»الأمهات» وكذلك في الأسعار التي يباع بها الجريد حيث تباع الألف جريده من النخيل السيوي بـ600 جنيه فى حين تباع نفس الكمية من الحياني بـ700 جنيه والأخير يمتاز بالتحمل ولهذا يفضل استخدامه في صناعة المقاعد والمناضد. ويؤكد الأشرف أن المهنة تواجه خطرا بسبب تفضيل الأهالي شراء المنتجات المصنوعة من البلاستيك والصاج والخشب بدلا من جريد النخيل، ما أدى إلى تراجع عوائدها المادية وتاليا ترك الكثير من حرفييها العمل بها بحثا عن الرزق الوفير والاستقرار والأمان الاجتماعي لاسيما وأنه ليست هناك نقابة أو جهة ترعى هؤلاء العاملين. يقول إنه من الممكن أن تعود هذه المهنة على الاقتصاد الوطني بعوائد وفيرة من تصدير تلك المنتجات لدول أوروبا وأميركا بأسعار مرتفعة تتناسب مع الجهد والتعب في صنعها وبالتالي يعود من جديد الإقبال على تعلم وإتقان تلك المهنة فهي أفضل من البطالة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©