الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشـورى

الشـورى
24 سبتمبر 2008 22:52
أكد الإسلام على الشورى وأهميتها وضرورتها للدولة وللمجتمع ونص عليها القرآن الكريم في محكم آياته وطبقها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في سيرته ومن بعده الصحابة رضوان الله عليهم واعتبرها الفقهاء أصلاً من أصول الشريعة الإسلامية الغراء· يقول الدكتور جعفر عبد السلام - أستاذ القانون الدولي-: يقصد بالشورى النظام الذي يجب أن يطبق في الدول الإسلامية وهو يعني أن الحاكم أو ولي الأمر، وكل من ولي ولاية عامة يجب أن يستطلع رأي المسلمين فيما يعرض عليه من مهام· ووصف الله سبحانه وتعالى المسلمين بالشورى في قوله: ''وأمرهم شورى بينهم ''الآية ·38 وهناك سورة كاملة في القرآن الكريم تحمل اسم ''الشورى'' · كما أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بمشاورة أصحابه في سورة آل عمران حيث يقول جل شأنه: ''فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ''آل عمران الآية ·159 ويضيف أن الشورى تحقق أهدافا إسلامية عديدة، منها إحساس المسلمين بأنهم يديرون شؤونهم والاستفادة برأي النخبة فيما يحدث، لذا كان الرسول- صلى الله عليه وسلم - يشاور أصحابه، وكثيرا ما نزل على رأي بعضهم حتى وإن خالف رأيه، كما حدث في اختيار مكان غزوة بدر، وكما حدث في اختيار المكان الذي يحارب منه المسلمون في غزوة أحد، وكذا في طريق معاملة الأسرى بعد غزوة بدر، وفي كثير من شؤون الحكم والإدارة والحرب· وهناك أحاديث كثيرة تحث على الشورى والنصح منها عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ''ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ''رواه الترمذي في سننه· وعن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - قالت: ''قـال رسـول الله -صلى الله عـلـيـه وسـلـم-: إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق: إن نسى ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله غـير ذلك جعل له وزير سوء: إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه ''رواه أبو داود· عن تميم الداري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: ''لله، ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم''صحيح مسلم· ويشير إلى ان الخلفاء الراشدين اقتدوا - بالرسول الكريم في استخدام الشورى في أمورهم ومما يذكر أن الخليفة عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - جعل الشورى مبدأ أساسياً في إدارته والمتتبع لسيرته يجد الكثير فيها من الشورى فقد عمد إلى تكوين مجلس للشورى حيث ذكر ابن الجوزي في سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - انه ''دعا عشرة نفر من فقهاء البلدة فقال:''إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه، أعواناً على الحق ما أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو يبلغكم عن عامل لي ظلمه فبالله على أحد بلغه ذلك إلا أبلغني''· فجزوه خيراً وافترقوا· وأوضح د·جعفر ان الشورى من أهم الأسس التي يقوم عليها نظام الحكم في الإسلام، وهي تقابل بشكل أو بآخر، النظام الديمقراطي الذي يطبق في الدول الغربية، وإن ظل النظام الإسلامي يختلف اختلافا بينا عن النظام الغربي· ويبين أهل الشورى في الإسلام هم النخبة المتميزة عقلا وبلاء في خدمة الدين الحنيف، ومن لديهم القدرة على فهم الأحداث وحل مشكلات المسلمين، وهذه النخبة يطلق عليها اصطلاحا ''أهل الحل والعقد ''وهم يختارون الخليفة أو ولي الأمر، ويقومون بالاجتهاد معه لحسم المشكلات· وقد وصف الله سبحانه وتعالى دورهم المكمل لدور الخليفة أو ولي الأمر بقوله: ''وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم''· النساء الآية ·83 فأهل الشورى هم رأس المجتمع الإسلامي، والفئة القادرة على الاجتهاد، وتقدير مصالح الأمة، لذا فهم ركن ركين من نظام الشورى· ويوضح أن أهل الشورى يختلفون عن الذين لهم حق الانتخاب والترشيح وفقاً للأنظمة الحديثة، إذ عادة ما يكتفي القانون في المرشح إجادة القراءة والكتابة فحسب، وهو شرط لا يجعل مثل هذا الشخص قادرا على تصريف الأمور، ورقابة الحكومة، والإسهام في وضع التشريعات· ولا يستبعد النظام الإسلامي بقية أفراد الشعب من المشاركة في تسيير أمور الدولة، ويعطيهم جميعاً الحق في ''البيعة ''وهو حق يجعل الخليفة غير شرعي إذا لم يبايعه المسلمون، وعلى كل المسلمين رقابة الحاكم المسلم وتقويمه ونصحه إن رأوا فيه أي اعوجاج، كما كان ولاة الأمور والخلفاء يطلبون دائما من المسلمين· ويؤكد الدكتور جعفر أنه لم ينص القرآن الكريم ولا سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أساليب معينة لممارسة الشورى، ومن ثم فقد ترك الباب واسعاً للمسلمين ليقرروا الأسلوب الأمثل بالنسبة لكل زمان ومكان· واتجه بعض العلماء والفقهاء إلى أنه طالما أن الشورى واجبة، فإن كل ما يوصل إليها يأخذ حكمها أي الوجوب، وبالتالي فإذا كان يصعب جمع علماء الأمة وحكمائها في مكان واحد لمشاورتهم، فإن الأخذ بالنظام النيابي، أي تمثيل الأمة في مجلس منتخب من الشعب يقبله الإسلام طالما لم توجد وسيلة أخرى تحقق الشورى· ولولا أهمية هذا المبدأ في الإسلام ما قرن بالصلاة والزكاة في قوله تعالى:''والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ''سورة الشورى الآية 38
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©