الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معجزة الإسراء والمعراج

معجزة الإسراء والمعراج
1 يوليو 2010 21:32
إن معجزة الإسراء والمعراج تدل على تكريم الله تعالى لرسوله وعبده محمد- صلى الله عليه وسلم- ولقد سجل هذا التكريم في القرآن الكريم في مفتتح سورة الإسراء، حتى تبقى هذه المأثرة لا تندرس، ولا تزول ذكراها، ولا يضعف تأثيرها، يتعبد الناس بتلاوتها حتى يقوم النّاس لربِّ العالمين، قال الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}(سورة الإسراء، الآية1). واجتمع الأنبياء- عليهم السلام- لرسولنا محمد- صلى الله عليه وسلم- في بيت المقدس، يستقبلونه بحفاوة وتكريم في السماوات، ويأتمون به في المسجد الأقصى المبارك. وفي هذه الرسالة الإسلامية يتجسد التكامل الذي أراده الله تعالى بين رسالات الأنبياء، منذ آدم إلى محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام، ويتأكد أنها الرسالة الخاتمة للرسالات السماوية، وهي الكلمة الأخيرة التي وجهها العلي الأعلى جلَّ علاه إلى الثقلين: الإنس والجن، إلى أن يقوم الناس? لربِّ العالمين. فالإسراء في حقيقته أمر خارق للعادة، جعله الله تعالى معجزة لنبيه خاصة به، قاصرة عليه، ثبّت الله بها فؤاده على الحقِّ، وشدّ أزره للنهوض بالدعوة الإسلامية، لا يخاف في الله لومة لائم، مستيقنا أن الذي طوى له الأرض في جزء من الليل، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وإننا نعيش في هذه الأيام في ظلال أيام كريمة من شهر رجب، فبعد أيام قليلة تطل علينا ذكرى الإسراء والمعراج، هذه الذكرى الطيبة العظيمة التي تعتبر من المعجزات، والمعجزات جزء من العقيدة الإسلامية، إنّها ذكرى الإسراء والمعراج، ذكرى المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى،? وأحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، وهذه مكرمة اختص الله بها نبيه الكريم محمداً- صلى الله عليه وسلم-، والإسراء والمعراج ثابت بالقرآن الكريم وبالأحاديث الصحيحة المتواترة عن الرسول- عليه السلام-. ولقد جاءت حادثة الإسراء والمعراج بعد وفاة زوج الرسول خديجة-رضي الله عنها- التي كانت تروح عن قلبه الهموم والأحزان، كما وأن القدر أبى إلا أن يكمل قضاءه، فمات عمه أبو طالب في نفس العام الذي عرف بعام الحزن، وأصبح الرسول عليه السلام بعد موتهما في مكة وحيداً، لا يجد أنيساً يسليه داخل البيت، ولا نصيراً يحميه خارجه، فكانت رحلة الإسراء والمعراج تكريماً من الله لرسوله الكريم كي يخفف عنه ما قاسى من آلام وإنَّ الله مع عباده المتّقين. وقد كان الإسراء إلى بيت المقدس دون غيره من الأماكن، لما شرفه الله تعالى به من بعثات الأنبياء السابقين، وزيارات الرسل جميعاً له، ولإقامة أكثرهم حوله، وصلاتهم جميعاً فيه، وإنَّ الله قد بارك البلاد حوله بنصِّ الآية القرآنية (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)، فالمسجد الأقصى والكعبة شقيقان، حيث يقول عليه السلام: (لا تشدّ الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)(أخرجه البخاري)، فالقدس لها أهمية في تاريخ المسلمين، فلقد رغّب الله السكنى فيها لما ورد في الحديث القدسي: (قال الله عزّ وجلّ لبيت المقدس: أنت جنتّي وقدسي، وصفوتي من بلادي، من سكنك فبرحمة مني، ومن خرج منك فبسخط مني عليه) (فضائل القدس ص95)، والله عز وجل اختارها مسرى لرسوله الكريم، كما اختارها من قبل مستقر الخالدين من إخوانه الرسل الكرام، ففيها قبور الأنبياء والصالحين كما أنها مهد النبوات ومهبط الرسالات. فمن هنا نعلم سبب اختيار الله تعالى بيت المقدس ليكون توأماً خالداً لمكة، فهو قبلة المسلمين الأولى، وهو أرض المحشر والمنشر، كما جاء في الحديث عن ميمونة بنت سعد قالت: (يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، فقال: أرض المحشر والمنشر)(أخرجه ابن ماجه)، كما أنَّ الرسول الكريم يأمرنا بالبقاء في بيت المقدس حين الابتلاء ونزول المصائب، لما ورد في الحديث الشريف أنَّ أحد الصحابة-رضوان الله عليهم- سأل الرسول عليه الصلاة والسلام قائلاً: يا رسول الله أين تأمرنا إن ابتلينا بالبقاء بعدك؟ فقال عليه السلام: (عليك ببيت المقدس، فلعلَّه ينشأ لك بها ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون)(أخرجه أحمد بن حنبل). كما روي أن المسجد الأقصى هو ثاني المساجد لما ورد في الحديث عن أبي ذر- رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع على الأرض، فقال: المسجد الحرام، فقلت: ثم أيّ، قال: المسجد الأقصى، وقلت: وكم بينهما؟ قال: أربعون عاماً)(أخرجه البخاري)، وللمسجد الأقصى ارتباط وثيق، بعقيدتنا، وله ذكريات عزيزة وغالية على الإسلام والمسلمين، فهو مقر للعبادة، ومهبط للوحي، ومنتهى رحلة الإسراء، وبدء رحلة المعراج. إنَّ هذه المعجزة تظهر العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد الأقصى بالقدس، هذه العلاقة الإيمانيَّة حيث ربط الله بينهما برباط وثيق، فالمسجد الأقصى هو قبلة المسلمين الأولى، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين بالنسبة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. نعم إنها رحلة الإسراء والمعراج، كانت حدثاً فذاً لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية في جميع مراحلها، كيف لا؟ وهي معجزة من المعجزات الخالدة، وإن هذا الحدث الفريد يوحي بالوحدة والقوة والثبات، وصدق الله العظيم: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}(سورة آل عمران، الآية103). كما وأنَّ الله عزَّ وجلَّ وعد المرابطين في بيت المقدس خير الجزاء إذا ما التزموا بشريعته، حيث يقول عليه السلام: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظافرون)، وفي حديث أبي أمامة قيل: يا رسول الله وأين هم؟ قال: (هم ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) (أخرجه أحمد بن حنبل). إن المسجد الأقصى المبارك هو أولى القبلتين حيث استقبله الرسول عليه الصلاة والسلام والمسلمون معه لمدة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، وهو ثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين. إنَّ الله عز وجل قد ربط بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام برباط وثيق، فلماذا يمنع الفلسطينيون من الوصول إلى مسرى نبيهم للصلاة فيه كي تكتحل عيونهم برؤية المسجد الأقصى المبارك؟! هذا المسجد الذي باركه الله وبارك البلاد التي حوله. وليعلم الجميع أن الباطل مهما قويت شوكته وكثر أعوانه لا بدَّ له من يوم يخر فيه صريعاً أمام قوة الإيمان: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ}(سورة الرعد، الآية 17). الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©