الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الوهاب عبدول: الشريعة الإسلامية تشكل نظاماً قانونياً قائماً بذاته

عبد الوهاب عبدول: الشريعة الإسلامية تشكل نظاماً قانونياً قائماً بذاته
1 يوليو 2010 21:32
أكد المستشار الدكتور عبد الوهاب عبدول رئيس المحكمة الاتحادية العليا أن الشريعة الإسلامية تشكل نظاماً قانونياً قائماً بذاته، خاصة وأن الشريعة، بما تحتويه من أسس كلية ومبادئ قانونية عامة مستمدة من الدين الإسلامي، قادرة - مثلها مثل غيرها من الأنظمة القانونية- على إيجاد الحلول القانونية التفصيلية لكل متطلبات حركة الحياة اليومية، مما يجعلها- وبحق- نظاماً قانونياً متكاملاً قائماً بذاته، تتجاور مع غيرها من الأنظمة القانونية الكبرى في العالم. وهي تعتمد في ذلك على سعة أسسها العامة، وشمول خصائصها، وديناميكية مصادرها. جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها المستشار عبد الوهاب عبدول في المركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، مساء الاثنين الماضي بعنوان «الشريعة الإسلامية كنظام قانوني يتجاور مع غيره من الأنظمة القانونية في العالم» وقدم لها الإعلامي عبدالله المر الزعابي المذيع في تليفزيون أبوظبي. وأكد سمو الشريعة الإسلامية على غيرها من الأنظمة القانونية الأخرى، لافتا إلى المشكلات والمآزق القانونية لدى عديد من تلك الأنظمة في أمور محورية في حياة البشر مثل قضايا الأحوال الشخصية والزواج والطلاق، وهو ما يستلزم جهدا مضاعفا من جانب أصحاب الشريعة الإسلامية للتعريف بقوتها وتكاملها قياساً بغيرها من الشرائع والقوانين في العالم. الاختلاف حتمية بشرية وقال المستشار الدكتور عبد الوهاب عبدول رئيس المحكمة الاتحادية العليا إن الاختلاف حتمية بشرية فرضها اختلاف الناس في أديانهم ومللهم ونحلهم، وتنوع مصالحهم السياسية والاقتصادية والتجارية. وأضاف «ما لم ينظر إلى العلاقة بين الأنظمة القانونية المختلفة على أنها علاقة تجاور، مهما اختلفت في أسسها أو خصائصها أو مصادرها، وأنها جميعاً تهدف إلى تحقيق العدالة، فإن التصادم القانوني بين الأنظمة القانونية سوف يبقى قائماً ومحتملاً.» ولفت إلى ما حدث قبل سنتين وتحديداً في مارس 2008 ، حين اجتمع في أبوظبي رؤساء اثنتين وثلاثين محكمة عليا يمثلون كافة الأنظمة القانونية الكبرى في العالم لمناقشة مواضيع مختلفة تناولت التحديات التى تواجهها العدالة في القرن الأول من الألفية الثالثة، مشيرا الى أن موضوع الشريعة الإسلامية كنظام قانوني يتجاور مع غيره من الأنظمة القانونية الكبرى في العالم وكان أحد تلك الموضوعات. وأوضح أن هذا الموضوع قد حظي بنقاشات حادة خاصة عند صياغة مشروع الإعلان الختامي للمؤتمر، مشيرا الى أن الإعلان لم يقَّر أن الشريعة الإسلامية نظام قانوني يتجاور مع غيره من الأنظمة فحسب، بل أقر بوجود أحكام في الشريعة الإسلامية تتناسق مع الأنظمة القانونية الأخرى. وقال إن هذا الموقف يطرح التساؤل، ليس عن السبب الذي يجعل بعض أكبر رجال القضاء في العالم يترددون في الإقرار صراحة بصلاحية الشريعة الإسلامية لأن تكون نظاما قانونيا يتجاور مع غيره من الأنظمة القانونية الكبرى في العالم، وإنما عن مدى قدرة قواعد وأحكام هذه الشريعة لأن تقدم نظاما قانونيا يتجاور مع غيره من الأنظمة القانونية الأخرى. وبين عبدول أن هذا التساؤل الأخير هو صلب موضوع المحاضرة، مشيرا الى أهمية تحديد معاني المصطلحات التي وردت في عنوان المحاضرة بشكل دقيق، وهي (تجاور الشريعة مع غيرها من الأنظمة القانونية، الشريعة الإسلامية، التجاور، النظام القانوني). التجاور والتنافر وذكر عبدول أن تجاور النظم القانونية، يعني تماثلها وتساويها من حيث قدرتها على إشباع الحاجات القانونية للمخاطبين والخاضعين لأحكامها. موضحا أنه لا يشترط للقول بتوافر التجاور، أن تتماثل النظم القانونية جميعها تماثل انطباق، أو أن تتساوى في أحكامها تساوي الميزان. بل يكفي أن يكون التماثل أو التساوي في الأسس الكلية دون التفصيلات الجزئية، وفي الأهداف دون الوسائل. فالوفاء بالعهد، وتنفيذ العقود بحسن نية، وأصلية براءة الإنسان، ومساواة البشر جميعاً، تعد من الأسس الكلية لأي نظام قانوني. كما أن تحقيق العدل والمساواة، والأمن والسلامة، والتنمية والرفاه، أهداف رئيسة لأي نظام قانوني. وأوضح أن من أمثلة التنافر أو التضاد مع الأنظمة القانونية الأخرى، أن تأتي شريعة ما لتُعطي لأتْباعها صفة الإنسان، وتُضْفي على من عداهم صفة الحيوان. أو تقضي شريعة أخرى بجواز أخذ مال الغير خلسة أو تدليساً أو غصباً وتعتبر هذا الأخذ مصدراً للملكية. أو عندما يقضي نظام قانوني ما بجواز قتل الأجنبي... إلخ. وذكر، في المقابل، أن الوفاق بين الأنظمة يكون قائماً إذا كان أحدها يَعتَبرُ البلوغ معياراً لِسن المسؤولية الجنائية الكاملة، بينما يعتبر الثاني بلوغ الإنسان سنة معينة هو المعيار لبلوغ سن المسؤولية الجنائية «الرشد الجنائي» ويُعتبر الوفاق قائماً كذلك حينما تقرر شريعة ما أن المضرور يستحق تعويضاً عن الضرر، لكنها تقّدر هذا التعويض بمبلغ محدد، بينما تترك شريعة أخرى تقدير التعويض الجابر للقاضي، فالشريعتان تتفقان على أن المضرور يستحق التعويض. المحظور والمباح وفسر رئيس المحكمة الاتحادية العليا مصطلح «النظام القانوني بقوله» مجموعة القواعد القانونية الموضوعية والإجرائية، التي تبين الحقوق والواجبات وتحصر المحظور والمباح من الأفعال والأقوال، وتحدد وسائل الإثبات، وتَعَّينْ المحاكم المختصة بنظر المنازعات، وترسم إجراءات رفع ونظر الدعاوى والمطالبات القضائية وإصدار الأحكام فيها وتنفيذها وطرق الطعن عليها، - تشكل – ما يُعرف في علم القانون بـ «النظام». وأوضح أنه متى أوردت أية ديانة أو شريعة مثل هذه القواعد فإنها تصلح لأن تكون نظاماً قانونياً قائماً بذاته. ولا يشترط لاعتبار مجموعة القواعد القانونية تلك نظاماً قانونياً، أن تأتي على ذكر كل التفاصيل الجزئية للموضوع محل التنظيم، بل يكفي أن يورد النظام القواعد العامة والأصول الكلية للموضوع ويترك التفاصيل والجزئيات لقواعد قانونية أخرى مساوية لها أو أدنى منها في الدرجة والقوة. وأكد عبدول أنه لا أهمية – للقول بوجود نظام قانوني – أن تكون قواعد النظام متفقة مع القواعد المماثلة لها في أنظمة قانونية أو شرائع أخرى. فلا يشترط مثلاً أن يكون نظام إجراءات التقاضي في القوانين اللاتينية متفقة في كل تفاصيلها مع مثيلتها في القوانين الانجلو ساكسونية أو أن يكون نظام الإثبات الجنائي في الشريعة الإسلامية متفقا مع تفاصيل قواعد ذات النظام في الشريعة اللاتينية... وخلص في ختام المحاضرة إلى أن الشريعة الإسلامية تشكل نظاماً قانونياً قائماً بذاته، مؤكدا قدرتها على إيجاد الحلول القانونية التفصيلية لكل متطلبات حركة الحياة اليومية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©