الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا تحاربني؟

23 أغسطس 2016 22:01
ليس هناك أبشع من الحرب، فهي لا تأكل الأرض وتأتي على البنيان، بل تدمر الإنسان، تسلبه أجمل وأروع ما فيه، ومن أجمل ما قرأت في الحوار بين متحاربين ذلك الحوار الإنساني من نزار قباني.. ليس في نيّتي أن أناقشك أو أحاسبك ولكنّي أكتفي بسؤالك: هل أنت سعيد بما فعلته؟ هل ساعدك هدم بيتي على تعمير بيتك؟ وهل أدّى موتي إلى إطالة حياتك؟ إذا كان موتي قد حقق لك ربحاً، فأنا مستعد أن أموت مرّة ثانية... وثالثة... ورابعة... وعاشرة... حتّى تصير حياتك أطول وأجمل. وإذا كان جوع أطفالي قد أدّى إلى شبع أطفالك، فإنّي أعتبر التعويض عادلاً... ولكن جردة سريعة لحساب هذه الحرب تثبت أنّ خسارتك كانت تعادل خسارتي... وموتك بحجم موتي. في هذه الحرب يا عزيزي المسلّح، تساوينا في الهزيمة... وتساوينا في عدد قبورنا... وعدد موتانا... فهل كانت المساواة التي كنّا نحلم بها أن أسلّمك جثّة وتسلّمني بالمقابل جثّة؟ وبدلاً من أن يزداد عدد أولادي... وعدد أولادك... ويكبر الوطن... قرّرنا أنت وأنا أن نقطع ذرّية هذا الوطن... ونذبح كلّ أطفاله ونرميهم في البحر... أرجو أن لا تتصوّر أن مستقبلك لا يشغل بالي... إنني دائم التفكير بك... ماذا ستعمل؟ أين ستعمل؟ كيف ستعمل؟ أيّ مهنة تستطيع بعد اليوم أن تستوعب طموحك؟ كيف ستتعامل مع أصدقائك وصديقاتك وأساتذتك ورؤسائك؟ لقد أعطتك الحرب العبثيّة سلطة استثنائية تتجاوز سنّك ومواهبك وثقافتك وإمكانيّاتك... أعطتك سلطة المعدن البارد... وبهذه «السلطة المعدنيّة» استطعت أن تقلب كلّ المعادلات وتلغي الحدود بين الممكن واللا ممكن... والشرعيّ واللا شرعيّ... وتقول للشيء كن فيكون!!.. وما يشغل بالي هو هل بوسعك أن تنسى بسهولة «سلطتك المعدنيّة» التي أعطتك إيّاها البندقيّة... وتعود إنساناً سويّاً مثلنا؟! هل بوسعك أن تصغي إلى محاضرة في الجامعة إن كنت طالباً؟.. وتستقبل الناس ببشاشة ورحابة صدر إن كنت موظّفاً؟.. وتحترم قوانين المرور إذا كنت تقود سيّارة؟.. وتقف بالطابور كالآخرين أمام السينما للحصول على تذكرة؟.. ثمّ هل سيكون بوسعك يا عزيزي المسلّح بعد الحكم المطلق، أن تتكلّم بهدوء مثلنا... وتبتسم مثلنا... وتردّ على الهاتف مثلنا... وتعشق امرأة مثلنا... وتتعشّى معها على ضوء الشموع مثلنا... وتوصلها لمنزلها بعد العشاء؟؟؟؟ عزيزي المسلّح: إنّ كرسيّك على المائدة لا يزال خالياً... فاترك بارودتك خارج الغرفة... واجلس معنا... فلدينا خبز كثير... وحبّ كثير... وقصائد جديدة سأنشدها لك عندما نلتقي... رضا حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©