الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سماء الصباحي: واقعيتي مطعمة بالمتخيّل

سماء الصباحي: واقعيتي مطعمة بالمتخيّل
24 سبتمبر 2008 23:34
سماء علي الصباحي صوت سردي قدّم نفسه بشكل مميّز في وسط الكاتبات اليمنيات الحديثات، من خلال مجموعتيها ''اختيار''، و''اثنان·· اثنان فقط''· في هذا الحوار تتحدّث عن هواجسها الخاصة في المواضيع القصصية التي تقدّمها في تقاطعاتها مع طموحاتها في بناء الشكل الفني، وموقع القصّة في ظل ما يطرح عن زمنية الرواية، ومدى تجاوز الأديبة اليمنية لحال الظهور المؤقت· * القارئ لمجموعتك الجديدة ''اثنان·· اثنان فقط'' يلاحظ أن هاجس قضية المرأة يشغل معظم القصص، إذْ لم يكن كلّها· كيف تنظرين إلى هذه الموضوعة النسوية الملازمة لكتاباتك· هل تنطلقين من كونك امرأة عليك أن تمضي متّبعة هذا المنحى، أم أن خبرتك الخاصة إنسانيا وأدبياً هي المحفّز لاشتغالك في هذا الموضوع؟ ؟؟ لا أنكر أن قضية المرأة تشغل معظم القصص التي كتبتها حتى الآن، لكني لا أنظر إليها كـ (هاجس) يلازم موضوعاتي كوني امرأة·· قد يأتي هذا الشعور للقارئ لأن جميع أبطال/ بطلات قصصي يتحدثون/ يتحدثن بضمير المتكلم، لإيماني بأن هذا النوع من السرد هو الأقرب للمتلقي ليس أكثر، الأمر الذي قد يجعل بعض القُراء يخلطون بين الكاتب/ الكاتبة والسارد أو الساردة·· وهذه إشكالية تعاني منها الكاتبات على وجه الخصوص إذ يتوهم بعض القراء أن النص ما هو إلا سيرة ذاتية للكاتبة ويطابق بينها وبين شخصيات عملها، الذي تكتبه بعامل التخييل فحسب· إن أغلب القصص التي كتبتها تركز على المواضيع والمشاعر الإنسانية التي لا يختلف فيها رجل أو امرأة·· فمواضيع مثل الفشل في الحب و الطلاق والجنون مواضيع عامة·· والظلم والغبن والأنانية والغيرة وعدم التحمل، مشاعر وأحاسيس نشترك فيها جميعاً ولا يخلو منها واحد فينا·· وهذا فعلاً ما تغذيه الخبرة الإنسانية للكاتب/ الكاتبة وقراءاته وتأثره بما حوله، إضافة إلى عنصر التخييل المطلوب في أي عمل سردي· الشكل والموضوع ؟ هناك تلازم بين الشكل والموضوع في قصّتك ''اثنان·· اثنان فقط''، من خلال تركيب العبارة السردية وبناء السطر في الفقرة· وهو ما لا نجده، مثلا، في قصّة (ترقّب)، فهذا النص يصوّر انسلاخ الساردة عن واقعها، في حال يقارب الجنون، لكن بناء الشكل السردي يتم بهيئة متناسقة، لا تتوافق مع هذيان الساردة المتوقع أن يتخذ هيئة غير مرتبة أو منسقة وإن بدت هكذا· ما هو الملمح الذي تحرصين على تتبعه في بناء شكل السرد؟ ؟؟ أشكرك على دقة ملاحظتك والتي هي فعلاُ في محلها لكن مع بعض التوضيح والإضافات·· أحاول أن أحرص على اتباع النهج الذي يأخذ من الواقعية المطعمة بالمتخيل انطلاقا من شخصية أو ذات الإنسان نفسه·· فالبناء في القصتين اللتين ذكرتهما ''ترقّب''، و''اثنان·· اثنان فقط'' هو بناء واقعي لكن الهم فيها ذاتي· فهذا الهذيان الذي تتحدث عنه أخذ موضعاً داخل المجتمع·· فسبب الجنون والهذيان في قصة ''ترقًب'' كان ضغطاً خارجياً متمثلاً بالزوج المستهتر غير الملتزم بواجباته تجاه عائلته من جهة، وتراكم الأعباء التي لم تعد الساردة قادرة على تحملها من جهة أخرى·· وظهور الرفض والثورة على ذلك الوضع، كما ذكرت الساردة، ليس جنوناً وإنما الجنون هو التأقلم والاستمرار في الوضع الذي كانت فيه·· لذا ظل السرد محافظاً على نسقه وترتيبه· قصة ''اثنان·· اثنان فقط'' اختلفت في الشكل والتركيب وبناء السطر عن باقي القصص التي شملتها المجموعة والقصص التي كتبتها من قبل، رغم أن الموضوع ليس جديداً· هذا التجديد والاختلاف في بناء القصة كان أحد أسباب اختيار عنوانها عنوانا للمجموعة القصصية· وقد تكون تدشيناً لمرحلة كتابية قادمة أرغب فعلاً للوصول إليها؛ كتجاوز ما قدمته في مجموعتي السابقتين، ولاشك أن تجارب الكاتبة وقراءاتها وتطور وعيها يضيف للكتابة بعدا جديدا· بين القصة والرواية ؟ تكتبين القصة وسط خطاب ثقافي صار يردد أن هذا الزمن هو زمن الرواية· هل هي ضرورة ثقافية أم نفسية خاصة تدفعك للكتابة في هذا الشكل الذي تراجعت مكانته في القراءة؟ ؟؟ لا أوافق القائلين بأننا نعيش الآن ما عرف بزمن الرواية· سواء بالقياس إلى أختها الصغرى القصة أو الشعر الذي هيمن على ثقافتنا منذ عهود طويلة· وبالعودة إلى سؤالك أرى أن القصة والرواية فن واحد سواء أكانت طويلة أم قصيرة مع فرق واضح أن الرواية تحتاج إلى جَلَد وصبر طويل ومثابرة عبر سنين كما ذكر الأديب الراحل نجيب محفوظ·· أضف إليها شيئاً آخر أن الرواية تحتاج الآن إلى قارئ لديه من الرغبة والتحمل والوقت لقراءة وإكمال الرواية بعكس القصة· فالناس، في هذا الزمن، تلهث وراء مشاغلها وهمومها اليومية ومن الصعب أن تجد فيهم من ذكرت عدا أصحاب المهنة· ومن وجهة نظري فالقصة القصيرة والأقصوصة تحتل مكانة مهمة لم تتراجع بعد··لأن إيقاع العصر يشجع على ذلك· ؟ في هذا الجانب، هناك من أشار إلى أن كتاباتك تمثل مشروعاً روائيا قد تنجزينه في المستقبل؟ ؟؟ كل كاتب قصة يطمح لأن يكتب رواية لأنها ستكون ثمرة خبراته ومعرفته لأدق التفاصيل ببواطن الأمور النفسية والحياتية وهذا ليس بالأمر السهل وهو ما لا أملكه حالياً·· أحب عالم القصة القصيرة ومتمسكة به وأحس أنه يعبر عن تجربتي ويستوعبها، بل هي الأقدر على التوصيل بالنسبة لي وكأن إيقاعي قد انضبط وتوافق مع إيقاعها حجما وكثافة وموضوعا وأرغب في إمساك زمامه أكثر· أديبات مؤقتاً ؟ إلى ما يقرب من العقدين، وصفت الكاتبات اليمنيّات بأنّهن ''أديبات مؤقتا'' إذ سرعان ما كنّ يظهرن، ثمّ يغبن فجأة تحت قسوة الظروف الاجتماعية· كيف تقرأين الاستقرار النسبي الحالي للمرأة اليمنية في مجال الكتابة· هل أصبح بقاؤه مؤصلاً أم أنّه سيعود إلى حاله كعابر ومؤقت؟ ؟؟ هناك استقرار نسبي واضح للمرأة اليمنية في مجال الكتابة مقارنة بالعقدين الماضيين لكنه ليس مؤصلاً·· فالكاتبة العربية عامة واليمنية خاصة تعاني من قسوة الظروف (الاجتماعية النفسية) وأشدّد على تلازم هذه العبارة، كي لا نضع المجتمع وحده في قفص الاتهام فالمرأة لا تعاني من ظروف اجتماعية فقط·· فالشعور بالسخرية والإهمال واللامبالاة والمقارنة المتلازمة بين ذات الكاتبة وشخصيات موضوعاتها وعدم تهيئة الجو النفسي المناسب للكتابة هو من أهم أسباب الغياب التي ذكرت· وكلما زاد الوعي بهذه المسائل، زاد الاستقرار الذي ننشده·· وحالات الضمور والاختفاء والانزواء بعد نشر عمل أو عملين لم تعد موجودة لدى الجيل الحاضر من الكاتبات في اعتقادي، بل هناك ديمومة وتواصل واضحين· وما ظهور أسماء راسخة في السرد مؤخرا وتوالي النتاج النسوي والحضور الكثيف للكاتبات في الساحة الثقافية ـ مؤتمر القصة والرواية الأخير مثلا ـ إلا علامة تؤكد ما قلت· القاصة الفلسطينية تعتبر اللغة العربية كالأدب الحداثي الذي لا يستطيع الخروج من عباءة أجداده راوية بريارة: عندما أكتب لا أصنع كعكة بمقادير معينة سما حسن حين تقرأ لها تشعر بأنها تكتب بطريقة مختلفة عن الكتابة التقليدية والمألوفة، وتسكب قصصها بقوالب وأشكال جديدة، ربما فرضتها عليها المضامين التي تريدها·· حتى أنك لا تكاد تميز في شخوص بعض نصوصها، بين المرأة والرجل· واللافت للانتباه كذلك لغتها التي تحمل بالإضافة إلى معانيها القاموسية، الكثير من الأبعاد الفنية التي تضيف إلى تلك المضامين مضامين أخرى· وقد تعددت الآراء حول كتابات القاصة الفلسطينية راوية بربارة، فهناك من يعتبرها مجددة، وهناك من لا يرى في نصوصها تجديدا، ولذلك كان لابد من أن نحاورها··· ؟ نبدأ بسؤالنا عن اللغة التي هي أداة الكاتب فهل تعتبرين اللغة تابو مقدسا لا يمكن المساس به؟ ؟؟ أتعامل مع اللغةِ ككائن حيّ يتنفسُ، ينمو، يتطوّر، ويفقد حيويته إذا بقي على مستوى واحد من الجمود· إنّ اللغةَ بناءٌ جماليٌّ يلائم طبيعة الجنس الأدبي، ووظيفتها بناء النصّ من فكرةٍ وحدثٍ لذلك تأخذُ كلُّ كلمةٍ دورها ووظيفتها لخدمة المبنى والمعنى، فإذا ما احتجنا الاقتصاد اللغوي والإيجاز والكثافة والانزياح والاختزال والتركيز والحذف نستعملُ هذه التقنيّات لإثراء النصِّ بلغة مميزة· ؟ ''شقائق الأسيل'' التي نشرت لك مؤخراً، هل هي مجموعة قصصية؟ كتابات وجدانية؟ نوع من أنواع الكتابة الحديثة؟ أنت لم تعرفي الكتاب ما السبب في ذلك؟ ؟؟ لَمْ أٌعرِّف الكتاب لأنّ قلق النّمذجةِ لا يُقلقني، فعندما أكتب لا أُحَضِّرُ قالبًا جاهزًا أصبّ فيه كلماتي وأفكاري، وهل أصنعُ كعكةً بمقادير أخلطها وأخبزها ليتذوّق القرّاء· ماذا لو صببتُ الخليطَ في قوالب مختلفة؟ هل ستتغيّر النكهة؟ عندما تداهمني الكلمات لا أحاول ترويضها أو سَجْنَها· أتركها تنطلق على سجيّتها، فكما ولدتْنا أمهاتنا أحرارا، هكذا تولدُ الكلمات، فلماذا نستعبدها بمفاهيمنا؟ لا أفهم لماذا عليَّ أنْ أفَصلَ الثوبَ ثمَّ أُلْبسهُ لكلماتي·· لماذا لا أترك جَسَد الكلماتِ يبحث عن الثَّوب الذي يُظهر مفاتنه ويحيكه على قياسِهِ وَقَدِّه··؟! إنّها نصوصٌ فيها الحَدَثُ والشخصيّة والمكان والزمان والراوي، يتشكَّلُ كلٌّ على هواه·· ولا يتقيّدُ بنظريّةٍ لا تستطيع سجن الحبر السائل·· إنّ الأدبَ يمرُّ بمراحل مختلفة ولا يبقى جامدًا، فعبر التاريخ تطوّر الشّعر مثلاً، من العمودي ذي الوزن الواحد والقافية الواحدة، إلى المخمّسات والموشّحات والشّعر المقطعي الذي يتبّرج بنظام تقفية، وَقَطَع شوطًا طويلاً حتّى تحرّر من قيوده وأصبح شعرًا حرا، مرسَلا، منثورًا، تفعيلة وما إلى ذلك· والقصَّة أيضًا تطوّرت، والتطوّر مرحلي، يُلبِّي احتياجات وأذواق كل مرحلةٍ، فمن المقامةِ والأمثولة إلى الرواية والقصّة القصيرة· بعدها أخذت القصّ أيضًا تتحرّر من قيودِها وعناصرها وانتقلت نقلة ''حداثية'' و''ما بعد حداثة''·· ولكلّ جديد معارضوه ورافضوه·· فَمَن اعتاد لبس العباءَة، يصعب عليه أنْ ينفضها عن جسده ليُبدِلها ببنطال ضيِّقٍ من القماش الصلب· وتلك القصّة التي اعتدنا عليها لا تُشَكّل إلاّ بعناصرها الخمسة (الزمان والمكان والحَدَث والراوي والشخصيّات)، فإذا ما فقدَت عنصرًا، فقدت هويّتها، نراها اليوم وبعد الانفتاح الحياتي، تنفتح لتقول شيئًا بصورةٍ مغايرة، تكسر القوالب القديمة، وتنطلق بعد أن اختمرت بالتجرّبة، فتعلن مع رولان بارت عن موت الكاتب، فالكاتب يكتب نصّه ويموت، والقارئ يُحييه من جديد، بثقافته وبمفاهيمِه، انفتاحٌ عصريٌّ يحوِّلُ القارئ إلى كاتبٍ مشاركٍ في العمليّة الإبداعية، ذلك لأنّ النصوص الحداثية هي ''نص السؤال''، هيَ النصوص التي تطرح موقفًا أو قضيّة، لكنها تعترف بعجزها، فلا تطرح حلولا وهميّة بل تترك النهايات مفتوحة، متسائلة باحثة عن الحقيقة· النصوص القديمة التي اعتدنا عليها كانت إمّا تصاعديّة المبنى (تبدأ من نقطة معيّنة، تتصاعد فيها الأحداث وتبقى نهايتها مفتوحة)، أو تنازليّة تبدأ من النهاية وتعود باسترجاع فنّي نحو نقطة البداية، أو دائريّة أو هرميّة المبنى، أمّا القصص الحديثة فلا يهمها أن ترسم لها خطًّا على دالة المبنى، لا أفقيا ولا عموديا، إنّما توزّع الفكرة بين فقراتها، وتعطي للقارئ مفاتيح نصيّة ليدخل منها إلى النّص· لا أنكر بأنّ النصوص الحداثية بحاجة إلى مراس، كي تستطيع أنْ تعتادها، فالقارئ المتلقي السلبي الذي اعتاد القراءة والمتعة والإغفاءة، أو القراءة واعتمال المشاعر والثورة في داخله ·· لا يستطيع أنْ يلقي خموله جانبًا مرّة واحدة، عليه أنْ يمارس سلطته على النصّ بحنكةٍ وذكاء، لذلك عليه أنْ يتدرّب على قراءةٍ جديدة، أنْ يستقبل نصًّا يصدمه من القراءة الأولى، يتركه حائرًا متسائلاً في إمكانيات تعاطيه مع مثل هذه النصوص، والأسهل أن يتركها ناعتًا إيّاها بالفشل وبالهروب، والأصعب أنْ يجاريها، أنْ يبحث في النصوص عن مفتاحٍ أو موتيف، يعوّض مكانَه معادلا موضوعيًّا، وأن يقرأ من جديد بناءً على الأبواب الجديدة التي فَتَحها بوعيِهِ وبتجربته وبثقافته، أن يحيك نسيج النصّ من جديد شرط أنْ ينسج بنفس الخيوط والحياكة الجديدة· ونصوصي في ''شقائق الأسيل'' تنوّعت بين قصص ونصوص حداثية، لم أشأ أنْ أقيّدها بتعريفٍ مِنِّي، لذلك تركتها تُعَرِّف عن نفسها· نحنُ بعدَ التسعينات وصلنا لمرحلة التمرُّد على التمرّد، وهيَ مرحلة الاختراق لكلّ المعايير المعروفة، ونشوء فكرة التداخل النوعي أي تمييع الحدود بين الأنواع الأدبية والانتقال من النوع إلى اللا نوع، وكل نصّ عبارة عن ظاهرة مستقّلة ويأبى أن يُعَرَّف تحت اسم أي جنس أدبي· ؟ هناك ملاحظة عند بعض القراء على غياب الحوار تقريبا عن نصوصك القصصية·· ما قولك في ذلك؟ ؟؟ الحوار وسيلةٌ، أسلوبٌ يُسْتَعْمَلُ عند الحاجة لإيصال معلومات أو لفتح النصّ والتعريف بشخصيّاتِهِ، فالحوار تقنيَّةٌ تُسْتَعملُ للكشف عن جانب من جوانب شخصيّة المخاطِب أو المخاطَب· الحوارُ لغةٌ لا بدَّ أنْ تلائم بمفرداتها وتعابيرها وأفكارها، شخصيّةَ المتحدِّثِ، وإلاّ أصبحت الشخصيّةُ كاذبةً بعيدةً عن متناولِ مُخَيَّلَةِ القارئ·· لذلك متى أجد حاجةً لاستعمال هذه التقنيَّةِ، لا أبخل على نصوصي، ومتى يكتفي النَّصُّ بسرديّتِهِ أو وصفِهِ لا أحاول إقحامَ الحوارِ عليه·· لكلّ نصٍّ متطلباتِهِ، والنصُّ المسرحي أو الرواية يحتاج للحوار، أكثر من القصّة التي تعتمد غالبًا على الراوي بروايتِهِ، بسردِهِ أو إشرافِهِ أو تدخُّله أو علْمِه بالحدث·· الأدب لايبقى جامداً ؟ ما هي في رأيك العوامل المؤثرة على تشكّل مفردات اللغة في عصر ما·· وفي حالة متابعتك، هل للّغة التراثية تأثير على نصوصك؟ ؟؟ الانغلاق والانفتاح الحضاريّ أهمّ عامليْن يؤثّران على تشكُّل مفردات اللغة، فإذا ما رجعنا للعصر الجاهلي، نجد اللغة العربيّة أصليّة المفردات لم تشبها شائبة، وعندما بدأ العرب بالانفتاح على حضارات وشعوب جديدة، كحضارة الفرس والغرب وشمال افريقيا والشّرق الأوسط وحضارة الأندلس، رأينا اللغة تُفسح مجالا لمفردات أعجميّة أنْ تقتحمها ككلمة ''النيروز'' مثلا، أو رأيناها تتزيّن بالجناس والسّجع والتّورية والكناية والطباق وما إلى ذلك (كالموشّحات)، لتلائم التّعبير عن الجماليات التي تصفها كالقصور المزخرفة والتّماثيل المنحوتة· كي تبني عمارة عليك أنْ تحفر بعيدا في الأعماق لتضع حجر الأساس، تمسُّ الصّخر ثمّ تبني عواميد قويّة لتحمل البناء، واللّغة إذا لم تنطلق من أساسٍ معرفيٍّ قويٍّ، سيتهدّم نصّها مع أوّل هزّة خفيفةٍ، أمّا إذا انطلَقَتْ من أساسٍ قويٍّ لن يزلزل كيانها أحد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©