الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهواة قفزوا من مسرح الجامعة إلى العالمية

الهواة قفزوا من مسرح الجامعة إلى العالمية
24 سبتمبر 2008 23:45
بساطة وخفة ظل أقل ما توصف به مسرحية ''روميو وجولييت'' التي تقدمت بها كلية حقوق جامعة عين شمس للمنافسة في المهرجان القومي الاخير للمسرح المصري· لم يكن أحد من أصحاب العرض يتوقع الفوز بجائزة فضلا عن الفوز بجائزة أحسن عرض مناصفة مع عرض ''الاسكافي ملكا'' ذات الانتاج الضخم للبيت الفني المصري للمسرح· كان الطلبة الهواة أصحاب عرض ''روميو وجولييت'' يدركون انهم يقدمون عملا جيدا وتكفيهم فرصة المشاركة في المهرجان· العرض وصفه المخرج التونسي المنصف السويسي عضو لجنة تحكيم مسابقة المهرجان بأنه يرتقي لمستوى العروض العالمية كما تحمس الكثيرون ليمثلوا مصر في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي القادم· لم يكن الفوز من نصيب العرض وحده حيث خصت لجنة التحكيم ريهام دسوقي التي قامت بدور ''جولييت'' بجائزة أحسن ممثلة صاعدة· وكريم يحيى الذي قام بدور ''روميو'' بجائزة أحسن ممثل صاعد· موسيقى الأكواب بدأ العرض بموسيقى من نوع خاص اختارها المخرج ليتم عزفها على أكواب معدنية وجراكن بلاستيكية والهون الذي وجد مكانه على المسرح بعد ان اختفى من معظم بيوت المصريين· والموسيقى كانت أيضا تصفيقا من الممثلين وضربا على أفخاذهم واكتافهم وبألحان عزفوها بأفواههم· تحول أبطال ''روميو وجولييت'' المتجهمين في معظمهم أو المحبطين الى مهرجين يرتدون ملابس مضحكة وعلى وجوههم مساحيق تؤكد للجمهور أنه جاء ليشاهد عرضا كوميديا· اختار مخرج العرض محمد الصغير كلمة لأفلاطون يقدم بها عرضه ''في نفسك يكمن دافع للعب دور المهرج وهو دافع كبحته في دخيلتك لخشيتك أن تصبح مهرجا لكنك الآن أرخيت له العنان فبتشجيعك وقاحته على المسرح قد تنجرف في لعب دور المهرج في حياتك الخاصة''· وكان هذا ايذانا بانطلاق حركة التهريج والتجريب على النص الشكسبيري الأشهر· وقرر المخرج أن يحوله لعمل كوميدي وهو الدور الأصعب وفقا لقاعدة أن اضحاك المصريين مهمة صعبة ولم ينس الصغير أثناء اعداده للنص أن صاحبه مبدع من نوع خاص· استطاع ان يقدم اعمالا خلدها محبو المسرح وعشاقه وبقيت قرونا ومرشحة للاستمرار·· فلم يتجرأ على الأحداث والخط الدرامي لها لكنه قرر أن يحول مأساة موت عاشقين الى مسرحية كوميدية وأن يحول أبطال المسرحية الى مهرجين في كوميديا استطاعت أن تجعل أقسى مشاهد العرض مواقف مضحكة وساخرة· مثل مشهد موت ''موركيشيو'' صديق ''روميو'' الذي ذهب ضحية الصراع بين الأسرتين· وكتبه شكسبير ليكون نقطة فاصلة تحول ''روميو'' العاشق المتسامح الى طالب للثأر من قاتل صديقه· وتحول المشهد الى حالة اضحاك اثناء معركة موركيشيو مع تيبالت على وقع صوت ملاعق كأنها صوت السيوف· حتى مشهد موت روميو بجوار جولييت في المقبرة، وهو قمة المأساة في مسرحية شكسبير تحول باعداد محمد الصغير الى مشهد كوميدي وتجرع كريم يحيى السم كأنه كأس أيس كريم وكانت أسرة العرض قد تعاملت مع الكأس المسمومة التي أحضرها روميو بنفس الأسلوب الساخر باعتبارها كأسا حصل عليها فريق كرة قدم· الضحك والرومانسية ولم تتحول المشاهد الحزينة وحدها الى مواقف مضحكة فقد صارت مشاهد الرومانسية التي جمعت ''روميو وجولييت'' مواقف فجرت ضحكات جمهور العرض· فالوردة العملاقة التي ألقتها المحبة لحبيبها والحجر الضخم الذي القاه الحبيب على شرفة جولييت الجميلة كان أكبر من ان يلقيه عدو على عدوه· وعندما أراد روميو كمحب أن يستحضر صوت العصافير أخرج بالونة نفخها وفرغها لتصدر صوتا مشابها للعصافير بعد أن تسلق شجرة كونها أبطال العرض من أجسادهم ''كانوا قد تحولوا الى ساعة عقاربها أذرعتهم في مخدع جولييت''· وكان زميله قد رفع قرصا أصفر ليكون الشمس التي تصور شكسبير ظهورها ايذانا بطلوع النهار على المحب وهو يتحدث لحبيبته· نجح مخرج العرض وهو نفسه مصمم الاستعراضات في تصميم رقصات جميلة ذات ايقاعات سريعة مناسبة للعرض بدون تكلف· محمد الصغير مخرج ''روميو وجولييت'' الذي فاز بجائزة أحسن مخرج صاعد أيضا أكد أنه سعيد بالحالة التي تسببت فيها جوائز العرض· وقال إن كل عناصر العرض تستحق جوائز· وان كانت الجوائز قد ذهبت الى ريهام وكريم ولي كمخرج الا ان الجائزة الأهم وهي جائزة أحسن عرض تحمل شهادة جودة للمسرحية بكل عناصرها وزملائي في العرض بذلوا جهدا كبيرا في البروفات ليصلوا للمستوى الذي شاهده الجمهور ولجنة التحكيم· ولن أنسى المساعدات التي وفرتها جامعة عين شمس بكل مسؤوليها ليخرج العرض بهذا المستوى· وأضاف: التزمت بنص شكسبير لكني قررت أن أتعامل معه بشكل تجريبي وتساءلت: لماذا لا تتحول القصة الشهيرة الى عمل كوميدي· ولم أقصد كما قال البعض السخرية من قيمة الحب التي طرأت عليها تغييرات وزادت المادية فهذا لا ينفي وجود الحب رغم كل الضغوط التي تواجه المحبين· وهي في نظري لم تتغير ربما تغير شكلها لكنها موجودة دائما· وأكد أنه تأثر بالمخرج خالد جلال الذي تدرب معه في ستديو مركز الابداع· وتأثر بمجموعة العروض التي شاهدها ضمن المهرجان التجريبي مما اعطاه فرصة التعامل مع نص شكسبير متحررا من كلاسيكيته· فتعامل مع النص بحرية جعلته دائم البحث والتجريب· وساعده في ذلك حماس الشباب واستجابتهم· وأضاف: لقد تميز محمد سراج الدين في دور المهرج ومونتاجيو ورأفت سعيد في دور موركيشيو ومحمد ابراهيم في دور تيبالت ومعتز سيف الدين في دور الحكيم لورنس ومحمود عبدالعزيز في دور باريس والخادم وشيماء ابراهيم في دور المربية وزوجة مونتاجيو ووليد محمد في دور كابوليت ومحمد فؤاد في دور بنفوليو وسمر جابر في دور زوجة كابوليت· وعن ترشيح العرض لتمثيل مصر في المهرجان القاهرة للمسرح التجريبي القادم أكد محمد الصغير أن شرف تمثيل مصر في مهرجان دولي سيكون أكبر جائزة اذا حدث هذا· كما أنها ستكون رسالة جديدة تؤكد أنه يسير في الاتجاه السليم فقد تعامل مع النص بروح التجريب التي تجعله يعالج النصوص بعقل مفتوح بعيدا عن النظريات الجامدة والجاهزة· ثلاثة أجيال صاغت للمسرح العراقي إشكالياته الفنية والمعدفية سؤال الهوية فوق الخشبة ياسر عبد الصاحب البرّاك لا يختلف المسرح العراقي عن المسارح العربية من حيث النشأة، فهو مسرح مستورد كبقية المسارح في لبنان ومصر وسورية والدول العربية الأخرى، إذ تشير المصادر التاريخية إلى أن أولى النشاطات المسرحية قد ظهرت في شمال العراق وبالتحديد في مدينة الموصل، حيث أصبح عام 1880 تاريخاً رسمياً لولادة المسرح العراقي، وهو العام الذي شهد تقديم مسرحيات ''كوميديا آدم وحواء'' و''يوسف الحسن'' و''كوميديا طوبيا'' لمؤلفها الشماس حنا حبش في المدرسة الاكليريكية المسيحية، وهي مسرحيات دينية تم العثور عليها عام 1966 وقد ختمت بختم يشير إلى سنة ·1880 وهذه النشأة تعطي مؤشراً أولياً مهماً يتعلق بالعلاقة مع الآخر/ الغربي ومدى نفوذه إلى عمق البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي الذي كان مسيطراً عليه من قبل الدولة العثمانية، فقبل الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917 ونشوء (الدولة العراقية الحديثة) عام 1921 لم يكن سؤال الهوية قائماً في الفكر العراقي الذي هو بالمحصلة العامة انعكاس للفكر العربي الذي بدأت بواكيره أواخر القرن التاسع عشر مع رواد النهضة الحديثة، ولكن مع تكوّن الحكم الملكي بدأ سؤال الهوية يتصدر أولويات الفكر العراقي والعربي عموماً، ومن بين الأسئلة العديدة والمتنوعة عن العلاقة مع الآخر/ الغربي التي لا مجال للخوض فيها الآن لأنها خارج نطاق دراستنا، سؤال جوهري يتعلق بـ(ماذا نأخذ من الآخر/ الغربي؟ وماذا نترك؟)·· ومع اختلاف وجهات النظر في الإجابة عن هذا السؤال، إلا أن الإجابة الرسمية (الحكومية) هي التي كانت متسيدة لساحة الجواب، فقد حسمت (الدولة الوطنية) الإجابة بأن: نأخذ كل ماهو مفيد في تدعيم الدولة الناشئة في محاولة لتكوين كيان ليبرالي للدولة الوطنية يقوم على أساس مكوّنات المجتمع المدني، برغم الطبيعة القبلية والدينية للمجتمع العراقي، وكان من بين تلك المقومات الاهتمام بالفن المسرحي باعتباره إحدى وسائل المعرفة والاتصال والتسلية التي تحتاجها المجتمعات المدنية· وقد تمخض هذا الاهتمام عن إرسال عدد من البعثات للغرب لغرض دراسة الفن المسرحي في منابعه الأصلية، فكان الرائد حقي الشبلي أول الفنانين العراقيين الذين يدرسون خارج العراق على يد كبار المخرجين الفرنسيين بعد تجارب عديدة قدمها في العراق تقوم على الفطرية والهواية في إعداد العرض المسرحي، تلاه المخرج جاسم العبودي إلى أميركا، وهما يشكلان الجيل المسرحي الأول (الرواد) في انتقال المسرح في العراق من الهواية القائمة على الفطرية والارتجال إلى الاحتراف القائم على العلمية والتنظيم، بينما شكّل كل من المخرجين (إبراهيم جلال، بدري حسون فريد، سامي عبد الحميد، جعفر السعدي الخ··) الجيل الثاني الذي درس المسرح خارج العراق، وبرغم حجم التأثير الإيجابي الذي حققه الجيلان الأول والثاني في بنية المسرح العراقي، إلا أنه وبمرور الوقت خلقت تجاربهم نوعاً من (التابوات) المسرحية القائمة على خليط من المدرسة الفرنسية في الإخراج المسرحي التي تتلمذ على مبادئها حقي الشبلي والمدرسة الأميركية التي تتلمذ على مبادئها جاسم العبودي ومعظم مخرجي الجيل الثاني، وبدءاً من عودة الجيل الأول إلى العراق وتأسيس معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1940 وحتى أوائل السبعينات ظل المسرح العراقي متأرجحاً بين هاتين المدرستين، وهما مدرستان قائمتان على مفهوم (شعبية) المسرح و(جماهيريته) و(واقعيته) وبنيته (النفسية) المحتفية بمنهج ستانسلافسكي وطريقته في تدريب الممثل، وفي أحسن الأحوال بـ(تعليمية) بريشت و(ملحميته) كما هو الحال مع بعض تجارب إبراهيم جلال· وما كان للمسرح العراقي أن ينتعش إلا مع ظهور الجيل الثالث الذي درس المسرح في أغلب الدول الاشتراكية آنذاك (صلاح القصب، محسن العزاوي، سليم الجزائري، فاضل خليل، فتحي زين العابدين، عوني كرّومي الخ··)، وقد عاد هذا الجيل بثلاث رؤى متقاطعة، الأولى كرّست ماكان سائداً في المسرح العراقي، والثانية حاولت الحفر في السائد من أجل تطويره، والثالثة تقاطعت تماماً مع السائد ويقف في مقدمة الرؤية الثالثة د· صلاح القصب· انشغل أصحاب الرؤية الأولى والثانية بسؤال الهوية الذي تصدر البحث المسرحي أواخر الستينات (بعد نكسة حزيران) وخلال عقد السبعينات (عقد الصراعات الأيديولوجية) على المستوى المحلي على وجه التحديد، كانت الإجابة عن سؤال الهوية من وجهة نظر أصحاب الرؤيتين الأولى والثانية بالعودة إلى التراث وبعثه وبما يتماشى مع تصدّر الفكر القومي للواجهة السياسية، أو بالبحث في ما أسماه بريخت بـ(الجستس الاجتماعي) أي التركيز على شعبية المسرح وجماهيريته بالاعتماد على التصوّر المادي للفن وعلم الجمال الماركسي، وهما رؤيتان وقعتا في النهاية في أحابيل الخطاب الدعائي (البروباغاندا) الذي تبناه النظام السياسي الشمولي طوال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم في مؤسساته المسرحية، وحدهم استطاعوا أصحاب الرؤية الثالثة أن ينفلتوا من تلك (التابوات) ليخلقوا أسئلة جديدة لسؤال الهوية المركزي (من نحن؟ وما علاقتنا بالآخر/ الغربي؟)، ليس بصيغة الرفض المطلق للآخر ولا بصيغة الاندماج به حد الذوبان فيه، إنما بصيغة الحوار الإبداعي القائم على خلق القواسم المشتركة التي تؤهل بنية المسرح العراقي لتغيير إستراتيجياتها بما يتماشى مع نمط العلاقة المقترحة مع الآخر/ الغربي، وكان د· صلاح القصب البؤرة المركزية في هذا الخطاب
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©