الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقلية الهوي ··· وتحديات السوق العالمية

أقلية الهوي ··· وتحديات السوق العالمية
25 سبتمبر 2008 01:43
ترتسم على وجه ''محمد يوسف'' ابتسامة عريضة وهو يلتقـــط بصلـــة كبيرة مبدياً إعجابـــه بها وبباقي المنتجـــات الفلاحية في المعرض التجاري، ليس فقط لأحجامها الكبيرة وجودتها العالية كما يبدو، بل أيضا لأن المنتجات الفلاحية المعروضة حلال حســــب الشريعـــة الإسلامية ولا مشكلة في أن تزين مائدة العشاء· ويجني ''يوسف'' -رجل الأعمال الماليزي- أرباحاً كبيرة من استيراد المواد الغذائية الحلال من هذه المنطقة البعيدة الواقعة في الشمال الغربي للصين، وهو بذلك يمثل نموذج التاجر الذي تسعى هذه المنطقة ذات الغالبية المسلمة إلى استقطابه والتعامل معه في سعيها إلى الاستفادة من تجارة المواد الغذئية الحلال التي يقدر حجم تعاملاتها في العالم بمليارات الدولارات؛ وفي مدينة ''ينشوان'' -حيث أقيم المعرض- يؤكـــد نائب عمدتهـــا ''ما يينجوي'' أن ثلث المدينة هم من ''هوي''، محيلا إلى الأقلية العرقية التي ينتمي إليها المسلمون المتواجدون بمنطقة الحكم الذاتي بإقليم ''نينجزيا''، موضحاً أن ''لهم نفس العادات والتقاليد الموجودة في البلدان الإسلامية، وهم يمثلون امتيازا تنافسيا للصين''· وفيما تسعى الحكومة المحلية للإقليم إلى ربط علاقات اقتصادية جديدة مع الشرق الأوسط وباقي البلدان الآسيوية، يبدو أن سكان هذه المنطقة الفقيرة المتاخمة لصحراء ''جوبي'' يعيدون اكتشاف الإسلام؛ فبعد قرون من العزلة الدينية بدأ المسلمون في إقليم ''نينجزيا'' يطورون نوعا من ''الانتماء الدولي'' كما يقول ''ما بينج'' -رئيس معهد ''الهوي والإسلام'' في الإقليم-؛ ويواصل البروفيسور ''بينج'' قوله إنه في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الصينية تتضايق فيه من مسألة الولاء المزدوج للمسلمين، إلا أن المشاكل الاقتصاديــــــة التي يشهدهــــا الإقليم -يعتبر ثالث أفقر إقليم في الصين- دفعت الحكومة إلى إعادة النظر في تعاملها معه، قائلا: ''كانت الحكومة في السابق تركز على الاستقرار، لكنها اليوم تهتم أكثر بالتنمية، فكل مـــا تريده الحكومـــة هو المال''· وقد كان البحث عن المال هو ما شجع الحكومة المحلية في الإقليم على تنظيم المعرض السنوي الدولي الثالث للغذاء الحلال والمنتجات الإسلامية الذي اختتم أعماله نهاية الأسبوع الماضي؛ وحرص حاكم الإقليم ''وانج زينجيو'' على التوضيح خلال حفـــل الافتتاح بأن ''المعرض يعطي الفرصـــة لأقليم نينجزيا للتعرف على العالم''، حيث شارك العارضون على مدى أربعة أيام في التعريف بمنتجاتهم الفلاحية واللحوم الحلال، فضلا عن بضائع أخرى متنوعة تستهدف المستهلكين المسلمين· ويبدو أن رجل الأعمال الماليزي ''محمد يوسف'' كان التاجر الأجنبي الوحيد الذي جاء للتزود بالمنتجات الإسلامية من أحد الموردين الذين نجحوا في تجاوز طابع المحلية وتسويق بضائعم في الأسواق العالمية؛ والواقع أن إحدى أكبر المشاكل التي تعترض التجار في الإقليم هو تسويق منتجاتهم في الخارج في ظل ارتفاع قيمة العملة الصينية التي تحرمهم من الميزة التنافسية التي كانوا يحظون بها في السابق، بحيث أصبحت منتجاتهم أغلى ثمنا مقارنة بالأعوام الماضية· ويعبر عن ذلك أحد مربي الماشية في الإقليم قائلا: ''لقد فقدنا ميزة السعر المنخفض، ولم يبق أمامنا سوى الرهان على جودة لحومنــــا للوصـــول إلى الأسواق العالمية''؛ ووفقا للإحصاءات الحكومية يقدر حجم صناعة الغذاء الحلال بحوالي 700 مليون دولار في السنة، لكن أقل من 3% من الناتج يجد طريقه إلى الخارج، وهو ما يعلق عليه نائب عمدة المدينة قائلا: ''نحن مازلنا في بداية الطريق ومازال أمامنا الكثير من العمل، غير أننا نتوقع تطورا في حجم تجارتنا خلال السنوات المقبلة''· ومع ذلك استطاع إقليم ''نينجزيا'' استقطاب بعض الاهتمام من الدول العربية التي جاء منها التجار المسلمون الأوائل الذين أدخلوا الإسلام إلى الصين قبل أكثر من ألف عام، واليوم تعتبر أقلية ''هوي'' ذات العشرة ملايين نسمة نفسها منحدرة من هؤلاء التجار؛ فعلى سبيل المثال أرسلت السفارة التونسية فريقاً إلى المعرض بحثاً عن سياح مسلمين يودون زيارة تونس، فيما شاركت المملكة العربية السعودية بعرض منتجاتها من التمر، فضلا عن تقديم نسخ من القرآن الكريم مترجمة إلى الصينية؛ وقد سبق لبنك التنمية الإسلامي الذي يتخذ من السعودية مقراً له أن مول إنشاء كلية للدراسات الدينية في الإقليم ومدرسة لتعلم اللغة العربية، دون أن ننسى الدور الذي لعبه الانفتاح الصيني على العالم في ترسيخ الروابط الاقتصادية التي يستفيد منها الإقليم حاليا؛ فقد توجه هذا العام إلى الحج بمكة عشرة آلاف مسلم مسجلا رقما قياسياً مقارنة بالأعوام السابقة، فضلا عن مغادرة 250 طالبا صينيا كل عام للدراسة في مصر وسوريا وإيران والسعودية؛ ويبدو لافتا تصاعد الاهتمام بالإسلام في الإقليم، حيث تزايد عدد المساجد الجديدة المرخص لها من قبل السلطات، كما تنامى عدد المتدينين الذين يفضلون ارتداء ملابس تقليدية مثل وضع العمامة على الرأس، أو الحجاب· لكن مع ذلك تستمر الحكومة الصينية في مراقبة الإقليم والمسلمين عامة، بحيث يتعذر بناء المساجد دون الحصول على ترخيص ويمنع دخول الأئمة من الخارج، كما يحظر على الشباب الصلاة في المساجد؛ وفي هذا السياق يوضح البروفيسور ''ما بينج''، رئيس معهد ''الهوي والإسلام'' قائلا: ''لا تتردد الحكومة الصينية في دعم العلاقات الاقتصاديــة مع الخارج، لكنها أكثر حذرا عندما يتعلق الأمر بالروابط الثقافية والدينية''· بيتر فورد-الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©