الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اسمه دليله: المعاش يتبخّر قبل نهاية الشهر

اسمه دليله: المعاش يتبخّر قبل نهاية الشهر
12 ديسمبر 2009 23:51
«اسألي الحرمة» قول يتردّد أحياناً لدى السؤال «كيف يتبخر راتبك قبل نهاية الشهر»، أما الحرمة فتقول «اسألي الرجال كيف يضيع فلوسه» أعزب أم متزوج، موظف أو له عمله الخاص الحرّ، لا بد مع بعض الأشخاص أن يتبخر الراتب إذا كان مدخوله يعتبر ذا مستوى عال أو عادي.. ثمة من تتبخر رواتبهم من دون أن يدروا أين دفعوه وكيف ولماذا؟ حسابات.. ولكن تقول ميساء: «لو أنني أنظر من حولي، وأجد أي دليل على تبخر راتبي لسكت ولم أحتج، ولكنني أجيد صرف راتبي، لا بل تبديده من دون أن أشتري شيئاً يبقى لي!» وتستدرك: «لا أعرف أن أقول لا لمن يطلب سلفة حتى لو كنت على شفير الإفلاس، وفي الغالب أعلم أنها ستكون منحة لا سلفة خصوصاً عند المقربين من أهل وأصدقاء، وغير ذلك أعرف كيف أصرف ببراعة من دون سؤال إلا عندما أضع بطاقتي في الآلة ولا أتمكن من سحب فلس واحد، فأعيش مستدينة من «الكريديت كارد»، حتى يحين موعد تحويل راتبي، وهكذا دواليك. أمَّا نوح الحمادي (28 سنة، متزوج ولديه ولد) فيقول: «راتبي يتبخر مثلما تتبخر رواتب الناس جميعاً. الحمد لله رب العالمين أنني أجري حساباتي كل شهر، بمعنى أنني وعلى قدر المستطاع أخطط مالياً للشهر بكامله، إنما تجد أحياناً ظروفا طارئة مثل الأعياد والمناسبات أو حادث سير، لا سمح الله، فتترتب عليّ مسؤوليات مالية إضافية، أحاول قدر الإمكان تجاوزها بخير». التخطيط المالي لدى نوح لم يشفع له حين اعتقد في إحدى المرات أنه قد خصم من راتبه المال المخصص لدراسته، إذ أنه كان يعمل ويتعلّم في الوقت عينه، فجاء تخطيطه في صرف المال على عكس حساباته وتوقعاته، وكان أن خصم من راتبه القدر المطلوب في الوقت الذي لم يكن قد أعد عدّته لهذا الخصم. ويقول «الحمد لله تداركت الموضوع في ذلك الوقت، ولكن أحياناً تجدّ التزامات أخرى غالبيتها اجتماعية مثل الأعراس والولادات الجديدة والهدايا فيتبخّر الراتب، ولكنني أعرف كيف وأين دفعت الفلوس». لا يدّعي نوح أنه يعرف تماماً إجراء حساباته، ويقول: «لست ناجحاً في التخطيط المالي مئة في المئة إنما أقوم بما أستطيع القيام به.. قدر المستطاع». فتش عن الزوجة أما عيسى العلي (28 سنة، متزوج ولديه طفلان) فيضحك حين نسأله عن راتبه، ويقول مشيراً إلى زوجته: «اسألي الحرمة، فالجواب عن تبخّر راتبي عندها وليس عندي». وهل يتبخّر راتبه فعلاً؟ يقول عيسى: «بالنسبة لراتبي لا يتبخّر دائماً، له مواسمه، فالراتب لا يتبخّر إلا حين تكون المصاريف المستجدة غير اعتيادية»، ليشير إلى أن واجب الإنسان تكييف حياته لجهة المصاريف وفق راتبه، كي لا يقع في المحظور. ويشرح «كل خطوة خارج الأمور العادية تتوجب دراسة وتفكيرا قبل الإقدام عليها»، ويقر بأن ثمة من لا يهتمون بطريقة صرف الأموال ويعيشون بالدين. أولويات وثانويات أمل الصايغ (موظفة) تعترف أنها لا تحدّد منذ بداية الشهر، وبعد نيلها لراتبها كيف ستصرف راتبها، إنما ترى وتعيش على السواء وفق مبدأ عام يتلخص في أن يعرف كل إنسان حدوده في الصرف، وأن يفهم أسلوب معيشته، أي ما هي الأولويات لديه وما هي الأمور الثانوية التي يمكنه الاستغناء عنها. تجد من الضروري التحضير مسبقاً للمناسبات التي تقتضي الإيفاء بواجبات اجتماعية ومادية، وبالتالي رصد مبلغ خاص بها. أما الحاجيات الأساسية، فترى أمل أن ثمة أولويات وثمة أشياء وإن كانت مهمة بالنسبة للشخص المعني على الرغم من كونها في الأساس من الحاجيات الثانوية، بالوسع تأجيلها وعدم الصرف في سبيلها إلى أن يحين الوقت المناسب لها.. وهذا يشكل، بحسب قولها، معنى معرفة الحدود في الصرف. وتقول: «أنا واحدة من الأشخاص الذين ينظمون أمورهم الخاصة وفق مقدراتهم، إذ أنني أخصص نحو 5 آلاف درهم شهرياً للأمور اليومية بما فيها تناول الغذاء أو العشاء في المطاعم، أما ما يبقى معي فأعرف كيف أديره كي أتمكن من السفر في إجازة، أو تلبية دعوات الأعراس والمناسبات الأخرى. فأنا أعرف حدودي منذ البداية، وعلى هذا الأساس أتصرف بالمال الذي يشكّل راتبي». تستدرك أمل: «هذا لا يعني أن كل انسان يفعل المثل، إذ أنني أسمع عن أشخاص لا يقومون بهذا الأمر، كما أنني عاينت بعض الحالات القريبة مني.. وثمة أشخاص هم في الأساس غير مستعدين للاستغناء عن أي شيء يريدونه لهم، ولا يريدون التضحية بأي شيء يرغبون به. ولاحظت على سبيل التحليل لا التعميم، أن طباعهم تظهر حب التملك لديهم كما حب التسلّط. فهم يريدون أي شيء يرونه ويبغون أن يكون من أشيائهم الخاصة ويصرّون على الأمر، وأنا لا أتحدث عن شراء أشياء بسيطة، فمنهم من يمتلكون سيارة جديدة ويريدون سيارة أكثر جدة في الوقت عينه، يمتلكون منزلاً أو فيلا ويريدون أخرى، وهذا لا يكون لديهم من باب الاستثمار بقدر من الرغبة بتملّك كل ما يخطر على بالهم ويلاحظونه. ثمة من يصرفون أو يصرفن على العطور والماكياج «بالهبل»، لأنهم يريدون كل جديد في السوق وإن كانوا يمتلكون منه الكثير. وثمة أشخاص، يصرفون من غير وعي وإدراك حبّاً بالظهور وغروراً منهم للظهور أمام الناس بشكل ما يعكس الصورة التي يريدونها لأنفسهم، وربما هؤلاء يصرفون بالاستدانة أكثر مما يصرفون من أساسات رواتبهم». وتتحدث أمل عن نوع مختلف من الأشخاص، إنهم الذين يصرفون «بالهبل» على أنفسهم ولكنّهم في الأمور التي يفترض أن يتشاركون فيها مع آخرين، يعتمدون على سواهم لتغطية مصاريفهم.. بينما تجد أن الكثير من الأصحاب والزملاء يقسمون المال أو يتفوقون على التبادل في الصرف في المشاريع المشتركة، في حين أن غالبية الذين لا يحبون الصرف إلا على أنفسهم، يتركون المبادرة لسواهم في كل الحالات حيث يقتضى منهم المشاركة فيها. بروحه يتبخّر إبراهيم الحامدي يرى أن راتبه يتبخّر فعلياً، أما كيف؟ فيضحك قائلاً «بروحه يتبخّر»، ولكن ليس ذلك هو واقع حاله كما يشرح. يستخدم الحامدي تلك العبارة العامية لمجرد الدلالة على المسؤوليات والالتزامات التي تقع على كاهل الإنسان والتي تستوجب صرف المال لتأمينها، ويعلّق «هذا هو واقع الناس وهذه هي الدنيا». ويرى إبراهيم أن كل شخص يكيّف نفسه بحسب راتبه إن كان يساوي خمسة آلاف أو 50 ألف درهم... ويعطي مثالاً أن من يكون راتبه 5 آلاف يشتري سيارة بتقسيط ألف في الشهر في حين أن من يصل راتبه إلى 50 ألفا فيقسط سيارة بـ 5 آلاف في الشهر (بقيمة راتب الأول)، ويرى أن سبب ذلك لا يعود إلى كون الإنسان طمّاعاً بطبعه إنما لأنه طموح». أما عن أسلوبه في صرف راتبه، فيقول إبراهيم «أنا لا أدع راتبي يتبخّر، ولديّ التزامات عادية ومدارس خاصة للأولاد عليّ توفير متطلباتها، إنما يختلف الأمر بين شخص وآخر في هذا الحال، حين نصرف الكثير على الأمور الثانوية أو نكتفي بالأولويات. وتعود إليّ الإدارة المالية للمنزل لأنني لا أبغي أن تصرف زوجتي درهماً واحداً من راتبها على المنزل، وثمة أمور تعتبر كمالية للمنزل، نتناقش بشأنها قبل اتخاذ القرار من مثل تغيير الديكور أو الأثاث أو شراء تلفزيون جديد، وعلى الرغم من أنني أحمل بطاقات سلفة (كريديت كارد) فلم أدع نفسي طيلة عشر سنوات أصرف منه كيفما اتفق، وإذا استخدمته أسارع إلى تسديد القيمة مباشرة، في حين أنني أعرف صديقا حين باشر العمل لدى تخرجه، تمكن من صرف راتبه الأول وكل المبلغ الذي يسمح باستلافه من البطاقة كاملاً حيث اشترى ساعة بقيمة 50 ألف درهم، وكل ذلك قام به خلال ثماني وأربعين ساعة فقط. وربما قام بذلك لأنه لم يكن يمتلك حينها خبرة في إدارة ماله، لكن ثمة من يصرفون من غير وعي بحيث أنهم لا يشعرون فعلاً بما قاموا به وتراهم متفاجئين حين يجدون أنه لم يبق من راتبهم أي شيء».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©