الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقليص ميزانية الدفاع... ومستحقات العسكريين

23 ابريل 2013 23:06
تود هاريسون زميل مركز التقييمات الاستراتيجية وتقييمات الميزانية الدفاع والاستحقاقات... تلك هي الكيفية التي تحاول بها واشنطن تعريف النقاشات حول خفض الإنفاق الفيدرالي، كما لو كان الاثنان يسكنان مجالين مختلفين تماماً. والحال أن «البنتاجون» يتعاطى مع مشكلة استحقاقات خاصة به باتت تهدد بالتهام ميزانية الدفاع إذا لم يتم كبحها. فخلال العقد الماضي، عرفت وزارة الدفاع الأميركية ارتفاعاً سريعاً في الإنفاق العسكري، جزئياً بسبب الرعاية الصحية والمعاشات. فمن 2001 إلى 2012، ارتفع متوسط تكلفة الراتب والمزايا لكل عضو نشط في القوات المسلحة الأميركية من 54 ألفاً إلى 109 آلاف دولار، أي بزيادة 56 في المئة إذا احتسبنا التضخم. ويشمل ذلك بدلات السكن والطعام والرعاية الصحية ومزايا التقاعد. ولا يشمل أنواعاً أخرى من التعويض تقع خارج الميزانية العسكرية العادية، أو في التمويل الإضافي للحرب- مثل الإعفاءات الضريبية التي تمنح لأعضاء القوات المسلحة، أو المحفزات الإضافية للذهاب إلى العراق أو أفغانستان، أو مزايا من وزارة شؤون قدماء المحاربين. ومما لا شك فيه أن الأميركيين يشعرون عن حق بالامتنان والعرفان تجاه رجالنا ونسائنا العاملين في القوات المسلحة؛ ولا أحد منهم يرغب في أن تكسر هذه الثقة مع الجنود. فمنذ نهاية التجنيد الإجباري قبل أربعة عقود، أصبح التعويض وسيلة مهمة لاستمالة وجذب الرجال والنساء لأداء الخدمة العسكرية. ولذلك، فإن إدخال أي تغييرات ينبغي أن يتم بعد ترو وتفكير؛ ومن باب العدل، ينبغي ألا تفرض هذه التغييرات على من يخدمون حالياً أو خدموا من قبل. ولعل إحدى أفضل الطرق لتكريم التضحيات التي يقدمها جنودنا هي وضع التعويضات العسكرية على طريق مستديم وطويل المدى- وعلى نحو يأخذ في عين الاعتبار تفضيلات أعضاء القوات المسلحة. إن الارتفاع السريع في التعويضات العسكرية خلال العقد الماضي كان يعزى إلى عدد من العوامل، التي يعتبر بعضها خارج سيطرة البنتاجون. فمن 2001 إلى 2012، ازداد الراتب الأساسي بـ20 في المئة -باحتساب التضخم- بسبب زيادات أعلى مما كان مطلوباً مررها الكونجرس. كما ارتفعت المدفوعات السنوية من قبل وزارة الدفاع إلى الصندوق الائتماني العسكري، الذي يمول التكلفة المقبلة للمعاشات، بـ39 في المئة. وعلاوة على ذلك، فقد ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية العسكرية بمعدل مذهل، هو 118 في المئة في وقت أضيفت فيه مزايا جديدة وأخذ فيه عدد متزايد من المتقاعدين وأفراد عائلاتهم يختارون نظام الرعاية الصحية العسكري بدلاً من التأمين الخاص. وإذا استمرت تكاليف الموظفين العسكريين في الارتفاع بالوتيرة التي سجلت خلال العقد الماضي، فإن هذه التكاليف ستلتهم كل ميزانية الدفاع بحلول 2039، بحيث لن تترك تمويلاً للمعدات، أو التدريبات، أو القواعد، أو غيرها من الضروريات. وهذا ليس تنبؤاً بما سيحدث في الواقع، وإنما مؤشراً واضحاً على أن الطريق الذي نسير فيها حالياً غير قابل للاستمرار. ومن دون شك أنه بوسع المرء تبني «مقاربة جزازة العشب» من أجل تقليص التعويضات العسكرية: أي قطع كل الأشياء التي تنمو بسرعة وتبرز وترتفع عما سواها. والواقع أن طلب الميزانية الصادر عن «البنتاجون» هذا الشهر يدعو إلى اقتطاعات في الميزانيات التي تزداد بسرعة، وخاصة تلك المخصصة للرعاية الصحية والراتب الأساسي، وإلى خفض التكاليف. ولكن، هل أشكال التعويضات هذه هي التي ينبغي أن تقلص بالفعل؟ وهل تأخذ التخفيضات المقترحة في عين الاعتبار تأثير ذلك على القوات المسلحة المكونة في كليتها من المتطوعين؟ الواقع أنه من دون أجوبة على هذه الأسئلة، فإن الكونجرس قد يرفض على نحو يمكن تفهمه الموافقة على تغييرات في هذا الباب. والأكيد أن إصلاح برامج الاستحقاقات التي تقدمها الحكومة لمنتسبي القوات المسلحة ينبغي ألا يتمحور فقط حول خفض التكاليف. فقبل اتخاذ قرارات بشأن أي القطاعات التي ينبغي أن تطالها الاقتطاعات، يجب على وزارة الدفاع أن تفهم على نحو جيد تفضيلات أعضاء القوات المسلحة. كما ينبغي عليها أن تتواصل مع منتسبيها وتقوم بجمع البيانات باستعمال أدوات تحليلية حديثة ومتاحة. غير أن هذه المقاربة ينبغي أن تستعمل في عمليات اتخاذ القرارات، وليس من أجل إملائها. كما يجب أخذ أمور ضرورية أخرى، مثل ضمان تلقي كل أعضاء القوات المسلحة لرعاية صحية مناسبة في عين الاعتبار، عند القيام بأي عملية اختيار، حتى وإنْ كان ذلك يعني الاستمرار في تمويل مزايا يقلل أعضاء القوات المسلحة من قيمتها. وخلاصة القول، إن مقاربة تقوم على تفضيلات الموظفين العسكريين ستمثل مقاربة ذكية حتى إذا كانت الميزانية ترتفع؛ لأنه من المعقول والمنطقي دائماً أخذ احتياجات ورغبات الأشخاص الذين تخدمهم في عين الاعتبار. غير أنه في أحيان كثيرة، يتطلب الأمر أزمة حتى يتم تركيز الأفكار والدفع في اتجاه التغيير. وعلى أي حال، فإنه يجدر بالبنتاجون الآن أن يغتنم حالة الاضطراب التي وقعت حول الميزانية من أجل تحديث نظام التعويضات الذي يتبعه، إلى جانب الأساليب المستعملة من أجل تقييمه. والأكيد أن وزارة الدفاع تستطيع أن تبلي بلاء أحسن، والجنود يستحقون أحسن، لأن مستقبل الجيش الأميركي القائم على التطوع يتوقف على ذلك. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©