الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب السودان: الخرطوم تريد تأديب جوبا!

حرب السودان: الخرطوم تريد تأديب جوبا!
23 ابريل 2012
انزلق السودان وخصمه الجنوبي نحو حرب كارثية الأسبوع الماضي، حيث اندلع القتال بمحاذاة حدودهما المتنازع عليها، وهدد الرئيس السوداني بتلقين أحدث دولة في العالم "درساً أخيراً" بالقوة. غير أن من شأن حرب ممتدة بين السودان وجنوب السودان، اللذين انفصلا على نحو سلمي في يوليو الماضي، أن تؤدي على نحو شبه مؤكد إلى حصيلة كارثية من حيث الضحايا المدنيين وأن تلحق ضرراً بالغاً بقطاع النفط الذي يعتمد عليه اقتصادا البلدين، وذلك بعد أن فشلت المساعي الدبلوماسية في تحقيق أي تقدم، وفي وقت يدعو فيه المدنيون على الجانبين حكومتيهما إلى عدم التراجع. والجدير بالذكر أن الجانبين خاضا حرباً أهلية لأكثر من عقدين من الزمن أسفرت عن مقتل ما يقدر بمليوني شخص. ويقول محللون إنه إذا لم يتم الضغط عليهما للعودة إلى طاولة المفاوضات الآن، فإن فرص تعايشهما على نحو سلمي قد تضيع لسنوات أو حتى عقود. وكان جنوب السودان قد استولى الأسبوع الماضي على هجليج التي تعد أهم منطقة لإنتاج النفط في السودان، وفي أعقاب ذلك، أعلن برلمان السودان البلدَ الجديدَ عدواً يجب دحره، ووصف الرئيس البشير "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بـ"الحشرة"، متعهداً بـ"تحرير" جوبا منها. ونقلت تقارير إخبارية عن البشير قوله مخاطباً تجمعاً جماهيرياً حاشداً يوم الخميس، إن هؤلاء الناس لا يفهمون ولا يمكن تأديبهم إلا بالعصا، مضيفاً: "من يمد يده على السودان سنقطعها، ولن نفرط في شبر من بلدنا". المتحدث باسم جيش "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، فيليب أجر، قال إن "الجنوب" قام بصد أربع هجمات خلال الأربع والعشرين ساعة السابقة. لكن متحدثاً باسم حكومة جنوب السودان، بارنبا ماريال بينجامن، نفا أن تكون بلاده في حالة حرب مع السودان، إذ قال: "إن جمهورية جنوب السودان تعتبر السودان دولة جارة وصديقة، وليست عدواً". وشدد بينجامن على أن هجليج هي أراض جنوبية، لكنه قال إن بلاده ملتزمة بحل كل النزاعات بطريقة سلمية. اتفاقية السلام التي وقعها الطرفان عام 2005 أنهت 22 عاماً من الحرب الأهلية؛ لكن جنوب السودان انفصل قبل تسوية أكثر الخلافات صعوبة بين الجانبين حيث مازالت الحدود الدقيقة محل نزاع. وفي الانفصال، حصل جنوب السودان على نحو 80 في المئة من نفط البلاد، الذي يمثل 98 في المئة من دخله. لكن الخلاف الأكثر جدية، حول عائدات النفط ورسوم عبور نفط جنوب السودان، تصاعد عندما استولى السودان على عدد من شحنات نفط جنوب السودان في يناير الماضي، كما زعمت جوبا التي عمدت إلى توقيف إنتاج النفط على نحو مفاجئ. ويذكر أن جهود التوسط لإيجاد حل من قبل الاتحاد الإفريقي منيت بالفشل. مجلس الأمن الدولي طالب جنوب السودان بالانسحاب من هجليج، ودعا أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون الجانبين إلى تجنب حرب "يمكن أن تحصد ما لا يعد ولا يحصى من الأرواح، وتقضي على الأمل، وتنسف آفاق السلام والاستقرار والرخاء لكلا الشعبين". كما دعا جنوبَ السودان إلى الانسحاب من هجليج، واصفاً احتلالها بغير القانوني. وقال إن على السودان أن ينسحب من منطقة أبيي المتنازع عليها، ووقف حملة القصف ضد جنوب السودان. الولايات المتحدة، التي تعتبر حليفاً لجنوب السودان، نددت باستيلائه على هجليج، وبهجمات السودان على "الجنوب". ومن جانبها، حثت الصين التي تعد المستثمر الرئيسي في حقول نفط السودان، على وقف القتال ودعت الجانبين إلى الهدوء وضبط النفس. غير أنه في تطور يمكن أن يزيد من تعقيد جهود وقف الانزلاق إلى الحرب، أفادت بعض التقارير بأن متمردين في منطقة دارفور السودانية، والذين حاربوا القوات الحكومية لسنوات، قد انضموا إلى القتال ضد الجيش السوداني. ونقلت تقارير إخبارية عن متحدث من المتمردين قوله إنهم استولوا على موقعين للجيش بالقرب من هيجليج. بيتر لاسو لادو، رئيس مركز جوبا للانخراط المدني في جنوب السودان، قال إن الحرب تبدو محتملة، معتبراً أنها ستضر ببلده اقتصاديا وستتسبب في موجة من اللاجئين، ودعا إلى ضغط دولي من أجل تفاديها. غير أن الكثيرين في عاصمة الشمال الخرطوم، وفي جوبا عاصمة الجنوب، يقولون إن الحرب تبدو شبه مؤكدة ويدعون حكومتيهما إلى عدم التراجع. وفي هذا السياق، تقول بيانكا بيتر (24 عاماً)، وهي متطوعة تقوم بجمع المواد الغذائية وقطع الصابون من أجل إرسالها إلى الجنود في الجبهة: "إننا لا نريد الحرب"، مضيفةً: "نريد السلام والاستقرار. لقد أمضينا أكثر من 20 عاماً في الحرب وعدم الاستقرار والدمار، وكنا نعتقد أن هذا وقت لنرتاح فيه، لكن إذا فرضوها علينا، فإننا لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي". متطوع آخر يدعى ويليام جاتكوث (26 عاماً)، قال إن جنوب السودان يدافع عن سيادته: "إننا لن نتراجع ونحن نقول لجنودنا إنهم إذا انسحبوا من هجليج، فإن ذلك سيكون ضد مستقبلنا". وفي "الشمال"، أفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن 2300 شخص تطوعوا من أجل القتال ضد جنوب السودان. محمود علي (30 عاماً) وهو أب لخمسة أطفال وعاطل عن العمل، أوضح أنه يريد الانضمام إلى الجيش وقال: "هجليج جزء من الشمال ويجب استعادتها بأي ثمن"، مضيفاً: "لا أعرف لماذا يفعل الجنوبيون هذا بنا. لقد أرادوا الانفصال، فوافقنا. لكن هذه المرة لن نتسامح". "إشراقة أحمد"، بائعة شاي في شوارع الخرطوم وأم لستة أطفال، تقول إنها تأمل أن تنتهي الحرب بسرعة: "لا أعرف إن كانت هجليج جزءاً من الشمال أم من الجنوب، لكني آمل أن ينهوا هذه الحرب في أقرب وقت ممكن، لأن الكثيرين ماتوا في الحروب السابقة، والحرب دائماً ضارة!". السنوسي أحمد - الخرطوم ديفيد لوكان - جوبا روبين ديكسون - جوهانسبورج ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©