السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... مخاطر «مليونيات التحرير»

23 ابريل 2012
عندما تدفق آلاف المحتجين من مختلف التيارات السياسية على ميدان التحرير الشهير في القاهرة الجمعة الماضي، كانوا يبدون- ظاهرياً- متحدين وراء قضية مشتركة، ولكن المنصات المتنافسة والصاخبة العديدة التي انتشرت في الميدان، كشفت عن انقسامات عميقة بين تلك التيارات، خلال الفترة الانتقالية التي تزداد الأمور فيها اضطراباً على الدوام. "ظاهرياً قد تبدو قوى الاحتجاج منقسمة على نفسها، ولكننا جميعاً جئنا هنا كي نقول: "يسقط حكم العسكر"، هذا ما قاله"رفيق عاطف" عضو جماعة السادس من أبريل، وهي جماعة سياسية علمانية كانت من بين القوى التي دعت للتظاهر. بالإضافة لأعضاء السادس من أبريل، كان هناك أيضاً أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، وأنصار حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح السلفي لرئاسة الجمهورية، وأنصار تيارات أخرى جاءوا جميعاً للاحتجاج على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والمطالبة بإنهاء الحكم العسكري من خلال خطب وأغان حماسية كانت تتدفق من مكبرات صوت صاخبة جرى تثبيتها، في عشرات المنصات الصغيرة والكبيرة، التي انتشرت في الميدان في محاولة لإحياء الروح الثورية. يقول "مايكل وحيد حنا" من "سنشري فاونديشين":"هناك قدر كبير من التعتيم بشأن ما يحدث". ويوضح "حنا" ما يقصده بقوله:"هناك العديد من مراكز السلطة المتنافسة"، ولكنه يضيف مع ذلك أنه من الصعب معرفة ما إذا كانت لجنة الانتخابات الرئاسية العليا، أو المحكمة الدستورية قد تصرفتا من تلقاء نفسيهما، أم أن المجلس العسكري هو الذي سيّس القرار. والدعوات لمليونية الجمعة الماضية جاءت بعد أن دخل"عمر سليمان" السباق الرئاسي، وعقب استبعاده كانت معرفة السبب للنزول لتلك المليونية يتوقف على الشخص الذي تسأله، والتيار الذي ينتمي إليه. ولكن العديد من المحتجين يوم الجمعة طالبوا بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري الذي يحظر الطعن على قرارات اللجنة العليا للانتخابات. وعلى الرغم من توحد التيارات في هذه المطالبة، إلا أن الشعارات المرفوعة في الميدان كشفت عن انقسامات عميقة بين قوى المعارضة في مصر. فبعض "الإخوان المسلمين" طالبوا بالطرد الكامل للفلول، في حين طالبت جماعة 6 أبريل بجمعية تأسيسية غير خاضعة لسيطرة "الأخوان" تضم ممثلين عن كافة أطياف المجتمع، أما السلفيون الذين يبدون أكثر تمسكاً بالمظاهر الدينية من "الإخوان"، فقد بدوا مهتمين أكثر بمصير أبو إسماعيل. ويترحم"باسم صبري" الكاتب والمدون على أيام الانتفاضة الثمانية عشر التي أطاحت بمبارك العام الماضي قائلاً:"في ذلك الوقت كانت الأشياء أكثر بساطة... كان هناك عدو واحد معروف، وكان الهدف واضحاً جداً هو إسقاط النظام، وكان الميدان موحداً وراء هذا الهدف بنسبة مئة في المئة. أما اليوم فنجد هناك إسلاميين وليبراليين ومشجعي كرة القدم المعروفين بالألتراس، ومحتجين محايدين. وجميع هذه القوى المختلفة تقاتل من أجل التأثير على القرارات السياسية، ودفعها في هذا الاتجاه أو ذاك". وكان أبرز ما في مليونية الجمعة الماضية عودة "الإخوان المسلمين" للانضمام لحركة الاحتجاج بعد أن كانوا قد امتنعوا عن التظاهر والاحتجاج لفترة طويلة. وهذه البادرة أغضبت بعض القوى العلمانية التي تعتقد أن "الإخوان" يتظاهرون في الميدان من أجل تحقيق أطماعهم التنظيمية. عن هذا تقول"أمل شرف" العضو المشارك في تأسيس حركة "السادس من أبريل"، والتي كانت موجودة في التحرير:" لقد جاء الإسلاميون كي يحاولوا اختطاف الثورة" وأضافت" عندما كنا بحاجة إليهم لم يأتوا ...ولكنهم عندما احتاجوا لنا جاءوا".وهذه الانقسامات تقوض فعالية سياسة الاحتجاج. فكما يقول"صبري": المحتجون منقسمون حول العديد من الأفكار، والمطالب للدرجة التي اعتقد معها أن الأمر سينتهي بهم لعدم تحقيق أي شيء على الإطلاق". ولكن بعض المحللين يرون أن هدف الإخوان المسلمين من الانضمام لاحتجاجات يوم الجمعة الماضي، ليس هو إطلاق شرارة سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات الضخمة مثل تلك التي اجتاحت مصر بعد الخامس والعشرين من يناير من العام الماضي، وإنما فقط استعراض قوة الجماعة التي يبلغ عمرها 84 عاماً. ويرى هؤلاء المحللون إن المصريين بشكل عام قد ملوا من الاحتجاجات التي يرون أنها كانت سبباً من الأسباب الرئيسية لتدمير الاقتصاد، والقضاء على صناعة السياحة التي وصلت إلى أدنى مستوياتها. "أنا غير راض عن الاحتجاجات التي تمت اليوم"... هذا ما قاله "حسن " تاجر محل التحف بحي الزمالك الراقي وعندما سألته عن السبب قال: هذه المظاهرات والاحتجاجات هي السبب فيما آل إليه حال تجارتي اليوم التي انخفضت بنسبة 80 في المئة عما كانت عليه قبل الثورة". والمصريون ليسوا متوحدين في نظرتهم إلى المجلس العسكري، فالحقيقة هي أن كثيراً منهم يتعاطفون مع الفكرة القائلة بأن الاستقرار والنظام هما ما يحتاج إليه البلد في الوقت الراهن ويدعون إلى الصبر على المجلس وإتاحة الفرصة أمامه للعمل والمضي بالبلاد قدماً. ولكن بعض الجماعات تصر مع ذلك على أنها ستواصل المطالبة بالتغيير: فأنصار أبوإسماعيل على سبيل المثال دعوا إلى اعتصام في ميدان التحرير، كما أن حركة السادس من أبريل عازمة على المضي قدماً في طلباتها المختلفة. "احتجاجات اليوم ليست سوى بداية سلسلة من الاحتجاجات" هذا ما قالته "شرف" التي أضافت" فهذا فقط هو الذي سيؤدي لعودة الروح الثورية". سارا لينش - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©