الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام يوفر ضمانات لحمايــــة المستهلك

الإسلام يوفر ضمانات لحمايــــة المستهلك
25 سبتمبر 2008 23:07
عرفت الشريعة الإسلامية مفهوم حماية المستهلك منذ قرون بعيدة ووضعت من الضوابط والقيود ما يحقق التوازن في المعاملات بين أفراد المجتمع المسلم· ويقول الدكتور رفعت العوضي -أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر: المستهلك هو من يستعمل المنتجات لإشباع حاجاته سواء كان الشيء موضوع الاستهلاك مما يفني باستعمال واحد، كالمأكول، والمشروب، والدواء، أو كان مما لا يفنى إلا باستعمالات متعددة، متتابعة، عن طريق الاندثار الجزئي، كالملبس، ووسيلة النقل· وحماية المستهلك تعني استعمال المجتمع المسلم وسائل شرعية تحفظ مصلحة المستهلك، الآنية والمستقبلية، في المواد، وفي المشاهد والصور، وفي أدوات المعرفة وغيرها· وقال د·العوضي: حرصت الحضارة الإسلامية على توفير الحماية اللازمة للمستهلك في كل هذه المجالات· ففي مجال حماية مستهلك السلع والخدمات تتم حماية المستهلك على مستويين: الأول، مستوى الإنتاج، يحمي المستهلك بتوفير الجودة في المنتج، وذلك لجنس الاختيار في المواد الخام، وباتقان التركيب والعمل الإنتاجي المتصل به، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ''إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه''· يضاف إلى ذلك الاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي، حتى يتم تدعيم الجودة بالاختصار في الزمن اللازم للإنتاج، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض عدد الساعات اللازمة للانتاج، والتي هي إحدى مقومات السعر أو الثمن، وقد حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أن ينفع المنتج الناس عن طريق تخفيض الكلفة، ومن ثم تخفيض السعر: ''خير الناس أنفعهم للناس''· كما تتم حماية المستهلك على مستوى الإنتاج بتجنب التمويل الربوي الذي يرفع دائماً من كلفة السلعة المنتجة، لأن سعر الربا أو الفوائد البنكية يتحملها في النهاية المستهلك، فيتعرض للظلم· قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين· فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) (البقرة:278)· يضيف د·العوضي: عرفت الشريعة الإسلامية حماية المستهلك على مستوى التسويق للسلع والخدمات من خلال طبيعة السوق الإسلامية، ووفق عدة ضوابط شرعية، أهمها، طبيعة السوق الإسلامية -وهي مكان التقاء العارضين والطالبين- وتتميز بأنها سوق حرة، ليس فيها احتكار، لا في السلع، ولا في المعلومات عن الأسعار، لأن الاحتكار جريمة اقتصادية، حيث يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: ''لا يحتكر إلا خاطئ''· وبذلك تتوفر المنافسة التي تتحدد بها الأسعار من خلال آليات الطلب والعرض، ومن خلال تلاقي شروط أطراف التداول دون تدخل مسبق للسلطة في تحديد الأسعار، فقد أباح - صلى الله عليه وسلم - لأطراف التداول أن يشترطوا ما شاؤوا: ''المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً''· وحرية السوق في الإسلام منظمة بقواعد الشريعة التي تمثل شرط الله تعالى· فلا يدخل هذه السوق سلع محرمة، كالخمر، ولحم الخنزير، وغيرها· ويشير إلى أن للتداول آداباً ملزمة، يجب على أطراف التداول مراعاتها بدقة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ''لا يسم المسلم على سوم أخيه''، و''لا يبيع الرجل على بيع أخيه''، فسوم الشخص على سوم أخيه منافسة غير مشروعة، فلا يدخل الثاني في المنافسة قبل أن ينصرف المساوم الأول· ثم هذه السوق تخضع لرقابة السلطة، لأن الدولة في الإسلام هي دولة العقيدة، عليها أن تراقب التزام الناس بالعقيدة في الحياة اليومية على المستوى الاقتصادي وغيره· ويبين الدكتور العوضي أن الإسلام وضع عدة ضوابط تحمي الثقة والتوازن بين أطراف التداول أهمها، منع الغرر، قال أبوهريرة -رضي الله عنه- ''نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر''· والغرر: أن يكون موضوع التداول غير مقدور على تسليمه إلى المتملك سواء أكان هذا الموضوع موجوداً أم معدوماً· ومن أمثلة الغرر بيع السمك وهو في ماء البحر، لم يصطد بعد· ومن الغرر، الذي يحمي منه المستهلك ما يعرف ببيع السنين، حيث يبيع الإنسان غلات حقله لعدة سنوات قادمة، فقد تكون غلة، وقد لا تكون، فيضيع المستهلك أو المتملك· ومن الغرر أيضاً أن تباع الثمار على أشجارها ولم يبد صلاحها بعد· وكذلك، يحمي المستهلك بوجوب الابتعاد عن وسائل فقدان الثقة، وفي هذا السياق حرم الإسلام الغش في موضوع التداول، وحرم الإسلام التلاعب بالأسعار عن طريق النجش، وهو أن يزيد الشخص في ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، إنما يريد فقط أن يدفع الآخرين لشرائها، أو لقبول الثمن المرتفع المطلوب فيها، وقد يكون ذلك بتواطؤ بين البائع والناجش· ومن الضوابط التي قررتها الشريعة الإسلامية منع الوساطة غير المنتجة ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع المضطر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©