الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سفينة المجتمع

سفينة المجتمع
25 سبتمبر 2008 23:10
يرتبط أفراد كل مجتمع غالباً بالعديد من الوشائج والروابط التي تجمع أبناءه على ثوابت وأهداف مشتركة، و بمقدار ما يتوحدون على مثل هذه المبادئ الكبرى لحاضرهم ومستقبلهم بمقدار ما يكون جهدهم قوياً ومتضافراً للصعود والنهوض وعيشاً هنياً مستمراً· وقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - المجتمع بسفينة تمخر عباب الماء ولها قصد محدد ووجهة مقصودة فقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري و الترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً· والقائم على حدود الله هو الساهر عليها حتى لا تضيع ولا تنتهك ولا تتعدى والواقع فيها أي المرتكب للمخالفات، والمتجاوزون للحدود والحرمات، فالمجتمع لابد من مسؤولين يسهرون على سلامته ونظامه، لأن طبيعة البشر ليست على صفة واحدة من الخير والصفاء والاستقامة والعطاء بل فيها النقي الزكي، و فيها الأعوج الردي ،إذا ترك الأعوج فكراً وسلوكاً وشأنه يعيث في المجتمع فساداً وتدميراً، ومخالفة وعصياناً فإن المجتمع يفقد الطمأنينة والسكينة ويصبح على الخوف ويمسي على الرعب ، وهذا فاتحة الغرق والانهيار في الحياة الاجتماعية كلها· ولهذا قرب النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى بمثال محسوس يدركه كل الناس وهو السفينة ، وقد نال كل واحد نصيبه منها، وكذلك المجتمع لكل واحد من أبنائه نصيب وموضع بعضهم في التجارة ، وبعضهم في الإدارة وبعضهم في التعليم وبعضهم في الزراعة والبناء· هكذا يتكامل المجتمع ، فإذا حصل تهاون أو تفريط أو تجاوز من جانب ما لما كلف القيام به فسيكون مثل أولئك الذين كان لهم الدور السفلي من السفينة وكانوا عندما يحتاجون إلى الماء يصعدون إلى الأعلى ليلقوا بدلائهم في الماء فأصابهم البطر أو العجز فعزموا الوصول إلى أهدافهم بطريق غير مشروع فأرادوا نقر نقرة في السفينة وفتح حفرة للوصول إلى الماء، كذلك أهواء الناس في الوصول إلى مقاصدهم مختلفة وغير قليل منهم لا يفكر إلا بالوصول بأي طريق كانت، ولكن خرق قوانين المجتمع وأنظمته سيؤثر على الذين ارتكبوا هذا الخرق و سيكونون أول من يعمه الطوفان والهلاك ويجرون غيرهم معهم إلى ذلك· و لهذا لابد من اليقظة الدائمة حتى لا يسمح للعابثين أن تسول لهم أنفسهم بالجناية على المجتمع بل يجب الأخذ على أيديهم ومنعهم من ذلك بكل الوسائل الممكنة بدءا من التوجيه والتربية وانتهاء بالزجر والعقوبة لتبقى السفينة سليمة في بنائها قوية في قصدها وهدفها · إن حماية المجتمع مسؤولية مشتركة كما تظهر في الحديث الشريف وعلينا تحمل هذه المسؤولية كل في موقعه· المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©