الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات النفط الوطنية الأكثر تأثراً بالأزمة المالية

31 يناير 2009 00:31
قبيل أقل من عام من الآن تمكنت شركة بتروشاينا النفطية المملوكة معظمها للحكومة الصينية من تجاوز شركة اكسون موبيل لتصبح أكبر شركة مسجلة في مجال الطاقة في العالم· وهي المرة الأولى في تاريخ الصناعة النفطية التي تتمتع فيها شركة وطنية للنفط بأكبر رأس مال سوقي في الساحة النفطية· وبعد أشهر قليلة لاحقاً جاء اليكسي ميلز الرئيس التنفيذي لشركة جاز بروم ليؤكد بثقة أن الشركة الروسية العملاقة المحتكرة للغاز والتي يهيمن عليها الكرملين سوف تصبح في غضون عقد من الزمان الشركة الأكبر للطاقة في العالم· ولكن لا أحد فيما يبدو كان يتوقع ما سوف تدلي به الأزمة العالمية الطاحنة من تأثيرات وتداعيات· فبحلول نهاية العام الماضي بعد أن تراجعت أسعار النفط بشكل دراماتيكي سرعان ما وجدت اكسون موبيل نفسها على صدارة قائمة الشركات الأكبر في العالم في ظل ما أصبحت تشهده شركات النفط العالمية من فرص هائلة وسانحة وبشكل لم يكن متوفراً قبل عام من ذلك الوقت، والآن فإن كل مجموعة نفطية عالمية ضمن العشر الكبار حسبما ورد في دراسة صدرت في هذا الأسبوع من قبل شركة بي اف سي للطاقة المجموعة الاستشارية في واشنطن، مثل اكسون موبيل ورويال دوتش شل وشيفرون وبريتش بتروليوم وتوتال قد تمكنت بنجاح من اكتساب موطئ قدم لها واحتلال مواقع متقدمة في هذه القائمة· ولكن وعلى العكس من ذلك فإن الشركات الوطنية من أمثال بتروشاينا وبتروبراس البرازيلية وجازبروم الروسية وشينوبك الصينية قد تعثرت وتراجعت لتحتل مواقع في أسفل القائمة بينما خرجت آخر شركتين من قائمة العشر الكبار بالكامل· على أن هذا التغير السريع في الحظوظ بدأ يزيد من مخاطر تأجيل وتعليق بعض أكبر مشاريع النفط والغاز في العالم في ظل ارتفاع حجم المتطلبات التكنولوجية وزيادة صعوبة الحصول على التمويل الباهظ التكلفة· وهو الأمر الذي جعل العديد من زبائن شركات النفط الوطنية يشعرون بالمزيد من المخاوف من إمكانية عدم توفر كميات كافية من النفط والغاز في منتصف العقد المقبل· ويشار إلى أن شركة جاز بروم تسيطر على 25 في المائة من اجمالي احتياطيات الغاز العالمية· وهذه الكمية تتضمن الاحتياطيات الكامنة في منطقة شبه جزيرة ''يامال'' المتجمدة والنائية· ولكن وطأة الديون الهائلة التي أصبحت ترزح تحتها جاز بروم إلى جانب التكاليف المرتفعة للائتمان باتت من المؤكد أن تؤدي إلى تأجيل تدفق الاستثمارات المطلوبة كما يشير محللون· وهو الأمر الذي أضحى من شأنه أن يستوجب من أوروبا الزبون الأكبر لروسيا أن تهيئ نفسها لانقطاع في إمدادات الغاز وبشكل أطول وأعمق من مجرد فجوات النقص الطارئة الناجمة عن النزاع في مسألة التسعير بين جاز بروم وأوكرانيا وفقاً لتحذيرات المحللين وبعض الدبلوماسيين الأوروبيين· وكما يشير أوزوالد كلينت المحلل في مؤسسة سانفورد بيرنستين فإن إمكانية تأجيل عمليات الانتاج في شبه جزيرة يامال ولفترة عامين فقط ''سوف تصبح كافية للإخلال بديناميكية الطلب والعرض في جميع الأنحاء الروسية· أما الأهم من ذلك فسوف تصبح أوروبا في موقف تعاني فيه من النقص والعجز''· وفي ذات الأثناء وعلى الجانب الآخر من الكوكب الأرضي فقد تمكنت شركة بتروباس مؤخراً من اكتشاف أكبر مكامن النفط الجديدة الواعدة في العالم المدفونة تحت طبقات كثيفة من الملح في المياه العميقة للساحل الجنوبي الشرقي للبرازيل· وبعد أشهر من التأجيلات خرجت بتروباس الأسبوع الماضي بمراجعة لاستراتيجيتها تنطوي على صورة مشرقة ومتفائلة لمقدرة الشركة على استخراج هذه الموارد الغنية· إلا أن بعض التنفيذيين في شركات النفط الأخرى أعربوا عن شكوكهم وملاحظاتهم التي تشير إلى أن هذا الأمر سوف يعتمد كثيراً على الإطار القانوني الذي ما زال يدور الجدل حوله والخاص بكيفية التحكم في تنمية وتطوير هذا الحقل· بل إن ما يفاقم هذه المشكلة أيضاً ذلك التباطؤ الذي أصبح يساور الأعمال والأنشطة في قطاع خدمات النفط· إذ أن أسعار أسهم شركة شلومبيرجر الشركة الأكبر في العالم في مجال خدمات النفط قد شهدت الانخفاض مؤخراً بنسبة بلغت 57 في المائة· بيد أن مثل هذا التراجع الدراماتيكي في الحظوظ أضحى من جهة أخرى يوفر الفرص السانحة الجديدة لشركات النفط العالمية الأكثر قدرة على الحركة والنشاط والتي تفيض خزائنها بكميات أكبر نسبياً بالأموال· وحتى وقت قريب كانت الدول الغنية بالنفط تعمل على مراجعة وإعادة صياغة عقودها المبرمة مع كبريات شركات النفط العالمية وبشكل أدى إلى إنهاء الملكية الغالبة لهذه الشركات ويطيح بها إلى خارج مواقع القيادة والزعامة في الساحة النفطية ويقلل كثيراً من حصة أرباحها كما يحرمها من الدخول إلى العديد من فرص الاستكشاف الجديدة· وذلك بعد أن آثرت هذه الدول التحول عوضاً عن ذلك إلى شركات النفط الوطنية وشركائها العاملة في مجال خدمات النفط تاركة شركات النفط العالمية تناضل من أجل توسعة انتاجها· وحتى الآن فإن هذا الاتجاه ما زال سائداً ولم يتغير بعد فيما يبدو في ليبيا حيث عبَّر العقيد معمر القذافي في الأسبوع الماضي عن رغبته في تأميم القطاع النفطي في الجماهيرية الليبية· ولكن وفي دول أخرى بمن فيها فنزويلا التي طالما كانت تعتبر إحدى أكبر الدول الغنية بالنفط تشدداً قد بدأت مؤخراً في الاقتراب من التنفيذيين في كبريات شركات النفط العالمية من أجل إبرام صفقات جديدة· والغريب أن نجاح مجموعات الطاقة الوطنية من أمثال جاز بروم وبتروباس أصبح يعتمد بشدة على الكيفية التي تدرك بها هذه الشركات وبسرعة متناهية أن الموجة قد انقلبت أخيراً ضدها· تماماً كما أن مقدرة العالم على الحصول على كميات كافية من النفط والغاز من أجل إشعال انتعاشه الاقتصادي بات يعتمد كثيراً على قدرة هذه الشركات ورغبتها في تبني التكنولوجيا الجديدة والبحث عن المزيد من الخبرة الأجنبية· عن ''فاينانشيال تايمز''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©