الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القروض .. أداة الصين لفتح الأسواق وتوطيد النفوذ في الدول النامية

القروض .. أداة الصين لفتح الأسواق وتوطيد النفوذ في الدول النامية
25 ابريل 2015 21:25
ترجمة: حسونة الطيب ترتبط الصين بصداقات عديدة حول العالم تقوم معظمها على المصالح المشتركة مع ترجيح كفة الصين، التي تمنح قروضاً ضخمة في شكل مشاريع بنية تحتية كعربون لتوطيد هذه العلاقات وضمان استمرارها. ولم يكن التحول في علاقة الصين التجارية مع سريلانكا الإخفاق الوحيد في أهدافها التمويلية السياسية، بل الأخير ضمن سلسلة من الإخفاقات التي تخللت محاولات الصين للحصول على الموارد والأسواق والحلفاء الاستراتيجيين في البلدان النامية. وتعاني على سبيل المثال، أوكرانيا كثيراً في سبيل تسديد ما عليها من ديون صينية، بينما فشلت زيمبابوي في رد دين أقل من ذلك بكثير. وفي غضون ذلك، تعاني دول أخرى تتلقى قروض صينية مدفوعة بأهداف سياسية، مثل فنزويلا والإكوادور والأرجنتين، مشاكل اقتصادية مختلفة، ما يثير الشكوك حول مقدرتها على الإيفاء بهذه الديون. ويقول يو يونج دينج، الأستاذ في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، المنظمة الفكرية: «تخاطر الصين كثيراً بتقديمها للقروض لنظم سياسية غير مستقرة في أفريقيا وأميركا اللاتينية وبعض الدول الآسيوية. وتعتقد العديد من المؤسسات الصينية أنها بمجرد إبرام الصفقة مع الحكومة، أن ذلك يكفل لها الضمانات المطلوبة، إلا أن الحقيقة السياسية أبعد عمقاً من ذلك». ولا يقتصر الأمر على المخاطر المالية فقط بالنسبة للصين. وتستغل بكين وضعها، كأكبر دولة في العالم، لتقديم عمليات التمويل التنموية، وتلبية مطالب القيادات في الدول النامية، ونشر الأموال من احتياطيها النقدي الضخم البالغ قوامه 3,8 تريليون دولار، لتعزيز علاقاتها مع الدول التي لها أجندة معادية للولايات المتحدة الأميركية. لكن ينذر هذا النموذج بمخاطر جمة في الوقت الراهن، حيث من الممكن الكشف عن الصفقات التي تعقد سراً مع دول تقبع في ذيل قائمة التصنيف الائتماني التي تتميز بحكومات غير مستقرة وموارد مستنفدة. ولا يخلو نموذج الدبلوماسية المالية الصينية، من التعقيدات بالنسبة للعالم ككل. ويبدو أن بكين لم تعد تتحمل الكثير من المخاطر المتعاظمة، التوجه الذي من شأنه أن يحرم بعض أكثر الاقتصادات العالمية ضعفاً، من بعض خطوط الائتمان القوية. كما يبدو أنها عازمة على نشر هذه المخاطر وانتهاج طريقة أكثر تعددية ومؤسسية عبر خططها الرامية لإنشاء بنك آسيا لاستثمارات البنية التحتية وبنك التنمية الجديدة. علاوة على ذلك، تدور بعض المخاوف حول مدى إمكانية أن تكون أهداف هذه المؤسسات الصينية، ربحية بحتة، ولأي مدى يترتب عليها الالتزام بالأجندة الاستراتيجية والسياسية للبلاد. مخاطر ائتمانية وسياسية ربما تنعكس مخاطر كبيرة عن التغييرات التي تطرأ على طرح الصين لعمليات التمويل التنموية، بالأخذ في الاعتبار حجم هذه العمليات وسرعة نموها منذ أزمة 2008 الاقتصادية. ويجعل الغموض، وعدم إمكانية التوصل لمعلومات شاملة، من التعرف على حجم القروض الصينية في الخارج مهمة شاقة للغاية. ويقدر فريد هوشبيرج، مدير بنك الصادرات والواردات الأميركي، تعهدات المؤسسات الصينية خلال السنوات القليلة الماضية، بنحو 670 مليار دولار أو ما يزيد. كما بلغ إجمالي القروض الصينية في أميركا الجنوبية 119 مليار دولار منذ العام 2005، بزيادة 22 مليار دولار في 2014 وحدها، بينما تقدر الديون المقدمة للدول الأفريقية في الفترة بين 2000 إلى 2011، بنحو 52,8 مليار دولار. ويرى بعض الخبراء، أنه وبنهاية دورة السلع وانخفاض أسعار النفط، سينكشف ضعف العديد من الدول التي تمد لها الصين يد العون، وربما تعجز بعضها سواء في أفريقيا أو أميركا اللاتينية عن تسديد ما عليها من دين مستحق. وتعتبر فنزويلا التي بلغ إجمالي الدين الصيني عليها نحو 56,3 مليار دولار موزعة على 16 قرضا، واحدة من أكثر الدول المرشحة لعدم الالتزام بالتسديد. ونظراً للاتفاق بين البلدين على تسديد الدين مقابل النفط، عجزت شركة بي دي في أس أيه الوطنية للنفط، عن الإيفاء بالتزاماتها في الوقت المتفق عليه، ما حدا بها إلى اللجوء للبنك المركزي للاقتراض، الشئ الذي أدى لنقص في العملة الصعبة وبالتالي إلى التضخم والحد من استيراد المواد الغذائية. ولم ينبع فتور الصين تجاه فنزويلا، من سوء إدارة كراكاس للاقتصاد فحسب، بل لتراجع شهية بكين عن النفط والمعادن في أميركا اللاتينية، في وقت اتسم فيه اقتصاد البلاد ببطء النمو. وتراجع حماس بكين في أوكرانيا أيضاً. وبينما حظي رئيس أوكرانيا السابق فيكتور يانوفيتش باستقبال حار في الصين في 2013 لتأكيد الشراكة الثنائية الاستراتيجية، توجهت الصين صوب روسيا بعد الإطاحة به وبلوغ متأخرات ديونها لدى كييف 6,6 مليار دولار. مؤسسات متعددة الأطراف وربما تدفع مثل هذه الإخفاقات بالصين لطرح قروضها عبر مؤسسات جديدة متعددة الأطراف تخضع لإشراف مباشر من الحكومة. ويكمُن الغرض الرئيسي وراء موجة الإقراض الصيني على مدى العقد الماضي، في بحث الصين عن الموارد الطبيعية، العامل الذي بدأ في إفساح المجال أمام الشركات الهندسية العملاقة في البلاد، لولوج الأسواق الخارجية. ويضيف يو يونج دينج، :«رأت الصين أن وضع أموالها في الخزائن الأميركية، لا يعود عليها بفوائد كبيرة، لذا فإن إقراضها لإنشاء مشاريع البنية التحتية يولد أعمالاً تجارية تصب في مصلحة الشركات الصينية الكبيرة، التي تجد صعوبة في جني الأرباح في ظل العدد الضخم من الشركات العاملة في السوق المحلية». مشاريع ضخمة ربما تتخطى طموحات البنية التحتية، كافة الالتزامات السابقة المتعلقة بالموارد الطبيعية، وخير مثال لذلك خط السكك الحديدية توين أوشن المقترح بطول 5 آلاف كيلو متر، الذي يجري بين المدن على ساحل المحيط الهادئ في بيرو، وعلى طول سلسلة جبال الأنديز حتى ساحل المحيط الأطلسي في البرازيل. ورغم عدم الوصول لأي تقدير للتكلفة حتى الآن، إلا أنه تم التوقيع على مذكرة تفاهم، نظراً لما يتميز به المشروع من أهمية لبكين. وبالمثل، تهدف مبادرات طريق الحرير الجديد التي تتضمن استثمارات بمليارات الدولارات لإنشاء بنية تحتية للمواصلات في مناطق مختلفة من يوروشيا وبحر جنوب الصين والمحيط الهندي، لدعم الشركات الحكومية العاملة في مجال إنتاج الإسمنت والحديد والمعدات الثقيلة لتصدير الفائض في إنتاجها. وترغم طبيعة مثل هذه المشاريع العملاقة للبنية التحتية التي يتطلب تنفيذها فترة طويلة من الوقت واشتراك عدد كبير من المؤسسات، الصين للقبول بمشاريع محفوفة بالكثير من المخاطر. ويردف يو يونج دينج قائلاً: «نظراً لما تعانيه الصين من فائض في الإنتاج، فيترتب عليها اللجوء لتقديم القروض لتسهيل عمليات التصدير. وتقوم مثلاً بتقديم القروض لبعض الدول لمساعدتها لإنشاء خطوط السكك الحديدية السريعة. ولتقليل نسبة الخسارة والمخاطر، ينبغي على الصين التعاون مع الدول الأخرى، فيما يتعلق بإبرام الصفقات المحفوفة بالمخاطر». نقلاً عن: فاينانشيال تايمز جيل جديد من المؤسسات المالية تعمل بكين على تأسيس جيل جديد من المؤسسات لتقارع به البنك الدولي وبنك التنمية الأسيوي وهيئات أخرى تسيطر على عمليات تمويل المشاريع التنموية، بموجب «إجماع واشنطن» منذ الحرب العالمية الثانية. ويعكس قرار المملكة المتحدة وقوى أوروبية أخرى الانضمام للمشاورات، وأن تكون ضمن الأعضاء المؤسسين لبنك آسيا لاستثمارات البنية التحتية رغم معارضة واشنطن، الجهود التي تبذلها الصين في تقديم القروض التي تدعم مشاريع البنية التحتية. ويحيط الغموض نوعية القوانين التي تحكم اتفاقيات الدين التي يبرمها بنك آسيا لاستثمارات البنية التحتية وبنك الاستثمارات الجديدة، الذي يحتضن في عضويته البرازيل وجنوب أفريقيا والهند وروسيا وصندوق طريق الحرير بقوامه البالغ 40 مليار دولار. وفي هذا السياق، ربما تجد الصين وشركاؤها في المؤسسات متعددة الأطراف، صعوبة في التوفيق بين أجندة قادرة على المنافسة. ويقول يون سون، الخبير في سياسة الصين الخارجية في مركز ستيمسون في واشنطن: «تواجه الصين ضغوطاً لاستخدام قروض بنك آسيا لاستثمارات البنية التحتية للدفع بأجندة الصين الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بصادرات المنتجات والخدمات الصينية للخارج». ويرى بعض الخبراء، أنه ينبغي على البنك العمل على دعم مصالح الصين الاستراتيجية، مع تأكيد قلة الاهتمام بتلك الدول التي تظهر عدم احترامها للصين. وينبثق عن مثل هذه الأفكار تحديات لا تواجهها الصين بمفردها، بل تلك الدول التي انضمت للمؤسسات متعددة الأطراف التي تتعهد بتقديم القروض بزعامة الصين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©