تأجيل الانتخابات في باكستان··· بين المجازفة والمجهول

أكد رئيس لجنة الانتخابات الباكستانية نبأ إرجاء الحكومــة موعد إجراء الانتخابات البرلمانيــة إلى يوم الثامن عشر من فبراير المقبل، بعدمـــا كان مقرراً عقدهـــا في الثامن من الشهر الجـــاري؛ ويشير المحللـــون إلى أن توقيـــت عقـــد الانتخابــات، فضـــلا عن الطريقة التي ستتفاعل بها المعارضة الباكستانية مع مسألة تأجيل موعدها سيكون، حاسماً بالنسبــة للاستقـــرار في البـــلاد، لا سيمــــا في ظل تعهد حزبي المعارضة الرئيسيين بمواصلة احتجاجاتهمــا ضد تأجيل الانتخابات· وفي هذا الإطــار كان قد أقر أعضاء من الفصيل التابع للرئيس ''مشرف'' والمشارك في الرابطة الإسلامية خلال الأيام القليلة الماضيـــة، أنه لا يمكـــن تأجيل الانتخابات لأكثر من ستة أسابيع دون المجازفة باندلاع المزيد من أعمال العنف، هذا ما عبر عنه أحد أعضاء الرابطة الموالين للرئيس ''مشرف'' بقوله: ''إن مهلــة ستــة أسابيــع هي الحــد الأقصى الذي إذا تم تجاوزه فإنه سيضر بالرئيس مشرف''· وأعلن رئيس لجنة الانتخابات، ''كونوار محمد ديلشاد'' بأنه لم يعد ممكناً تنظيم الانتخابات في موعدها المحدد بسبب التوقف الذي طال عملية طبع أوراق الاقتراع بعد اغتيال ''بينظير بوتو''، كما قامت عناصر المعارضة والمحتجون بتدمير مكاتب الاقتراع في محافظة السند، وأوضح ذلك بقوله: ''لقد تم إحراق مكاتب تابعة للجنة الانتخابات في 11 منطقة بمحافظة السند، ولم يبق شيء منها''· ودافع رئيس لجنة الانتخابات عن التأجيل، مؤكداً أنها المرة الأولى في تاريخ باكستان التي يتم فيها تأجيل موعد الانتخابات، غير أن أعضاء أحزاب المعارضة، فضلا عن الدبلوماسيين الغربيين أرجعوا قرار التأجيل إلى الرغبة في حرمان الحزبين المعارضين من التعاطف الشعبي الكبير بعد مقتل زعيمة حزب الشعب ''بينظير بوتو'' يوم الخميس الماضي؛ يذكر أن حزب الشعب يقوده حاليا ''بيلوال بوتو زارداري''، نجل ''بينظير'' البالغ من العمر 19 سنة وزوجها ''آصف علي زارداري''؛ وأكد حزب الشعب بالإضافة إلى فصيل ''نواز شريف'' ضمن الرابطة الإسلامية المعارض، أنهما مستعدان للمشاركة في الانتخابات خلال موعدها الأول في الثامن من الشهر الجاري· وتتهم أحزاب المعارضة الرئيس ''مشرف'' بأنه يحاول استعادة شعبيته المتدنية وسحب التعاطف الشعبي من أحزاب المعارضة، وذلك بتأخير موعد الانتخابات والمماطلة في إجرائها حتى ينفد حماس الجماهير المتعاطفة معها، وفيما يتعلق بالطريقة التي سيأتي بها رد حزب الشعب وباقي الأحزاب المعارضة على خطوة إرجاء الانتخابات قال: ''رضا رباني'' -عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب- إن لجنة الحزب بحثت الرد المناسب خلال اجتماعها الذي عقد يوم أمس الأربعاء، مضيفا قوله: ''إننا سندرس الرد مع باقي أطراف المعارضة، لأننا لا نريد التحرك قبل التشاور مع أحزاب المعارضة الأخرى لبلورة مسار مشترك''، ومن المرجح أن تقبل إدارة الرئيس بوش الموعد الجديد للانتخابات في شهر فبراير المقبل، رغم ضغط الأميركيين في البداية لإجراء الانتخابــات في موعدهــا الأول، حسب بعض أعضاء حزب الرئيس ''مشرف''· إلى ذلك يرى البعض أن تأجيل الانتخابات راجع أيضا إلى الرغبة في عدم عقدها خلال شهر محرم الإسلامي الذي يصادف الاحتفالات الشيعية في العاشر منه· وبالنظر إلى العنـــف الطائفي الذي غالباً ما يرافق احتفالات الشيعــة خلال شهر محرم، فقد أقر المسؤولون في كل من أحزاب المعارضـــة والحكومــة، أن التوقيت قد لا يكـــون مناسبــاً، بحيث يمكــن عقد الانتخابات في ،22 أو 23 من الشهر الجاري، بعد انتهاء الجزء الأكبر من الاحتفـــالات، لكـــن الحكومــة اختارت تأجيـــل الانتخابـــات إلى أبعـــد من ذلك· ومازال الغضب والاستنكار يحيطان بتصريحات الحكومة الباكستانية حول روايتها الخاصـــة لحــادث اغتيال ''بينظير''، حيث اعتبرت أن زعيمـــة حزب الشعـــب لم تقضِ بسبــب طلقات الرصاص، أو شظايا التفجير، بل بسبب ارتطام رأسها بسقـــف السيـــارة بينمـــا كانت تحـــاول تفادي الهجوم· ويُحمـــل العديد من مؤيديها الحكومة الباكستانيـــة مسؤوليـــة مقتلهــا، بين من يتهمها بالتقصير في حمايتها، وبين من يقـــول بتورطهـــا المباشر في عملية الاغتيال· وقد نقلت وكالة ''أسوشيتد بريس'' عن عضو البرلمان الباكستاني ''لطيف خوصا''، وأحـــد مساعـــدي ''بينظير'' أن هذه الأخيرة كانــت تنــوي الاجتماع بمشرعين أميركيين كانا يقومان بزيارة إلى باكستان لإطلاعهما على تقرير من 160 صفحة يتهم حكومة ''مشرف'' باتخــاذ خطــوات ملموسة لتزوير انتخابات 8 يناير، لكن لقاءها بالسناتور ''أرلين سبيكتر'' من بينسلفانيا وعضو مجلس النواب ''باتريك كينيدي'' من رود أيلند لم يحصــل أبــدا لأنهـــا اغتيلت قبل ذلـــك بساعات· وقد جاء الغضب الشعبي المتنامي على اغتيـــال ''بينظير بوتو'' ليضاف إلى الاستياء العام تجاه الحكومة بسبب فشلها في التصدي للهجمات الإرهابية التي هزت البلاد طيلة الفترة الأخيرة· وحسب الدبلوماسيين الغربيين فإن تأجيل الانتخابات سيؤدي إلى استقطاب حاد في المجتمع الباكستاني قد يزيد من مفاقمة العنف المستشري حاليا· ويضيف الدبلوماسيون الغربيون أن مسألة إحراق مكاتب الاقتراع في محافظة السند يمكن بسهولة التغلب عليها في بلد يتوفر على أكثر من مائة مكتب انتخابي· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز