الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هجوم اقتصادي تركي على السوق المصرية

هجوم اقتصادي تركي على السوق المصرية
2 يوليو 2010 21:46
تسعى شركات ومؤسسات اقتصادية تركية إلى تأسيس وجود قوي لها في السوق المصرية من خلال تأسيس فروع أو مكاتب تمثيل لها، أو العمل بطريقة مباشرة في السوق، وذلك بدعم قوي من حكومة أنقرة، ويبلغ عدد الشركات التركية في مصر حالياً أكثر من 200 شركة، بحسب مسؤولين مصريين. وخلال الأسابيع القليلة الماضية افتتح بنك “ايشه” ـ وهو أكبر البنوك التركية ـ مكتب تمثيل له في العاصمة المصرية القاهرة تمهيداً لافتتاح فرع له في السوق المصرية ليقدم خدماته المالية المباشرة للشركات التركية أو لاستحواذه على أحد البنوك المصرية المرشحة للبيع في المرحلة المقبلة وعلى رأسها “المصرف المتحد” المملوك بالكامل للبنك المركزي المصري أو البنك العربي الأفريقي. وتتوازى مع ذلك تحركات مماثلة من جانب منظمات ومؤسسات رجال الأعمال في تركيا ومصر لتنشيط دور هذه المؤسسات في خلق شراكة تجارية واستثمارية قوية تستهدف إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية المصرية التركية على نحو يخدم الطرفين، وفي مقدمة هذه المؤسسات مجلس الأعمال المصري التركي “الموصياد” ويأتي هذا متزامناً مع تحركات تركية على المستوى السياسي والاقتصادي تسعى لمد جسور التعاون الإقليمي مع معظم بلدان المنطقة العربية، حيث انعقد الملتقى الاقتصادي العربي التركي الخامس في اسطنبول منتصف الشهر الماضي وتبعه انعقاد المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية هناك. ويرى مراقبون أن تركيا تسعى إلى امتلاك دور اقتصادي متنام في المنطقة العربية خلال المرحلة المقبلة يتوازى مع دور سياسي باتت تلعبه بوضوح في عدد من الملفات الإقليمية المهمة الأمر الذي يجعل من الاقتصاد خادماً للأهداف السياسية التركية ويخلق المزيد من الروابط مع الشركات المحلية في عدد من أسواق المنطقة. ويتسم الوجود الاقتصادي التركي في السوق المصرية بالتنوع، حيث يشمل الخدمات المالية والغزل والنسيج والملابس الجاهزة والمقاولات والصناعات الغذائية وغيرها من الأنشطة التي تعتمد على العمالة الكثيفة رغم أن معظم الشركات التركية العاملة في مصر تقوم بجلب نسبة من العمالة التركية، لاسيما في قطاع المقاولات وهو ما ظهر بوضوح أثناء قيام إحدى أبرز شركات المقاولات التركية بتشييد “صالة 3” في مطار القاهرة الدولي قبل ثلاثة أعوام حيث تم تمويل العملية بالكامل عبر قرض ميسر من البنك الدولي واستعانت الشركة التركية بعمالة تركية وشركات من الباطن تركية ومصرية. ويتركز الوجود الصناعي التركي في مناطق شرق بورسعيد وبرج العرب والعاشر من رمضان، بينما تقوم إحدى شركات المطور الصناعي التركية بتطوير منطقة صناعية ضخمة على طريق القاهرة - الإسماعيلية لتكون مركزاً للصناعات الدوائية وتقوم شركة أخرى بتطوير منطقة مماثلة في مدينة 6 أكتوبر سيتم تخصيصها للصناعات النسيجية والصناعات الغذائية. وحسب الأرقام الرسمية فإن إجمالي الاستثمارات التركية في مصر يتجاوز حالياً 700 مليون دولار وهي استثمارات مرشحة للوصول إلى نحو ملياري دولار مع نهاية العام القادم على ضوء النمو المتسارع في حركة التجارة بين البلدين، حيث بلغ إجمالي الصادرات والواردات بين مصر وتركيا في عام 2009 نحو ثلاثة مليارات جنيه ويميل ميزان التبادل التجاري بين البلدين لصالح تركيا. وإذا كان عدد الشركات التركية في السوق المصرية يبلغ حالياً 200 شركة فإنه من المتوقع أن يبلغ العدد نحو 500 شركة بحلول عام 2015 حسب توقعات خبراء اقتصاديين. ويرى هؤلاء الخبراء أن المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري لعب دوراً مهماً في تنمية الوجود التركي على الساحة الاقتصادية المصرية، نظراً لامتلاكه شبكة علاقات قوية مع الشركات والحكومة التركية قبل توليه منصبه الوزاري، حيث أدت زياراته المتكررة إلى تركيا إلى جذب كبرى الشركات الصناعية التركية للعمل في السوق المصرية. ويؤكد محمد المرشدي ـ رئيس غرفة النسيج في اتحاد الصناعات المصرية ـ أن الوجود التركي في السوق المصرية، لا سيما في قطاع الغزل والنسيج يستهدف الاستفادة من المزايا التي توفرها مصر في هذا القطاع سواء من حيث العمالة منخفضة التكلفة أو فرص التصدير الكبيرة التي تؤمنها اتفاقيات اقتصادية وقعتها مصر مع أطراف خارجية ومنها اتفاقية الكوميسا التي تفتح الطريق أمام منتجات الملابس الجاهزة من المصانع التركية المقامة على أراض مصرية لدخول معظم الأسواق الأفريقية بلا رسوم جمركية وهي ميزة لم تكن تتوافر لهذه المنتجات لو كانت ذات منشأ تركي وينطبق الأمر نفسه على دخول هذه المنتجات الأسواق الأوروبية حيث تتمتع بميزة الإعفاء الجمركي نفسها نظراً لتوقيع مصر اتفاقية للشراكة مع الجانب الأوروبي. وتتركز المصانع التركية في مناطق صناعية جديدة مثل شرق التفريعة في بورسعيد وغرب خليج السويس أو في المدن الصناعية الكبرى التي تتمتع بإعفاءات ضريبية كبيرة وتحقق وفراً اقتصادياً وأرباحاً معقولة. وقال: إذا أضفنا إلى كل ذلك اتساع السوق في مصر والذي يضم أكثر من 80 مليون مستهلك والتحسن النسبي في دخول شرائح واسعة من المواطنين في السنوات الأخيرة الأمر الذي يعني توافر قوة شرائية لا بأس بها فإن ذلك يجعل السوق المصرية جاذبة ومغرية للاستثمارات التركية. ويوفر مجال المقاولات والتشييد فرصاً كبيرة لجميع الشركات العاملة فيه سواء كانت محلية أو أجنبية، لا سيما وأن هذا القطاع يحقق معدلات نمو لا تقل عن 15 بالمئة في المتوسط خلال السنوات الأخيرة وأصبح من القطاعات القائدة على خريطة الاقتصاد المصري، ومن ثم فإن اختيار الشركات التركية الدخول إلى الاقتصاد المصري عبر بوابة البناء والتشييد يعد اختياراً ذكياً للغاية. وترى بسنت فهمي ـ الخبيرة المصرفية ومستشار بنك البركة مصر ـ أن بدء دخول بعض البنوك التركية البارزة السوق المصرية ومنها بنك “ايشه” يأتي لخدمة الشركات التركية العاملة في السوق المصرية بالدرجة الأولى في فتح اعتمادات مستندية أو خطابات ضمان أو تمويل صفقات استحواذ أو غيرها من الخدمات المالية المختلفة، لا سيما وأن تزايد عدد الشركات التركية العاملة في مصر وتنوع أنشطتها يستلزمان جهات تقدم خدمات مالية وأن تكون هذه الشركات ذات ارتباط بهذه الجهات المالية في الوطن الأم مثلما يحدث في كل أرجاء العالم. وتشير الخبيرة المصرفية إلى أن بنك “ايشه” كان موجوداً في السوق المصرفية المصرية وخرج منها في عام 1959 بعد وجود استمر أكثر من ثلاثين عاماً ومن المؤكد أن البنك التركي الكبير يمتلك رؤية واستراتيجية للعمل في السوق المصرية تحدد خطواته في المرحلة المقبلة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©