الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المزارعون الجزائريون يعانون من “الروتين” والإهمال

المزارعون الجزائريون يعانون من “الروتين” والإهمال
14 ديسمبر 2009 22:39
يلتقط غلام عطية إحدى تمور “دقلة نور” من واحدة من نخيل حديقته ويقول غاضباً “تموري حلوة المذاق مثل الكراميل. أريد تصديرها ولكن البيروقراطية تثير الضجر”. وتابع “انظر للتونسيين أنهم يصدرون التمور للعالم بأسره. لما لا نستطيع نحن؟” وما يشعر به المزارع الجزائري من إحباط مشكلة معتادة يعاني منها الاقتصاد الجزائري الذي انهارت على مدار الأعوام محاولاته لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط والغاز بسبب الروتين وعدم إدراك الحكومة لمتطلبات المعاملات التجارية. وتحتاج المشكلة حلا عاجلاً. فصادرات الطاقة تجلب سيولة، ولكنها تعرض الاقتصاد لخطر التذبذب في أسعار النفط العالمية ولا توفر فرص عمل لملايين الشبان العاطلين. وأبرزت موجة من الاحتجاجات العنيفة في الشوارع الجزائرية في الأشهر القليلة الماضية، التهديد للاستقرار الذي يمثله جيش من الشبان العاطلين في بلد يبلغ تعداده 35 مليون نسمة. ويتركز إنتاج التمور في منطقة طولقة على بعد 450 كيلومترا جنوب شرق الجزائر وهو من الصناعات التي يسعها أن تقدم حلاً. وفي بلد يمثل فيها الغاز والنفط 97 بالمئة من الصادرات، بينما اختفت صناعات محلية أخرى إثر عقود من الإهمال، تعد التمور ضمن حفنة من المنتجات التي يمكن أن تجد سوقاً في الخارج. وينتج معظم المزارعين الجزائريين تمور دقلة نور المطعمة بمذاق الفواكه والتي تباع بأسعار أعلى من التمور العادية في المتاجر الأوروبية بصفة خاصة خلال فترة ذروة الشراء في عيد الميلاد وبداية العام الجديد. والجزائر ثاني أكبر منتج لهذا النوع من التمور بعد جارتها تونس والدولتان تصدران 90 في المئة من الصادرات العالمية من هذا النوع حسبما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. ويتطلب زراعة هذا النوع من التمور ظروفا مناخية خاصة لا تتوافر إلا في منطقة طولقة وحفنة من الأماكن الأخرى وخبرة لا يمتلكها إلا مزارعون مثل المقيمين في طولقة الذين توارثت أسرهم زراعته عبر الأجيال. غير أن الصادرات الجزائرية قليلة. ورغم إنتاج 500 ألف طن من التمور سنوياً تشير بيانات وزارة الزراعة إلى أن الجزائر تصدر عشرة آلاف طن فقط بقيمة 50 مليون دولار. وبالمقارنة تبلغ صادرات الطاقة 76 مليار دولار سنوياً. ويمكن أن تحصل الجزائر على سعر أعلى إذا قام بتصنيعه محلياً ولكن لا توجد مصانع كافية. وصرح يوسف غمري رئيس جمعية مصدري التمور “لا نعرف كيف نصدر”. وحمل غمري الحكومة المسؤولية قائلاً إن سعر التمور الجزائرية يبلغ مثلي سعر المنافسين في تونس ويرجع ذلك جزئياً على الأقل لعدم كفاءة الجهاز البيروقراطي، إذ يحصل الفلاحون على الدعم متأخراً عامين. كما يخسر المزارعون الجزائريون عند التسويق أيضاً لأن الحكومة على عكس ما يحدث في الدول الأخرى لا تساعدهم على المشاركة في معارض تجارية دولية. ويضيف غمري، الذي يصدر التمور إلى ليبيا وإيطاليا وإسبانيا، “إذا كانت الحكومة جادة بشأن تنويع الصادرات فيجب أن تبين ذلك بالمساعدة في دخول أسواق جديدة”. ويقول مسؤولون حكوميون في طولقة إنهم يبذلون قصارى جهدهم في حدود الموارد المتاحة لهم. ويقول فتحي الهلالي المسؤول البارز بوزارة الزراعة إن الحكومة الجزائرية “تشجع المزارعين على تحسين الإنتاج والمصدرين على زيادة الصادرات”. وذكر أن الحكومة تدرك أهمية تنويع مصادر الدخل لأنه سيأتي يوماً ينتهي فيه مخزون النفط أو الغاز. وتجلس رشيدة شبيشب خلف مكتب معدني في مكتبها في طولقة، وهي تشارك في مساعي الحكومة لدعم صادرات التمر، ووظيفتها رصد المحصول المحلي وتساعد الإحصاءات التي تعدها مسؤولي الزراعة على فهم كيفية تحسين محصول العام المقبل. ولكنها تعاني من نقص الموارد وهو مشكلة معتادة تعرقل جهود الحكومة الجزائرية لدعم النمو الاقتصادي بعيداً عن صناعة النفط والغاز. وتقول “كثيراً ما نطلب من المزارعين إرسال سيارتهم كي نزور حدائق نخيلهم ونقوم بعملنا، تفتقر إحصاءاتنا للدقة”. وتعاني من مشكلة أخرى أيضاً، فرغم أن مكتبها مزود بجهاز كمبيوتر، فإنها حين تحتاج الإحصاءات الخاصة بمحصول التمر تستخدم الورقة والقلم لكتابتها. وتقول “لم تدرج الإدارة سعر الطابعة وأحبارها ضمن ميزانيتنا. لهذا السبب لا زلنا في العصر الحجري هنا”.
المصدر: طولقة-الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©