الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدارس خيوة بأوزبكستان حركة علمية وإبداع عمراني

مدارس خيوة بأوزبكستان حركة علمية وإبداع عمراني
27 سبتمبر 2008 00:20
شهدت مدن آسيا الوسطى في العصور الوسيطة حركة علمية ونشاطاً عمرانياً كبيراً وتركزت الأنشطة في اقليم خوارزم الذي يقع الآن ضمن حدود جمهورية أوزبكستان· ومر الإقليم بالعديد من الحوادث التاريخية والتحولات الطبيعية ، أدت الى تدعيم مركز مدى ''خيوة'' التي بدت كوحدة جمالية متكاملة وسط باقي المدن· فالمدينة الاقدم والاكبر بخارى لم تحتفظ إلا ببعض الآثار التاريخية المميزة، وكذلك سمرقند والوضع نفسه ينطبق على طشقند·فقد ذهبت الحروب المتعاقبة بعمران خوارزم العتيقة· وتعتبر مدارس مدينة ''خيوة'' مثالا للمدارس التي كانت منتشرة بالمدن الإسلامية في العصور الوسطى، وتتميز هذه المدينة بوجود عدد كبير من المدارس قياساً بمساحتها حتى لتتضاءل أمامها المساحات المخصصة للأسواق والمرافق الأخرى· ورغم أن ''خيوه'' استسلمت لروسيا القيصرية في بداية القرن التاسع عشر، فإنها واصلت تقدمها السريع وظلت محافظة على آثارها التاريخية طيلة سنوات العهد القيصري· وفي ظل تنامي الاتجاه العام المناهض للأديان وعلى الأخص المضاد للإسلام، استبعدت العناصر الاسلامية التقليدية من كل جوانب الحياة العامة واعتبرت من المسائل الخاصة جدا واغلقت المساجد وحرمت من إبراز المظاهر الدالة على الاسلام كما اوقفت المدارس عن أداء أدوارها وتغيرت كتابة اللغات المحلية من الحرف العربي الى الحروف اللاتينية ثم الحروف السلافية· وفيما عدا الاحتفاظ بمدرستين لاغراض سياحية فقد اختفت مدارس عدة ولم يكن حال المدرستين الباقيتين أفضل إذ اعيد بناء مدرسة محمد أمين ايناك داخل صالة افراح كاريانا سراج الله وكيلن خان ثم أصبحت سوقا لبيع منتجات الحرف اليدوية والهدايا التذكارية· وتحولت مدرسة ''اتان هانت بيك'' الى ورشة للصناع الحرفيين ومنتجاتهم التقليدية ثم تحولت في النهاية الى ملاه تشبه ملاهي ديزني· وكانت مدرسة محمد أمين خان إحدى كبرى المدارس التي شيدت في العالم الاسلامي خلال القرن التاسع عشر وتقع في مقابل قصر خيوه القديم المعروف باسم ''كونيا ارك'' وتحتل مساحة مستطيلة طول ضلعها 72 مترا ويصل العرض الى حوالي 60 مترا ومساحتها 432 مترا مربعا ويتوسط بناء المدرسة صحن مكشوف مربع طول ضلعه 38 مترا وبهذه المدرسة عدد من الحجرات أو الخلاوي المخصصة لاقامة طلاب العلم وكانت أكثر راحة ورفاهية من مثيلاتها في خيوه· وتتوزع الخلاوي على طابقين من البناء ويوجد في هذه المدرسة مسجدان، احدهما صيفي مفتوح والاخر شتوي مغلق· والمسجدان الصيفي والشتوي غير مرتبطين ببعضهما كما توجد قاعة رئيسية صغيرة للتدريس· ووصل ارتفاع الجزء المشيد من مئذنة مدرسة محمد أمين الى 26 مترا ولما كان قطر قاعدتها يبلغ 14 مترا وبالقياس للنسب المتعارف عليها في ذلك الوقت فإنه لو تم استكمال المئذنة لوصل ارتفاعها الى حوالي 106 أمتار· وتحولت مدرسة محمد أمين خان في العهد السوفييتي الى فندق كما تم تركيب خطوط للهاتف بها وزودت بالمياه الجارية ومواسير الصرف الصحي وبأجهزة تكييف مركزية· ورغم أن مصممي الفندق وعدوا بالحفاظ على المعالم الاثرية للمدرسة فإن مستلزمات التزود بالمكيفات مثلا تتضمن عمل فتحات أدت الى تشويه الشكل وتغييره، هذا بالإضافة الى ما يستلزمه عمل الشبكات الأخرى وتطويع المدرسة لتكون فندقا وهو ما مثل تهديدا مباشرا للنواحي الجمالية والفنية لها· وقد تعرضت مدارس خيوه الشهيرة لاعتداءات شتى على معالمها الاصلية بسبب السياسة السوفييتية مثل مدرسة ''ماتيناز ديوان بيكي'' التي شيدت في عام 1871م اذ جرى تحويلها الى مطعم· وكانت مساحة المدرسة صغيرة وتقل عن مساحة صحن مدرسة محمد أمين وتضم قاعتين للتدريس ومسجدا صغيرا ناحية الجدار الجنوبي للفناء في اتجاه القبلة· وتقع مدرسة ''قاضي كالان في الشارع الرئيسي لقلعة ايتشان وفي مواجهة مسجد الجمعة بخيوه وهي اصغر حجما من كل المدارس السابقة· وفي مواجهة مسجد الجمعة توجد مدرسة ''ماتبانه بيه"· ويرجع تاريخ تشييدها الى عام 1905م ولها تخطيط غير تقليدي· وتمتاز الواجهة الرئيسية ببوابة مدخل بسيطة محلاة بعقود صماء وقسم الجزء الواقع خلف الواجهة الرئيسية الى سبعة أقسام أوسعها خلف المدخل مباشرة، وكل قسم منها مغطى بقبة· والغرف الموجودة في الأركان أكثر اتساعا ولذلك كانت تستخدم كقاعات للتدريس· ومن ناحية الشمال لمسجد الجمعة تقع مدرسة فعرب محمد خان'' وهي من المدارس التي شيدت في القرن الحادي عشر للهجرة 17م قبل أن يعاد تجديدها على هيئتها الحالية في عام 1938م· ويبدو أن لهذه المدرسة مقاييس مختلفة ومستويات قياسية فنية متنوعة بخلاف المباني المحلية الأخرى وهي أقدم مدارس خيوه الباقية وهناك اجزاء عديدة من بنائها القديم معروضة حاليا في قصر ''تاش خاولي'' الذي تحول الى متحف في العهد السوفييتي· وفي الجانب الغربي مدرسة ''محمد رحيم خان'' ويعود تاريخها الى عام 1871م وشيدت وفق تخطيط معقد يعتمد على الايوانات الأربعة، واضيف اليها فناء آخر وثالث أطول منه يضم مجموعة من الخلاوي لاستيعاب الزيادة في اعداد الطلاب· وهناك مدرسة ''علي قولي خان'' ويبدو انها حلت مكان مدرسة قديمة كانت تعود الى بداية القرن الحادي عشر الهجري 17م· ويتكون المسقط الافقي للمدرسة من قسمين منفصلين يشتركان في مدخل واحد بسيط التكوين والقسم الأصغر قاعة كبيرة بصدرها محراب مجوف وهو ما يشير الى انها كانت تستخدم للصلاة بالاضافة الى تدريس احد المذاهب السنية، بينما الجزء الثاني وهو الأكبر كان يستخدم لتدريس مذهب آخر أكثر اتباعا وهو المذهب الحنفي· ومن اجمل المدارس التي اشتهرت بها مدينة خيوه مدرسة اسلام خوجة ''معلم الإسلام'' وشيدت بين عامي 1908 و1910 وتطل على المدينة بمئذنة مرتفعة جميلة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©