الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واحات تلطف إيقاع الحياة

واحات تلطف إيقاع الحياة
27 سبتمبر 2008 00:21
تيار الحياة الصاخب بأحماله وتسارع خطواته وأشغاله يأخذنا في دوامة يومية! فمن بزوغ الفجر وإلى الهزيع الأخير من الليل، أصبح كل واحد منا مطوقاً بأشغال تحيط به، ومسؤوليات كثيرة، وإذا استسلم الواحد منا لهذا الخضم المتسارع فلن يسعه الوقت، فكل صباح فيه جديد، وكل جديد يجر إلى عمل مفيد، فالصغير تراه في انهماك، والكبير في تذمر وضيق من الأعباء، والمسّن في تأوه وعناء، لأنه لم يسلم من ذلك· وغدونا كما يقول الشاعر: كل من ألقاه يشكو دهره ·· ليت شعري هذه الدنيا لمن؟ ولكن رحمة الله تعالى أدركتنا ولطفت بنا أكثر من أنفسنا حين جعلت لنا واحاتِ أمن وراحة في كل يوم، فصلاة الفجر بداية ليوم جديد وهي انطلاقة قوية لمن عرف كيف يتوجه إلى ربه ويستمد منه العون والقوة ويحدد سيرته خلال هذا اليوم باستقامة ووضوح· ويكد ويتعب فكرياً أو جسدياً أو هما معاً خلال ساعات فيحتاج لواحة يستظل بها فتأيته صلاة الظهر لتزيل عنه العناء وتبعث فيه قوة جديدة واستمداداً ربانياً موجهاً فيتطهر ويفي إلى هذه الواحه وينفض عنه ما علق به، وإذ به يستعيد كثيراً من التوازن الذي فقده خلال الساعات الماضيه· ثم يعاود الكرة فتأتيه صلاة العصر فيتطهر ويأتي إلى هذه الواحة الظليلة ونسماتها الإيمانية العليلة فيستعيد كثيراً من القوة والتوازن وهكذا حتى يخيم يومه ويبدأ ليله على طُهرٍ قلبي وجسدي· وتعود كرته مع يوم جديد فكل يوم وليلة حياة قائمة وأعمال دائمة وترقٍ في هذا الخضم المتسارع لا ينال من عزم المؤمن وتصميمه، ولكن ماذا عمًّن حوله وهل يكفِهِ أن يتصل بربه ويقوم بعبادته؟! لقد شرع لنا الدين الحنيف منهجاً لا تؤثر فيه تقلبات الدهر ومشكلات الحياة، فقد جاء عمرو بن العاص رضي الله عنه وشكا ابنه عبدالله إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أعرض عن الدنيا وترك زوجته دون أن يقوم بحقها، فهو صائم نهاره، قائمٌ ليله، قارئ للقرآن جميعه في كل مساء، نسي نفسه فلم يعطها حظها، نسي أهله زوجاً، وأباً، وأماً، فلم يلتفت إليهم· إنه توجه إلى جانب واحد من الحياة، فاستدعاه النبي ورسم له ولكل شاب وشابة منهج الحياة السليم مهما تغيرت وتبدلت ومهما تسارعت وتصارعت فقال له: يا عبدالله إني أُخبرت أنك تصوم النهار وتقوم الليل وتقرأ القرآن في كل ليلة؟ فقال: نعم يا رسول الله· فقال له عليه الصلاة والسلام: بل صم من الشهر كذا وبدأ يفاوضه حتى قال له: لا أفضل من صيام داود، كان يصوم يوما، ويفطر يوماً، واقرأ القرآن في شهر، وبدأ يفاوضه حتى قال له: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث، وقال له: قم من الليل ونم، ثم قال يا عبدالله إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزوْرك عليك حقاً أي زوارك الذين يأتون إليك، فأعط كل ذي حق حقه· إنه ميل إلى العبادة لم يرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجل هكذا ننشد التوازن المطلوب حتى لانقطع دون الوصول إلى الشوط البعيد ! المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©