الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان أمام التحدي القبلي

باكستان أمام التحدي القبلي
27 سبتمبر 2008 00:34
بانتعاش وجود ''طالبان'' و''القاعدة'' اللذين يعملان من منطقة القبائل المحكومة فيدرالياً في باكستان، تبوأت هذه المنطقة موقعاً في منتصف المسرح في حرب الولايات المتحدة على الإرهاب، وحتى يتسنى تحقيق الأمن في هذه المناطق، تسعى حكومة باكستان المدنية إلى التفاوض مع رجال القبائل لإنهاء القتال وسحب الجيش واستخدامه كحل أخير فقط، بينما تقوم بتشجيع النمو الاقتصادي، إلا أن هذه السياسة سوف تفشل ما لم تتعامل باكستان بشكل كامل مع نظام الحكم الارتدادي المتراجع في المناطق القبلية، فهناك حاجة أساسية لإصلاحات سياسية وقانونية لتوسيع رقعة إدارة الحكم والحفاظ على الحقوق الدستورية ومنع الدعم الجماهيري المتزايد لــ''طالبان'' وفي الوقت نفسه ضمان أمن المنطقة على المدى البعيد· تتكون هذه المناطق القبلية -الواقعة على الحدود الشمالية الغربية لباكستان مع أفغانستان- من سبع وكالات قبلية وست مناطق حدودية تضم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، استخدمت الإمبراطورية البريطانيّة التي مارست سيطرة محدودة على هذا الإقليم المستقل بشكل عنيف، القوة والإقناع عن طريق المال للحفاظ على الطرق المهمة استراتيجياً والممرات الجبلية مفتوحة، بينما قامت بإهمال المناطق المتبقية، وهو وضع بقي على حاله بعد استقلال باكستان· يُعزى أمر التشدد المسلح في هذه المناطق القبلية إلى مجموعة من العوامل، بما فيها تاريخها خاصة كونها تشكّل منطلقاً للمقاومة ضد الاحتلال السوفييتي، ونتائج هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما تلاه من احتلال لأفغانستان، والمناورات التي تقوم بها باكستان في أفغانستان وعدد سكانها الكبير نسبياً ومعظمهم من الفقراء والأميين، إلا أن حكم المنطقة المشوه شجع ''طالبان'' اليوم كذلك بأساليب ثلاثة: أولاً، لم تصل سلطة الدولة الكاملة في يوم من الأيام عبر المناطق القبلية، وقد وجدت المناطق التي يصعب الوصول إليها والتي لا وجود للدولة فيها منذ حقبة الحكم البريطاني، وهي توفر ملاذاً آمناً للمجرمين والمتشددين المسلّحين· ثانياً، حيث يوجد نظام إداري يقوم ''طالبان'' والجيش بتفكيكه، فمنذ العام 2004 قتلت ''طالبان'' حسب التقارير أكثر من 300 مالك أو زعيم قبلي، ويرجع العديد من هؤلاء الزعماء الآن إلى ''طالبان'' وليس إلى عملاء الحكومة المركزية للحصول على أوامرهم بالتحرك، فقد أصبحت ''طالبان'' الآن تملأ الفراغ السياسي المتراكم· وثالثاً، حيث يوجد نظام كامل فإن سماته الرئيسية تُذكي المشاعر المضادة للدولة· فقد رعت الحكومة البريطانية في العام 2008 استطلاعاً دلّت نتائجه على أن 73 بالمائة من سكان المنطقة يعتقدون أن برلمان الدولة لا يوفر عدالة سريعة، ونتيجة لقدم أنظمة الحدود البريطانية التي وُضِعت قبل أكثر من قرن، يبرر السكّان المحليون ولاءهم لــ''طالبان'' ومحاكمها الدينية بأنها توفر عدالة سريعة رغم قسوتها· لحسن الحظ، هناك إدراك واسع بالحاجة للإصلاحات في المناطق القبلية بين الأحزاب السياسية الرئيسية كافة، كما ينعكس في البيانات الانتخابية لعام ،2008 إلا أن الاعتراف لا يترجَم بالضرورة إلى العمل· تُذكَر خمسة عوامل عادة لفشل المبادرات الإصلاحية، وهي الوضع الأمني المتدهور، والعناصر البيروقراطية ذات المصالح السياسية والمالية، وخوف الحكومة المركزية من فقدان السيطرة على المناطق الاستراتيجية، وعدم الاستقرار السياسي الواسع في باكستان، ورفض السكان القبليين للتغيير وشكوكهم حيال الحكومة· تقوم اللجنة الوزارية لإصلاح أنظمة الجرائم الحدودية الآن بعقد مشاورات مع رئيسها، وزير القانون الفيدرالي، وتَعِد بتقديم توصيات لمجلس الوزراء في أقرب فرصة، وتضم تلك الإصلاحات السياسية، إيصال قانون الأحزاب السياسية ليغطي المناطق القبلية، وذلك بهدف دعم القوى السياسية المعتدلة، إذا ارتأت الحكومة إنهاء نظام حكم الزعماء المحليين، يتوجب عليها إنشاء مجالس للوكالة لها مجال أكبر للمساءلة والتمثيل من المجالس المعينة التي انتهت مدتها السنة الماضية، كما يجب إيجاد مجلس عبر المناطق القبلية بأكملها، له تكليف واضح بتوفير منبر لإيضاح المصالح ومناقشة الإصلاحات، والتصويت على قضايا مثل وضع المناطق القبلية النهائي في الاتحاد، وهو أمر يتوجب على سكان المناطق أن يقرروه· بالنسبة للإصلاحات القانونية، يجب تحديد سلطة محاكم الاستئناف، الممنوعة حالياً في المنطقة، ومتابعة الأنظمة البريطانية وإصلاحها، بما في ذلك إعادة النظر بشكل كامل ببعض العقوبات، الأمر الذي يعطي الأطراف دوراً في اختيار أعضاء البرلمان، وتسريع العملية القضائية وتقبُّل طلبات الحكم بناءً على القانون الإسلامي· لقد عادت ورطة المناطق القبلية على باكستان بنتائج مأساوية، نتج عنها إنذار قاتم من رئيس الأركان الأميركية المشتركة الأدميرال ''مايك مالين'' مفاده، أن الهجمة الإرهابية القادمة على أميركا سوف تبرز على الأرجح من هذه المناطق السيئة، لا يمكن لأي حجم من العمليات المضادة للإرهاب أو المعونة التنموية أن تحسن من هذا الوضع السيئ، فالعبء يقع على إسلام آباد لتنظيم أمور هذه المنطقة بالتنسيق مع سكانها، أحد أفضل نقاط قوة ''طالبان'' في المناطق القبلية اليوم ضعف الحكومة، لهذا السبب يتوجب على الحكومة الفيدرالية أن تنتبه لإنذارات واحد من كبار أفراد الأحزاب المتحالفة، معها وهو ''أفراسياب ختاك، من حزب عوامي الوطني الحاكم في المناطق الشمالية الغربية الحدودية الذي قال: ''يحتاج موضوع تفكيك مناطق المتشددين المسلّحين الآمنة في المناطق القبلية، واتخاذ إجراءات قصيرة وطويلة الأمد لفتح هذه المناطق واستيعابها مع بقية احتياجات الدولة لاهتمام سريع إذا أردنا تجنب كارثة محدقة''· زياد حيدر باحث في كلية كينيدي للحكم بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©