السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مَثلٌ من جنوب أفريقيا

27 سبتمبر 2008 00:35
يضرب زعماء جمهورية جنوب أفريقيا من الوطنيين الأفارقة المثل والقدوة لزعماء أفريقيا الآخرين في حرصهم على التمسك بالمعايير الديمقراطية الحقة والالتزام بالدستور واحترام المؤسسية، فقبل أعوام تخلى القائد ''نلسون مانديلا'' عن رئاسة الجمهورية طوعاً، رغم أنه كان ما زال قادراً على العطاء، واليوم يقدم خليفته ''تابو مبيكي'' استقالته بسبب اتهام له باستغلال النفوذ في قضية اتهام بالفساد لرئيس الحزب ''زوما'' المرشح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات التي ستجرى في العام القادم، استقال ''مبيكي'' وترك المنصب رغم أنه لم يعترف بالتهمة، ونفاها جملة وتفصيلاً، ولكن المحكمة حكمت ببراءة ''زوما''· إن جنوب أفريقيا تقدم هذا المثل، رغم أنها من البلدان الأفريقية التي وصلت إلى الاستقلال الحقيقي وسيادة الأغلبية الوطنية قبل بضع سنوات، ففي عام ،1962 كان عدد البلدان الأفريقية المستقلة هو 32 بلداً ارتفع إلى 35 بلداً بعد ثلاث سنوات، وبقيت جنوب أفريقيا واقعة تحت قهر استعمار البيض الاستيطاني حتى الأعوام الأولى من العقد الأخير من القرن الماضي، ورغم هذه الحقيقة، فإن بريتوريا تقف في المقدمة، بالمقارنة مع بلدان أفريقيا الأخرى من حيث الالتزام بالديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة· وتتضح المفارقة عندما نذكر، أن أغلبية البلدان الأفريقية يحكمها رجال وصلوا للسلطة مع إعلان الاستقلال، وما زالوا متمسكين بها· وهناك آخرون لا يتخلون عن الحكم إلاّ بالوفاة أو بانقلاب عسكري أو عبر تدخل أجنبي· إن جنوب أفريقيا، هي أكبر دولة صناعية في القارة، وهي التي تتمتع برصيد كبير من المعادن النفيسة مثل الذهب، وكذلك فهي منتجة للماس والبلاتين والحديد والكروم والرصاص، ولها إمكانات زراعية لا بأس بها، صحيح أن الأقلية البيضاء التي لا يزيد عدد أفرادها عن نسبة 20 بالمائة من السكان ما زالت تسيطر على الحكم وما زالت تواجه مشكلات تنموية متعددة، ولكن النهج الديمقراطي الذي صار من أهم سمات الحكم لا بد أن يشكل مساهمة كبيرة في احداث التحول الاجتماعي في الجمهورية، والارتقاء بمستوى المواطنين الأفارقة ويدفع بهم نحو تسلم قيادة المجال الاقتصادي· إن علماء التاريخ السياسي يقسمون الاستعمار إلى ثلاثة أنواع: استعمار استراتيجي، اوستعمار للاستغلال فقط، واستعمار استيطاني، وقد ابتليت جنوب أفريقيا بهذا النوع الأخير من الاستعمار، وهو ما أجّل حصولها على الحرية وجعلها في آخر قائمة الأقطار الأفريقية التي حققت استقلالها، وتم كل هذا بقيادة حزب المؤتمر الوطني الذي قاده مانديلا، وكان ''تابو مبيكي'' الرئيس المستقيل طواعية، وأخيراً من أكبر أعوانه في قيادة ذلك الحزب· نعود فنقول، إن جمهورية جنوب أفريقيا قدمت مثلاً رائعاً للآخرين، لعلهم يقتدون به، ثم إن ما يستحق التسجيل أن ظاهرة استقالة الرؤساء بصورة طوعية وسلمية جاءت كذلك من بلد أفريقي آخر هو جمهورية تنزانيا التي استقال زعيمها المعروف والرئيس السابق الراحل المعلم ''جوليوس نايريري'' الذي ابتعد عن الحكم قبل سنوات باختياره ليفتح المجال لآخرين لتولي السلطة العليا في البلاد· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©