السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الأفغاني رحيمي يحطم السلطة الذكورية في “حجر الصبر”

الأفغاني رحيمي يحطم السلطة الذكورية في “حجر الصبر”
15 ديسمبر 2009 01:37
صدرت في ألمانيا حديثا ترجمة إلى اللغة الألمانية لرواية “حجر الصبر” للكاتب الأفغاني “عاتق رحيمي”، والتي سبق أن فازت بجائزة جونكور الفرنسية المرموقة عام 2008 . وكتب رحيمي روايته بأسلوب نثري وكانت كل كلمة من كلماتها في موقعها وجُملها قصيرة معبرة ذات مشاهد محدودة واضحة المعالم، ولا تقل أهمية اللغة المقتضبة والمحكمة في الرواية عن نظرة الراوي المتحفظة في تتابع الأحداث من الخارج بصورة معتدة. وتلقي الرواية الضوء في مشاهد جانبية مختلفة على أوضاع البلاد التي تشبه الحرب الأهلية تحت حكم طالبان، وتحكي بتحفظ عن مصير المرأة الأفغانية وكيف أنها تعاني من اليأس والقهر، ويسمع المرء فيها بين الحين والآخر نداءات جانبية أيضا. وتدور أحداث الرواية ضمن جدران غرفة بسيطة بين شخصيتين رئيستين هما الزوج المقعد المصاب في الحرب أو جثته الشاخصة دائماً إلى سقف الغرفة والزوجة التي دخلت حياتها في طور أكثر سوءاً، فتحولت إلى مخلوق أكثر بؤساً وتعاسة لا هم له سوى خدمة هذه الجثة التي يصورها لنا رحيمي وكأنها رادار صامت يراقب كل ما يجول في هذه الغرفة الوضيعة. الدعاء والاستجداء بعودة الروح إلى هذه الجثة المحتضرة هو الشيء الأكثر قربا إلى هذه المرأة، بينما تشتعل الحياة خارجاً حربا وهمجية لا تعرف حدودا إلا القتل والتدمير والسطو. لكن ما يذهب إليه رحيمي هو في أنه يمنح هذه المرأة المعذبة مساحة واسعة للكلام الذي ظل ردحاً طويلاً ممنوعا عليها خارج منزلها، فتكسر عبر هذا البوح حاجز الصمت الأزلي المرافق لحياة الأفغانيات، وهو بشكل ما يحطم السلطة الذكورية العاجزة في الرواية والتي يمثلها الزوج. بكلامها هذا يعود شريط الذاكرة للحياة من جديد، لكنها ذكريات مؤلمة لا تعرف سوى الخوف والتبعية في مجتمع فطر على هذه المفاهيم، حتى يبدو كل من له علاقة بالرواية عاجزا عن مد يد العون لهذه السيدة التي لا تجد سوى بقايا رجل ممددا أمامها بلا حراك في الغرفة الخانقة، فتحيله دون أن تدري إلى حجر للصبر وهو حجر سحري تعرفه الحكاية الشعبية الأفغانية بأنه الحجر المؤتمن على الأسرار، يبوح له المرء بكل ما لا يجرؤ البوح به إلى أي شخص آخر فيمتصها الحجر حتى ينفجر بها أخيراً وبأسلوب قاس دأبت البطلة في حديثها المنفرد المستفيض على توضيح مدى معاناتها من وحشية وإهمال المجتمع، ليس فقط أنها لم تتعرف على زوجها قبل الخطوبة، بل إنها تزوجته دون أن يكون حاضرا في العرس، ثم انتظرت ثلاث سنوات حتى عاد من الحرب. وترى أن هذا البلد الذي يحكمه الرجال، ويعتبر سفك الدماء أحد بنود جدول أعماله اليومية، لا بد أن يقاوم النساء والأطفال فيه المعاملات السيئة التي يعانون منها دائما، ومن أهم المواقف الروائية التي اختارها الكاتب بعناية هو أن المرأة استطاعت بفضل صمت زوجها إثر إصابته في الحرب أن تفصح شيئا فشيئا عن مشاكلها الزوجية، واستطاعت أن تبوح بالتفصيل عن ذلك بدلا من الصلاة والدعاء فقط، كما استطاعت أن تبدي رأيها في زوجها وأن تصفه بالفظيع البشع وأن تسبّه بـ”سيئ الخُلق” لكل ما ارتكبه في حقها. وفي الوقت نفسه وجدت في صمته متنفسا كبيرا جعلها تجرؤ على أن “تتكلم معه عن كل شيء دون مقاطعتها أو سبها”.
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©