الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم جابر فلسطينية تعيش وحيدة في الجبال بين الأفاعي

أم جابر فلسطينية تعيش وحيدة في الجبال بين الأفاعي
31 يناير 2009 01:26
الأمر لا يصدق، فكيف يمكن أن يعيش الإنسان مع أكبر أعدائه في مكان واحد ولسنوات طويلة، ولكن الحاجة يسرا زكارنة ''أم جابر'' من فلسطين حطمت هذا الاستغراب بحياتها في الجبال مع الأفاعي والسلاحف بعيدا عن البشر، وتروي الحاجة يسرا قصتها مع الزواحف فتقول ''أنا من مواليد قرية صيدا قضاء مدينة طولكرم في الضفة الغربية المحتلة وترتيبي التاسعة بين إخوتي الذكور والإناث، منذ صغري تعلمت ألا أخاف من الزواحف ولهذه قصة حين أحب أكبر اخوتي أن يعاقبني، فأصر على أن أضع يدي في برميل صغير لم أكن أعلم أن بداخله أفعى! في البداية شعرت بالخوف والذعر وملأت الدنيا صراخاً ولكني بعد ذلك أمسكت بها وأخرجتها بيدي من البرميل، منذ ذلك الحدث تعلمت ألا أخاف الثعابين، بل أتعامل معها برفق وأصبحت أبحث عنها، حيث أربيها وأطعمها ولم أتعرض لأذى منها طوال حياتي''· عن حياتها العائلية تتحدث الحاجة يسرا فتقول ''تزوجت وأنا ابنة سبعة عشر عاما من رجل في السبعين من عمره وأنجبت ثلاثة ذكور وخمسة إناث وقد عاش زوجي مائة وخمس سنوات''· وتؤكد الحاجة يسرا أنها علمت أولادها كيفية التعامل مع الأفاعي، وأصبحوا جميعا يحبونها ويبحثون عنها ماعدا ابنة واحدة لم تستطع أن تنزع الخوف من قلبها· برنامجها اليومي تبدأ الحاجة أم جابر يومها بصلاة الفجر باكرا ثم تنتقل إلى الحقول المجاورة لبيتها البسيط فتجمع الأعشاب التي تستخدم أنواعا منها في صناعة المكانس وبيعها وبعضا تستخدمه لطعامها اليومي والبعض تستخدمه لاستخراج الليف، وهناك بعض القطع القديمة من الحديد والألومنيوم تتعثر بها بين المرتفعات فتجمعها، حيث تبيعها لتاجر الخردة الذي يعرفها جيدا، وتنام باكرا بعد صلاة العشاء مباشرة· وتعيش الحاجة أم جابر حالة من الاكتفاء الذاتي، حيث تعد خبز الطابون والجبن واللبن واللبنة والبرغل بنفسها وتجمع بقايا الزيتون من تحت الأشجار وتبيعها أو تدقها لجعلها علفا لحيواناتها· كانت أم جابر تربي أكثر من ثلاثين قطة وتعنى بها وتعتبرها كصغارها، خصوصا بعد زواج اولادها وتفرقهم في بيوتهم الخاصة، ولكنها ماتت كلها بفعل فاعل، حيث وجدتها ذات صباح مسمومة ولم يبق لديها سوى قطة واحدة· ألفة مع الأفاعي تعيش أم جابر ألفة مع أفاعيها وتعنى بهم وتطلق عليهم اسم الضيوف وتضع لهم الرمل والحصى اللازم لهم وتقدم لسلاحفها الخيار الذي يعتبر من أشهى المأكولات التي تحبها السلاحف· وتبدي حزنها الشديد على موت أكبر أفعى لديها· وتقول ''أحتفظ بها في عبوة زجاجية كبيرة مليئة بالكحول، لا أتخيل حياتي كيف كانت ستكون لو لم تكن لدي هذه الأفاعي التي أداعبها وسلاحفي التي تطلق عليها اسم ''كراكع ومفردها كركعة'' التي تتمشى بجواري وأتابعها بنظري وأنا سعيدة كما تفرح الأم بابنها حين يدرج أولى خطواته على الأرض''· وتضع أم جابر النصائح الذهبية للتعامل مع الافاعي، فتقول ''الأفعى لا تؤذي من يحسن إليها ومن لا يقترب منها وأيضا من لا يخاف منها، وقد وضعت الأفاعي في عبوات مثقوبة عدة ثقوب لتستطيع الدخول والخروج لوحدها''· لكنها تبدي تبرمها من الصبية الصغار الذين يتسلقون الجبل بحثا عن بيتها ليشبعوا فضولهم من منظر أفاعيها وسلاحفها وتقوم بزجرهم بشدة، ولكنهم يعودون للمشاكسة، مما قد يثير أفاعيها أحيانا ولكنها تسيطر عليها تماما كما تفعل الأم الحنون مع صغارها· مقاومة من الدرجة الأولى اشتركت أم جابر في انتفاضة الحجارة نهاية الثمانينيات، وعن ذلك تقول ''اشتركت في مقاومة الاحتلال وكنت ألقي بالحجارة على الجنود مع الشبان أهل البلدة، وقد استشهد ابني منذ سنوات قليلة''· وتواظب أم جابر على عادة يومية وهي زيارة قبر ابنها والذي تقطع من اجل الوصول اليه مسافات طويلة متنقلة من مرتفع إلى آخر ولكنها لا تقطع هذه العادة أبدا· تقول أم جابر وهي تداعب إحدى الأفاعي الصغيرة ''أحب الأشغال اليدوية وأقوم بالتطريز اليدوي وأعد المجسمات الصغيرة لصور الشهداء من خامات بسيطة خصوصا شهداء قريتي''· وتؤكد العجوز أنها تتمتع بصحة جيدة؛ فهي لا تتناول المعلبات، ولم تذهب إلى الطبيب سوى مرة واحدة حين شكت من ألم في أسنانها وقام الطبيب بخلع السن السليم وترك السن المصاب، ومن يومها لم تزر طبيبا· ورغم تقدمها في العمر، فهي لا تقبل إعانة أحد، وعن ذلك تقول ''لا أملك مالا ولا أرضا زراعية، كما أهل قريتي، ولكني أملك هذا البيت الصغير وأحصل على بعض المعونات من وزارة الشؤون الاجتماعية كل أربعة أشهر ولكني أشعر بالسعادة وكل من يعرفني يحبني ويفتقدني ولا أحمل حقدا ولا ضغينة لأي إنسان''· وتشن أم جابر حربا على المغنيات وتتهمهن بإفساد الناس، وتقول إنها تحتفظ بجهاز تلفاز ولكنها لا تفتحه إلا لمشاهدة صلاة الجمعة· ترفع الحاجة كفها وتقبلها وتنظر إلى السماء وتقول ''الحمد لله، فقد أديت فريضة الحج مرة واحدة واعتمرت ست مرات وأتمنى أن أحج مرة ثانية''·
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©