الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة كوبنهاجن... ومصالح أميركا اللاتينية

قمة كوبنهاجن... ومصالح أميركا اللاتينية
16 ديسمبر 2009 00:18
مديرة قطاع التنمية المستدامة في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي التابع للبنك الدولي ما ستتمخض عنه قمة المناخ المنعقدة حالياً في كوبنهاجن، سيكون ذا أهمية قصوى لمنطقة أميركا اللاتينية والكاريبي. وفي حين أن التوقعات تؤشر كلها على أن التوقيع على اتفاقية ملزمة قانوناً حول أهداف الانبعاثات لن يتم -على الأرجح- قبل العام القادم في مكسيكو سيتي، إلا أن هناك مداولات ومباحثات تدور في الوقت الراهن، بهدف التوصل لقرارات بخصوص التعويضات التي تقدم للمزارعين مقابل الامتناع عن قطع أشجار الغابات، وبخصوص نقل التقنية للدول الأخرى الأقل تطوراً، وتمويل عمليات تخفيض معدل الانبعاثات الغازية، والتكيف مع التغير المناخي. ومنطقة أميركا اللاتينية والكاريبي لها مصلحة كبيرة في ذلك، ويمكنها لعب دور حيوي في التوصل إلى اتفاقيات بشأن كل موضوع من تلك الموضوعات.ويُشار إلى أن العديد من دول أميركا اللاتينية، قد قدمت بالفعل تعهدات لتخفيض بصمتها الكربونية. وقد قادت الدولتان صاحبتا أكبر اقتصادين في المنطقة وهما البرازيل والمكسيك، سياسات التكيف مع التغييرات المناخية حيث ركزت البرازيل على مقاومة ظاهرة إزالة الغابات، وركزت المكسيك على تنفيذ برنامجها الخاص بالتغير المناخي، الذي يعد نموذجاً شاملاً قابلا للاحتذاء في مجال تطوير برامج تخفيض الانبعاثات الكربونية. في هذا السياق أيضاً، تعهدت كوستاريكا بأنها ستصبح أول دولة "محايدة الكربون" Carbon neutral في العالم. ومن المعروف أن هذه الدولة تعتبر من الدول الرائدة في مجال تعويض المزارعين -من أموال صناديق ضريبة الجازولين- لإغرائهم بالمحافظة على الغابات وعدم تقطيع أشجارها. أما الأرجنتين فإن برامج الطاقة البديلة التي تطبقها في مناطقها الريفية، تساهم في توفر الكهرباء بأسعار منخفضة، وهو ما يساهم إيجابياً في زيادة معدلات الإنتاجية، وتوفير الوظائف. وهذه الدول تعمل من أجل الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، على الرغم من حقيقة أن المنطقة مسؤولة عن 6 في المئة فقط، من تلك الانبعاثات تصل إلى 13 في المئة إذا ما تم أخذ الزراعة وقطع الأشجار في الاعتبار. ويرجع انخفاض معدل الانبعاثات الغازية في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي إلى الاعتماد الكبير لتلك المنطقة على الكهرباء المولدة من المساقط المائية وتفضيلها على المصانع التي تدار بطاقة الفحم المستخرج من باطن الأرض. ويشار إلى أن قطاع الطاقة في المنطقة ينتج ثاني أكسيد الكربون بنسبة 40 في المئة أقل في وحدة الطاقة -المعروفة بالكثافة الكربونية- مقارنة بباقي مناطق العالم. فهذه الانبعاثات تقل بنسبة 74 في المئة من مثيلتها في الصين والهند، وبنسبة 50 في المئة عن مثيلتها في الدول النامية، مما يجعلها تقف في الصفوف الأولى في مجال النمو منخفض الكربون. (Low Carbon Growth). غير أن هذا الوضع مرشح للتغير خلال الخمسة وعشرين عاماً المقبل، خصوصاً مع النمو الكبير المرتقب في قطاعي النقل والصناعة في تلك الدول. ومن هنا فإن المبادرة باتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت الراهن، من أجل تحقيق المزيد من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، سوف تضمن لهذه المنطقة مكاناً ثابتاً ضمن المناطق الصديقة للمناخ. وباعتبارها واحدة من أغنى دول العالم بالتنوع الحيوي، وموطنا لثلث كتلة الغابات الحيوية في العالم، فإن منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي تتحمل المسؤولية عن المحافظة على، وحماية الموارد الطبيعية، التي تساعد على احتجاز الكربون، وحماية مصادر المياه وأماكن تجمع الأمطار. ومن ضمن النتائج الأكثر ترجيحاً لقمة كوبنهاجن، أن يتم اتخاذ قرار بشأن الكيفية التي يمكن بها تعويض المزارعين مقابل امتناعهم عن القيام بقطع الأشجار، سواء لاستخدامها في صناعة الأخشاب أو بيع المساحات التي أزيلت منها الأشجار للمطورين العقاريين. وهذا الموضوع يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للمنطقة، خصوصا إذا ما أخذنا في اعتبارنا حقيقة أن إزالة الغابات تسهم بالقدر الأكبر من الانبعاثات الغازية فيها، وأن بلاداً مثل البرازيل وجوايانا يعتبران من كبار المشاركين في المفاوضات المتعلقة بهذه الموضوعات. والموضوع الثاني المطروح على أجندة قمة كوبنهاجن يتعلق بالكيفية التي يمكن بها لدول العالم المتقدم مساعدة الدول النامية في توفير التمويل اللازم لإجراءات وسياسات التكيف على آثار التغير المناخي. (تبين دراسات البنك الدولي في هذا المجال أن تلك الأكلاف يمكن أن تتراوح ما بين 16 إلى 19 مليار جنيه بحلول العام 2020). والحاصل أن منطقة أميركا والكاريبي، تعاني من بعض التداعيات الجسيمة للتغير المناخي. ففي منطقة جبال الأنديز، على سبيل المثال، تذوب الثلوج بمعدل يقول الخبراء إنه يمكن أن يجعلها تختفي تماماً خلال فترة تتراوح ما بين 10 إلى 20 عاماً. وذوبان الثلوج سوف يكون له تأثيرات فادحة على المنحدرات الشرقية لجبال الأنديز، التي تعتبر من أغنى مناطق العالم في التنوع الحيوي، بما قد يؤدي للمزيد من المعاناة الاقتصادية للملايين من السكان الأكثر فقراً في هذه المنطقة. في الوقت الراهن يساعد البنك الدولي الجهود البيئية في منطقة أميركا اللاتينية بقروض تصل في مجملها إلى 3.7 بليون دولار للفترة 2008 - 2009، ولكن هذا المبلغ لا يكفي بالطبع فهناك حاجة إلى المزيد من القروض، لتعزيز هذه الجهود ودعمها، ولتمويل جهود الحصول على التقنيات المتطورة اللازمة للحد من الانبعاثات الغازية. هناك العديد من الأشياء الأخرى التي يفترض أن تكون قمة كوبنهاجن قد ناقشتها. ويفترض أن التقدم الكبير الذي ستحققه هذه القمة - كما تشير التوقعات - سوف يكون ذا فائدة كبيرة في مجال تبني اتفاقية ملزمة قانونا في التجمع العالمي القادم بشأن التغير المناخي المقرر عقده في مكسيكو 2010. ومثل هذه المحصلة،تمثل في حد ذاتها تقدما كبيرا للعالم ،كما أنها ستنهض في ذات الوقت كرمز جلي على نوعية القيادة التي أظهرتها هذه المنطقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «ماك كلاتشي تريبيون إنفورماشيون سيرفيسيز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©