الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حوار الخاطف والمخطوف

حوار الخاطف والمخطوف
24 ابريل 2013 22:00
منذ انطلاق العرض الرسمي للفيلم المغربي «المغضوب عليهم» بالقاعات السينمائية شهر مارس الماضي، استأثر الحديث عن أول عمل للمخرج المغربي محسن بصري على اهتمام النقاد واحتل صدارة الصحف المغربية لعدة أسباب منها موضوعه الذي يعالج قضايا اجتماعية شائكة، وفوزه بعدة جوائز وتبني النجم المصري محمود عبد العزيز له وتقديمه إعلامياً، وإقدام بطلته على ارتداء الحجاب بعد انتهاء تصوير الفيلم تأثراً برسالته، وهي عوامل كافية ليصبح الفيلم مادة دسمة للصحافة والنقاد. ويتناول الفيلم حادث اختطاف فرقة مسرحية تستعد لجولة فنية، وخلال فترة احتجازها، وفي انتظار وصول الأوامر من شيخ الجماعة، ينشأ حوار بين الخاطفين وهم إسلاميون متطرفون والمختطَفين، ويستعرض كل واحد حياته وتجاربه الإنسانية، فيحدث تفاعل إنساني بين الجميع، ليبدأ كل فريق في تقبل الآخر، وليكتشف الخاطفون عبثية القضية التي يدافعون عنها. وجاء محمود عبد العزيز رئيس لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة، من القاهرة إلى الرباط، ليقوم بالإشهار والترويج للفيلم وتقديمه في العرض الأول، بعد منحه جائزة أحسن فيلم عربي في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي. وأثار الفيلم جدلاً واسعاً بين من اعتبره فيلماً معادياً للتيار الإسلامي ومسيئاً لأصحابه، حيث يصورهم كأشخاص حاقدين لا يقبلون بالحوار ويرفضون الفن والحداثة، وبين من يراه فيلما ينقل الواقع كما هو في المغرب، حيث يعيش الشباب منقسماً بين ملتزم ومتحرر، ويعتبر المدافعون عن الفيلم أن المخرج نجح في اختيار قصة تعكس العلاقة المتذبذبة بين الشريحتين من خلال اختلاف الرؤى والمعتقدات بين المختطفين والخاطفين وما هو يعكس العلاقة التي تتراوح بين الصدام والحوار بين شباب من الجيل نفسه وينتمي إلى الوطن نفسه ويعي المشكلات نفسها، لكنه يقاربها من زوايا مختلفة. ويقوم ببطولة الفيلم كل من جميلة الهوني، وماريا لالواز، وعمر لطفي، وأمين الناجي، ومصطفى الهواري، وعصام بوعلي، وعبد النبي البنيوي، وربيع بنجحيل، سيناريو وإخراج محسن بصري وهو من إنتاج سويسري ـ مغربي تم تصويره بالمغرب سنة 2011. وفاز الفيلم بجائزة لجنة تحكيم مهرجان السينما المغربية بطنجة، وجائزة نجيب محفوظ لأحسن فيلم عربي في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي، وتنويهين خاصين من مهرجاني «كارلوفي فاري» التشيكي و»فاميك» الفرنسي. رسائل يحكي فيلم «المغضوب عليهم» حكاية اختطاف فرقة مسرحية صغيرة وهاوية من طرف جماعة إرهابية واحتجز أفرادها في قرية في انتظار الإذن بقتلهم من طرف زعيم الجماعة، وبسبب تأخر أوامر الزعيم ينشأ حوار بين الطرفين كل يحاول إقناع الآخر بوجهة نظره، وطوال فترة الاحتجاز يحدث تفاعل إنساني وتنشأ علاقات متدافعة ومتناقضة بين الخاطفين والمختطفين. ويناقش الفيلم نظرة المتشددين للفن الذي يعتبرونه رذيلة وفسقا ويطرح أسئلة حول أسباب هذه النظرة الدينية المتشددة وقبول التيار الديني بناء الحوار وقبول الآخر. ويقدم الفيلم تجربة إنسانية فريدة بين مجموعة من الشباب الذين اضطروا إلى العيش في فضاء مغلق في انتظار أوامر شيخ المجموعة الجهادية. ويبدأ الفيلم بمشهد أم مغربية بغطاء رأس تودع ابنتها المقبلة على سفر رفقة الفرقة المسرحية المكونة من خمسة أعضاء (ثلاثة شباب وشابتان)، وتنطلق سيارة الفرقة التي تستعد لتقديم عرض مسرحي في جو من البهجة، سريعا ما ينتهي باختطاف الفرقة من طرف ثلاثة خاطفين ينتمون لجماعة جهادية متطرفة. ويتم احتجاز الفنانين في ضيعة فلاحية معزولة في ضواحي إحدى المدن الجبلية، ويفقد أفراد العصابة الاتصال بزعيم الخاطفين، وفي انتظار إشارة شيخ الجماعة الإرهابية يستمر أفراد العصابة في اعتقال المختطفين لمدة أسبوع كامل، ويضطر المتشددون للتعايش مع الشباب والتحاور معهم.... وعلى مدى سبعة أيام ستتطور العلاقة بين المختطفين والرهائن ويكتشف كل منهم أنه ولد من رحم مآس مختلفة واختار طريقين مختلفين لتحقيق حلمه وما يعتبره مستقبلا أفضل لبلده. وداخل هذا الفضاء المغلق يستعرض أعضاء الفرقة حياتهم وتجاربهم الإنسانية، ويبدأ الخاطفون مصطفى وعمر وعصام في نبش النقاب عن ماضيهم وثأرهم القديم مع المجتمع، وأثناء تقديم المختطفين مسرحيتهم كدليل على رسالة الفن النبيل التي يؤمنون بها لم يستطع أصغر الخاطفين أن يمنع نفسه من المشاركة في أحد مشاهد المسرحية فيلقى مصرعه على يد زميله عقابا له على الاقتراب منهم، ثم يطلق ذات المتطرف النار على رأسه. انتقادات ينتمي الفيلم إلى جنس الأفلام ذات الفضاءات المغلقة، حيث تم تصوير أغلب مشاهده في منزل كبير وسط ضيعة فلاحية، واعتبر النقاد أن التصوير في فضاء مغلق تحد يتطلب قدرات وخبرة كبيرة في الإخراج، لم ينجح في رفعه المخرج محسن بصري مما انعكس سلباً على قيمة العمل. كما انتقدوا اعتماد المخرج على الصور الجاهزة والخطاب المباشر. ويعترف المخرج محسن البصري أنه كان متخوفا من الإقدام على مغامرة الفضاء المغلق في أول فيلم روائي له، لكن التجارب السينمائية الناجحة التي اعتمدت على الفضاء المغلق شجعته على الإقدام على اختياره، خصوصا أن ميزانية الفيلم كانت ضعيفة. ويشير محسن بصري إلى أنه أنجز هذا الفيلم بميزانية لا تتجاوز 60 ألف يورو عن طريق قرض بنكي ولم يوقع عقداً مع الممثلين الذين انخرطوا في العمل دون ضمانات التوصل بأجورهم. ويؤكد أن فيلمه نجح في بعث رسائل مختلفة أهمها وهي الرسالة الأساسية للفيلم وهي انتصار الإنسان في أعماق الخاطف والرهينة. وقالت بطلة الفيلم الممثلة المغربية ماريا للواز التي حضرت العرض ما قبل الأول للفيلم وهي ترتدي الحجاب، إنها أقدمت على هذه الخطوة بعد انتهاء تصوير الفيلم، عن اقتناع تام ودون الخضوع لأي ضغوط نفسية أو ما شابه، وأكدت أن الفيلم كان سببا من الأسباب الكثيرة التي دفعتها إلى إعادة التفكير في حياتها، فاتخذت القرار بعد تفكير عميق، مؤكدة أنها لم ولن تعتزل الفن، رغم ارتدائها الحجاب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©