الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القيادة والزعامة

28 سبتمبر 2008 00:52
اهتم الإسلام بمفهوم القيادة والزعامة ورئاسة القوم وتحديد المعايير القيادية وتنميتها في أبناء الإسلام بما يحقق تقدم الأمة وإقامة حضارة مزدهرة· ويقول الدكتور جمال الحسيني أبو فرحة -أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس- القيادة تعني توجيه مجموعة من الناس باتجاه محدد ومخطط بتحفيزهم على العمل باختيارهم· ويضيف أن القيادة الناجحة تحرك الناس في الاتجاه الذي يحقق مصالحهم على المدى البعيد، ووفقاً لهذا المعنى فهي تهدف إلى التأثير في الآخرين وتستخدم الوسائل والغايات فيما يخدم المصالح الكبرى للناس حاضراً وعلى المدى البعيد· والقائد هو الذي ينتظر منه ممارسة دور مؤثر في تحديد وإنجاز أهداف الجماعة· ومن هنا، فالقائد الأمين هو الذي يقود فعلاً، وليس الشخص الذي يناور ليتزعم الناس· ويوضح الدكتور أبو فرحة: الإسلام حرص على تحقيق القيادة الفعالة في المجتمع المسلم لتحقيق مصالح الأمة وتقدمها على كافة المستويات، وذلك من خلال تأكيد خصائص معينة يجب توفرها في القائد الإسلامي، ويقول النبي صلى الله عليه والسلام: ''سيد القوم خادمهم''· أي أن قائد الجماعة هو من يقوم على خدمتها، مما يعني أن يكون القائد منهمكاً في خدمة الآخرين ومساعدتهم للسير نحو الأمام· وقال د· الحسيني أبو فرحة: إن هناك عوامل تميز القيادة الإسلامية أهمها، أن ولاء القائد ومن معه لله سبحانه وتعالى، والحرص على الأهداف الإسلامية الكبرى، حيث لا يقتصر فهم القائد الإسلامي لأهداف العمل من خلال مصالح القطاع أو المنظمة التي يتحمل مسؤوليتها فقط، وإنما يفهمها في ضوء الأهداف الإسلامية الكبرى، فضلاً عن الالتزام بالشريعة والسلوك الإسلامي، فلا يمكن أن يعلو القائد على واجب الالتزام بأوامر الإسلام واجتناب نواهيه· كما أن عليه في أداء مهامه القيادية أن يلتزم السلوك الإسلامي، ولاسيما عند التعامل مع معارضيه أو مع المخالفين له في الرأي· ويمارس القيادي المسؤول سلطاته كأمانة من الله يتعهدها بما يترتب على ذلك من مسؤولية عظيمة· ويأمر القرآن الكريم القادة بأن يؤدوا واجبهم نحو الله سبحانه وتعالى، وأن يبدوا الرأفة والشفقة تجاه مرؤوسيهم، إذ يقول الحق سبحانه: ''الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلوة وءاتوا الزكوة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر··· ''الحج الآية ·41 ويوضح أنه تحكم عمل القيادة الإسلامية ثلاثة مبادئ أساسية: أولها الشورى، فقد أوضح القرآن الكريم ضرورة التزام القائد المسلم بالتشاور مع أهل العلم والمعرفة ومن بوسعهم تقديم النصح والمشورة الصحيحة، إذ قال تعالى: ''والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلوة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون'' الشورى الآية ·38 كما وجّه القرآن الكريم النبي عليه السلام نفسه للتشاور مع أصحابه فقال: ''فبما رحمة من الله لِنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين'' آل عمران: الآية ·159 وتمكّن ممارسة الشورى الأفراد من المشاركة في صناعة القرار، وتحكم سلوك القائد، وترشده في حالة الانحراف عن الأهداف الكلية· والقائد غير ملزم بممارسة الشورى في جميع الأمور· فالأعمال اليومية العادية لا تعامل بالأسلوب الذي تعامل به الأمور المتعلقة برسم السياسات وصياغتها، وعلى القائد أن يلتزم بما انتهت إليه عملية الشورى من قرارات، وأن يقوم على تنفيذها· وعليه أن يتجنب المناورة والتلاعب لفرض آرائه الشخصية أو لنقض القرارات التي اتخذت عن طريق الشورى· ويقول د· الحسيني أبو فرحة: المبدأ الثاني هو العدل، فالقرآن الكريم يأمر المسلمين أن يكونوا قوامين بالقسط حتى في التعامل مع خصومهم، إذ يقول: ''إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل···'' النساء: الآية ·58 ويقول الحق سبحانه: ''ولا يجر منكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى'' المائدة· فالعدل هو أساس المجتمع المسلم، وهذا يتطلب من القائد أن يقيم هيئة للقضاء والتحكيم لتسوية المنازعات ورد المظالم، ويكون أفرادها من ذوي الدراية والتقوى والحكمة· أما المبدأ الأخير فهو حرية الفكر، فالقيادة الفاعلة تتحقق بأن يوفر القائد المناخ المناسب للنقد البناء، وأن يطالب به شخصياً، وللناس حق التعبير الحر عن آرائهم وإبداء اعتراضاتهم والمطالبة بالرد على أسئلتهم واستفساراتهم· والخلفاء الراشدون اعتبروا ذلك أمراً أساسياً في قيادتهم· فالقيادة الإسلامية لا تعرف الاستبداد أو الفوضى·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©