رئاسة جنوب أفريقيا بين زوما و موتلانتي

انتُخب ''جاليما موتلانتي'' النقابي السابق الذي تعرض للسجن خلال عهد التمييز العنصري ''الأبارتايد'' بتهمة الإرهاب، رئيسا لجنوب أفريقيا بأغلبية ساحقة يوم الخميس من قبل البرلمان؛ غير أن الجواب على السؤال حول ما إن كان سيكتفي بالاضطلاع بمهمة الإبقاء على كرسي الرئاسة ساخنا إلى غاية الانتخابات العامة المقبل ؟حين ينتظر أن يستلم جاكوب زوما، زعيم الحزب، زمام الأمور- هو رهين بقدرة ''زوما'' -البالغ 66 عاما- على الاستمرار في تلافي تهم الفساد التي طالما لاحقته· قبل نحو أسبوعين، لم يرفض قاضي المحكمة العليا هذه التهم لأسباب إجرائية فحسب، وإنما ألمــــح أيضـــا إلى أن الرئيس ''تابو مبيكي'' وحكومته تدخلا في القضية، الشيء الذي دفــــع هرم مؤتمـــر الحزب الوطني الأفريقي الحاكــــم، إلى أن يطلـــب من ''مبيكـــي'' التنحي عن السلطــــة، وهــــو ما أدى إلى الصعود السريع لـ''موتلانتي'' كرئيس مؤقت للبلاد؛ غير أن حكم القاضي استؤنف من قبل سلطة المتابعة القضائية الوطنية؛ وإذا نجح الاستئناف، أو فقط وجهـــت التهم ضـــــد ''زومــــا'' مرة أخرى بعد تصحيح الأخطاء الإجرائية، فإن زعمـــاء الحزب قد يغيرون نظرتهم إلى ''موتلانتي'' باعتباره ورقة رابحة، وليس موظفا مؤقتا· يهيمن مؤتمر الحزب الوطني الأفريقي على المشهد السياسي في جنوب أفريقيا؛ ففي عام 2004 مثلا، فاز الحزب في الانتخابات الوطنية الأخيرة بـ70 في المائة تقريبا من الأصوات؛ غيــــر أن ''روبـــــرت ماتيـــــس'' -مدير بحوث العلوم الاجتماعية بجامعة كيب تاون- يوضح أن جزءا كبيرا ومتزايدا من السكان، بات مستاء من الحزب منذ أيام ''نيلسون مانديلا'' ويقول: ''يعكس هذا تراجعا بنسبة ثلاثين نقطة في مشاركة الناخبين بين 1994 و،2004 لأن الناخبين السود غير الراضين عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يختارون البقاء في منازلهم بكــل بساطـــة بدلا من نقــــل ولائهــــم إلى حزب من المعارضة''· ويشير المتشككــون هنــا إلى أن السبب وراء تنحية ''مبيكي'' هو الرغبة في إزالة مشاكل ''زوما'' القانونية؛ ويذكر هنا أن ''مبيكي'' مشتبه في قيامه العام الماضي بتعليق ''فوسي بيكولي'' -رئيس سلطة المتابعة القضائية الوطنية- من أجل إيقاف متابعة قضائية مرتقبة لأحد الحلفاء السياسيين ''جاكي سيليبي'' رئيس الشرطة؛ والواقع أن البعض في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يرون أن إقالة مماثلة اليوم من أجل حماية ''زوما'' قد تبدو تكتيكا عمليا؛ غير أن مثل هذه الاستراتيجية قد تبدو فاسدة أيضا، كما أن'' زوما مرهق بسنوات من الاتهامات· ففي 2005 أدين مستشاره المالي بالتورط في قضايا فساد· وفي 2006 برئت ساحة زوما من تهمة اغتصــاب صديقة للعائلة في الحادية والثلاثين من عمرها· وقال أثناء مثوله أمام المحكمة إن المرأة هي التي سعت وراء ذلك حين جلست على نحو مستفز، وإن تربيته على طريقة وتقاليد الزولو لم تترك له خيارا غير الرضوخ لطلبها وخدمتها· وإلى ذلك، يعد ''موتلانتي'' شخصيــــة متحفظـــة، مثلما أن ''زوما'' شخصية اجتماعية؛ والواقع أن الرئيس الجديد غير معروف لدى الكثير من مواطني جنوب أفريقيــــا، وذلــك على الرغـــم مـــن أنـه وجـــه مألــوف في الحزب، فقـــد أمضى 10 سنــوات في السجـــن في جزيرة ''روبن آيلاند''، وأصبح نشطــا في الحركة العمالية كمسؤول عن عمال المناجم؛ كما شغل منصب أمين عــام حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من 1997 إلى ·2007 بعد أن رشحه القسم في ''كيب تاون'' يوم الخميس الماضي، وعد ''موتلانتي'' بالاستمرار في قيادة جنوب أفريقيا على الخط نفسه الذي انتهجه ''مبيكي'' حيث قال: ''لا أنوي الانحراف عما أثبت نجاحه وفعاليته''؛ وفي هذا الإطار أعلن ''موتلانتي'' عن إعادة تعيين وزير المالية ''تريفور مانويل'' الذي يعود له فضل الحفاظ على زخم اقتصاد البلاد، ولكنه أعلن عن تغيير رئيسي واحد؛ حيث منح ''مانتو تشابلالا مسيمانج'' منصبا جديدا كوزيرة في الرئاسة· والجدير ذكره في هذا السياق أن ''مسيمانج''، في منصبها السابق كوزيرة الصحة، كانت شخصية مثيرة للانقسام في جنوب أفريقيا، حيث كانت من المدافعين عن جذر الشمندر والثوم والليمون كعلاج لفقــدان المناعة المكتسب ''الإيدز''، أما وزيرة الصحة الجديدة، فستكــون هي ''باربارا هوجان'' العضو في البرلمان عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقــــي والتي يلقـــى اختيارهـــا ترحيـــب الكثيـــر مــن المنظمــات التي تناضل من أجل توزيـــع الأدويــــة المقاومة للإيــــدز علـــى المرضى· وفي هـــذا الإطــار قال ''زكي أشمت'' -الناشط ضد الإيدز- لصحفي من تلفزيون جنوب أفريقيا: ''إنه يوم عظيم!''· باري بيراك- جنوب أفريقيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز