الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترميم الحواجز الفلسطينية

28 سبتمبر 2008 00:59
وزراء العرب يطالبون بها والمفكرون الفلسطينيون والجهابذة السياسيون يرعونها كما يأمل الشعب بها، كلهم يرغبون في ترميم العلاقة بين ''فتح'' و''حماس'' والتحرك قدماً، لقد تنامت الخلافات بين الحركتين الرئيستين منذ عدة سنوات، ولكنها وصلت عام 2007 إلى قمتها عندما انتزعت ''حماس'' السلطة في قطاع غزة من السلطة الفلسطينية التي تدعمها حركة ''فتح'' في عملية دموية قتل فيها حوالي مائتي فلسطيني من الجانبين، غنيّ عن القول إن الخلافات بين العملاقين متأصل في رغبة كل منهما في الحكم، فمن الواضح أن كلاً من ''حماس'' و''فتح'' فقد خط السير باتجاه المصالح الوطنية· كانت هناك محاولات عديدة للوساطة بين الطرفين، كان لمصر والسنغال واليمن دور فيها، وكان من المفترض أن يتوجه اتفاق مكة، الذي وقع في مارس 2007 نحو منع الانقلاب الذي وقع بعد شهرين من توقيع الاتفاقية، فمن الواضح أنه كانت هناك تداعيات بعيدة المدى نتيجة للشقة القائمة، فقد أودع مئات من الناشطين من ''فتح'' و''حماس'' وأنصارهما السجون لدى الطرف الآخر، كما أن إسرائيل استغلت الفرصة ففرضت حصاراً خانقاً على قطاع غزة· بأسلوب لولبي، يمكن للصفقة المحتملة، التي يمكن التوصل إليها مع إسرائيل حول جنديها الأسير ''جلعاد شاليط''، أن تؤدي إلى نجاح السياسة الفلسطينية الداخلية أو إلى فشلها، لقد انخرطت إسرائيل و''حماس''، منذ أسر ''شاليط'' في رقصة بجع من نوع ما، فكلاهما يريد عملية تبادل للأسرى، خاصة أن ''شاليط'' حي، بينما تريد ''حماس'' ضمان حرية أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين، إذ تطالب بإطلاق حوالي 1500 سجين، بينما تصرّ إسرائيل على أنها لن تطلق أكثر من ·450 وإذا حدثت عملية تبادل الأسرى، فإن ''حماس'' تتطلع إلى إطلاق سراح حوالي أربعين من برلمانييها الذين اعتقلتهم إسرائيل بعد عملية أسر ''شاليط''، إذا تم فعلاً إطلاق سراح البرلمانيين جميعهم وعودتهم إلى مقاعدهم في المجلس التشريعي الفلسطيني فسوف يؤدي ذلك إلى إعادة الغالبية لصالح ''حماس'' في المجلس، وإذا حدث ذلك فعلاً، تستطيع ''حماس'' أن تناقش أنه من ناحية قانونية، تنتهي فترة ''عباس'' الرئاسية بحلول يناير المقبل، الأمر الذي يوفر فرصة لإخراج حكومة ''فتح'' من السلطة، التي ستصبح برأيهم ملغاة وغير قانونية· ويكمن الخوف هنا في أن تصبح الشقة، والتي هي سيئة الآن، أكثر سوءاً بعد إطلاق البرلمانيين واستعدادهم لتأكيد قوتهم القانونية، فإذا بقيت ''حماس'' و''فتح'' في إطارهما الفكري الراهن، لا يستطيع الفلسطينيون إلا توقّع المزيد من الاقتتال والتمزق الداخلي، ورغم أن القائمة ليست كاملة، فإن هناك إشاعات مفادها أن ''حماس'' تصر كذلك على إطلاق سراح أمين عام ''فتح'' في الضفة الغربية ''مروان البرغوثي'' المعتقل منذ العام ،2002 وقد نادى البرغوثي، الذي يُعتَقَد بشكل واسع أنه أكثر رجالات ''فتح'' شعبية في الضفة الغربية، نادى مراراً بالتسوية بين ''حماس'' و''فتح''، وهو يتمتع بقاعدة شعبية واسعة بشكل كافٍ لكي تحقق تغييراً فعلياً· النقطة التي يتوجب إبرازها هنا، هي أن التنوع السياسي صحي، كما أنه ليست حقيقة أن ''حماس'' و''فتح'' تعتنقان أيديولوجيات مختلفة فيما يتعلق بتحرير فلسطين سبباً للاقتتال الوحشي الذي تلا ذلك، فعلى العكس تماماً، يتوجب توجيه التنوع الفلسطيني نحو هدف واحد، هو إنشاء دولة فلسطينية مستقلة لا تكون فيها غزة والضفة الغربية كينونتان منفصلتان، ويبدو هذا هدفاً غفل عنه الطرفان، سوف تعتبر عملية تبادل للأسرى يطلق فيها سراح 450 أسيراً من المعتقلات الإسرائيلية إنجازاً كبيراً بغض النظر عن انتماء هؤلاء الأسرى، لقد حان الوقت؛ لأن يضع فيه الطرفان خلافاتهما جانباً ولو مرة، وأن يتعاملا مع الأمور ذات الأهمية الفعلية· فما مدى قوة مقعد يمكن اختطافه من تحتك بسهولة من قِبَل سلطة محتلّة تملك من القوة أضعاف قوتك وقوة غريمك معاً؟ ألم توضّح إسرائيل ذلك عبر السنوات العديدة الماضية؟ الأهم من ذلك كله أنه إذا لم يتخذ الطرفان موقفاً متصالحاً أكثر تجاه بعضهما بعضاً ويقومان بدمج جهودهما بطريقة بنّاءة، فسيخسر الجميع على مستوى أوسع بكثير مما تصورته ''فتح'' أو ''حماس'' في يوم من الأيام· جوهرة بيكر كاتبة في برنامج الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتشجيع الحوار العالمي والديمقراطية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©