الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجربة الهند الصاروخية... دلالات استراتيجية

24 ابريل 2012
أجرت الهند تجربة ناجحة بإطلاق صاروخ بعيد المدى يوم الخميس الماضي يمنحها لأول مرة القدرة على إرسال رأس نووي إلى أماكن بعيدة تصل حتى العاصمة الصينية، بكين، ويرى المراقبون والمسؤولون أن صاروخ "أجني 5" يمثل تطوراً مهماً في قدرات الردع النووية لدى الهند، وإشارة واضحة إلى الغرض منه، والمتمثل في تعزيز الدفاعات الهندية في مواجهة جارتها القوية الصين. وبهذه التجربة الناجحة، تكون الهند قد انضمت إلى مجموعة الدول التي تمتلك صواريخ باليستية عابرة للقارات، بالإضافة إلى تلميع صورتها على الساحة الدولية كقوة عسكرية معتبرة قادرة على الدفاع عن نفسها وتعزيز أجندتها في المنطقة. وعن هذه التجربة أصدر رئيس الوزراء الهندي، "مانهومان سينج" بياناً. قال فيه: "يشكل اليوم إطلاق صاروخ "أجني 5" محطة فارقة في بناء قدرتنا العسكرية وإضفاء المزيد من المصداقية على أمننا وجهوزيتنا". أما وزير الدفاع الهندي "أي كي أنتوني" فوصف التجربة بأنها "نجاح مبهر"، وفي التفاصيل قال مدير منظمة التطوير وأبحاث الدفاع، "فيجاي سارسوات"، الذي أشرف على الجانب العلمي في المشروع إن الصاروخ أُطلق بعيد الثامنة صباحاً من يوم الخميس من إحدى الجزر التابعة للهند، حيث ارتفع الصاروخ إلى علو 370 ميلاً ليطلق حمولته كما كان مخططاً لذلك، وصرح في حديث تلفزيوني أن "الهند برزت من خلال هذه التجربة كقوة صاروخية مهمة في العالم". ويعتقد الخبراء أنه ما زال أمام الهند بعض الوقت، قد يصل إلى سنوات، قبل التحكم في التقنية الصاروخية والتمكن من إطلاق صاروخ قادر على حمل 1.5 طن من الحمولة وقطع مسافة 3100 ميل، هذا ويذكر أن الهند تتبنى سياسة "عدم الاستخدام أولاً" فيما يتعلق بالأسلحة النووية، وهو ما يلزمها باللجوء إليها كرد فعل فقط، وهنا يأتي الصاروخ الجديد "أجني 5" ليعطي مصداقية أكثر لتلك السياسة القائمة على الردع. ويضيف الخبراء أن استخدام الصاروخ للوقود الصلب وإمكانية إطلاقه براً يزيد من دعم مصداقية الهند كقوة صاروخية حقيقية قادرة على توجيه ضربة ثانية في حال تعرضها لهجوم نووي. وفي توضيحه للأمر قال "أودي باسكار" من المؤسسة البحرية الوطنية في الهند "نحن نقع في إحدى أخطر المناطق وأكثرها تعقيداً فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، وهو ما يجعل من قدراتنا الصاروخية ضرورة قصوى تعضد التزامنا بعدم استخدام الأسلحة النووية أولاً". وكانت الهند قد دخلت في حرب حدودية وجيزة مع الصين في عام 1962 وظلت العلاقات بين البلدين حذرة منذ ذلك الوقت، ورغم تنامي حجم المبادلات التجارية بين البلدين تتنازع الدولتان حول أراضٍ واسعة على طول حدودها في جبال الهيمالايا، كما خاضت الهند ثلاث حروب أخرى مع جارتها الغربية وخصمها اللدود، باكستان، التي تمتلك هي أيضاً سلاحاً نووياً، وعلى امتداد السنوات الماضية أصبحت الهند من أكبر مشتري السلاح في محاولة لتحديث قواتها العسكرية وتطوير قدراتها الدفاعية. ويأتي الصاروخ الأخير، "أجني 5" الذي يعني النار في اللغة السنسكريتية، في إطار المسعى الهندي لبناء جيشها وتطوير أسلحتها، ومع أن الصين تظل أقوى من حيث الترسانة العسكرية والقوة الدفاعية، إلا أنه بإطلاق الصاروخ الجديد تكون الهند قد خطت أولى خطواتها في طريق إعادة التوازن مع الصين، وهو ما عبر عنه "باسكار" قائلاً "عندما تكون في منطقة عدائية فإن القوة تحترم القوة". لكن الصين من جهتها أبدت ردة فعل غير ودية حيال التجربة الهندية كما عكست ذلك صحيفة "جلوبال تايمز" التي حذرت الهند من مغبة الانجرار إلى "أوهام الصواريخ"، مذكرة أن الهند لم توقع على معاهدة عدم الانتشار النووي، وأضافت الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي قائلة "يبدو أن الغرب اختار التغاضي عن تجاهل الهند للاتفاقات الدولية بشأن الأسلحة النووية". وتابعت الصحيفة الصينية "على الهند ألا تغتر بقوتها فحتى لو امتلكت صواريخ تستطيع الوصول إلى أغلب المناطق الصينية، لا يعني ذلك أنها ستحقق أية مكاسب بالتعالي والغطرسة فيما يتعلق بالقضايا المتنازع عليها مع الصين، وعلى الهند أن تدرك جيداً أن القوة النووية الصينية هي الأكثر تفوقاً". وقد جاءت التجربة الصاروخية الناجحة للهند بعد أيام قليلة فقط على فشل محاولة كوريا الشمالية في إطلاق صاروخ بعيد المدى، وإن كان من غير المرجح أن تواجه الهند نفس الانتقادات الدولية التي قوبلت بها المحاولة الكورية. ومع أن الولايات المتحدة وباقي الدول لجأت إلى فرض عقوبات على الهند في العام 1998 بسبب إجراء هذه الأخيرة لسلسلة من التجارب النووية، إلا أن الهند اليوم تتمتع بشرعية الأمر الواقع التي زادت من تعزيزها الاتفاقية المهمة التي وقعت في العام 2008 مع الولايات المتحدة حول التعاون النووي في المجال المدني، وهو أيضاً ما أكده حلف شمال الأطلسي يوم الأربعاء الماضي عندما قال إنه لا يعتبر الهند تهديداً. وفي السياق نفسه أكدت وزارة الخارجية الأميركية بأن الهند تمتلك سجلاً جيداً في مجال عدم الانتشار النووي، فيما اعتبر "شاشانك جوشي" من أحد مراكز التفكير في لندن أن التجربة "لو حدثت قبل 15 عاماً لكانت الولايات المتحدة أول من سيسارع إلى انتقادها، لكن دعونا لا ننسى أن قبول التجربة اليوم هو بمثابة إعلان عن الوضع الراهن للعلاقات الأميركية الهندية المتطورة". سيمون دينير - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©