الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وأميركا … حدود التعاون في محاربة الإرهاب

روسيا وأميركا … حدود التعاون في محاربة الإرهاب
24 ابريل 2013 22:46
جانوس بوجايسكي محلل سياسي مقيم في أميركا عقب التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا بوسطن، اتفق أوباما وبوتين على تكثيف التعاون الثنائي بخصوص محاربة الإرهاب. وهذا قد يكون مفيداً من بعض النواحي، خاصة فيما يتعلق بتقاسم المعلومات الاستخباراتية. غير أنه على الأميركيين أن ينتبهوا جيداً ويتوخوا الحذر بخصوص أي اتفاقات حول محاربة الإرهاب مع روسيا؛ أولاً، لأن عمليات محاربة الإرهاب الروسية والأميركية تقوم على مبادئ مختلفة كلياً. وثانياً، لأن نظام بوتين نفسه ينخرط في إرهاب الدولة ضد المدنيين العزل. الهجوم الإرهابي الذي استهدف بوسطن نُفذ على ما يفترض من قبل أخوين من الإثنية الشيشانية يعيشان في الولايات المتحدة منذ نحو عقد من الزمن: «تامرلان تسارناييف»، قُتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة الأسبوع الماضي؛ وشقيقه الأصغر وهو مواطن أميركي، اعتُقل ويوجد حالياً في المستشفى، حيث يتعافى من جروح بعد إصابته بعيار ناري. وكان «تامرلان» قد أمضى ستة أشهر في روسيا خلال 2012، واستُجوب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، «إف. بي. آي»، - بطلب من روسيا – قبل هذه الزيارة. ويقول المكتب إنه لم يجد أي شيء مريب؛ كما يقول والد «تامرلان» إن ابنه بقي برفقته في داغستان، وهي جمهورية روسية تقع في منطقة شمال القوقاز المضطربة. وقد أشار «جوهر» من على فراش المستشفى إلى أن الأخوين قاما بالعملية بشكل منفرد. ومن جانبهم، نفى زعماء حركة التمرد الرئيسية في شمال القوقاز، «إمارة القوقاز»، الذين لا يترددون في نسب أعمال إرهابية إلى أنفسهم إذا كانوا هم الفاعلون، أن تكون للأخوين تسارناييف علاقة بهم – وأشاروا بأصبع الاتهام صوب موسكو. والواقع أن واشنطن وموسكو تنخرطان في أسلوبين متباينين تماماً لمحاربة الإرهاب، مثلما أوضحت ذلك جيداً العملية الكبيرة التي قامت بها الشرطة في بوسطن. فالشرطة الأميركية وغيرها من وكالات إنفاذ القانون قامت بعملية إنزال ضخمة للقوات في «ووترتاون»، ماساتشوسيتس، حيث كان أحد الهاربين الإرهابيين يختبئ، وحرصت على تجنب أي تفجيرات، أو إطلاق نار كان يمكن أن يؤذي مدنيين عزل، أو يؤدي إلى تدمير للممتلكات على نحو غير ضروري. أما المقابل الروسي لذلك، فربما يتمثل في عملية ضخمة لاستئصال حي بكامله أو موقع آخر، حيث يمكن أن يكون المشتبه فيهما مختبئين. وكان سيتم وصف بضع مئات من الإصابات المدنية بأنها محتومة ولا مفر منها. وقد كانت هذه الاستراتيجية واضحة للعيان، عندما قامت الشرطة بدهم المدرسة التي تم اختطافها في بيسلان، أوسيتيا الشمالية، في سبتمبر 2004، عندما قضى 380 شخصاً، معظمهم أطفال ومعلمون. كما كانت واضحة للعيان في استعمال القوات الخاصة الروسية للغاز أثناء محاولة تحرير 130 شخصاً في مسرح موسكو للقضاء على مختطفي الرهائن الإرهابيين. والحال أن هذه العمليات لا تؤدي إلا إلى مزيد من التمرد بين انفصالي القوقاز الشمالي. إن إرهاب حرب العصابات في شمال القوقاز يمثل رداً مباشراً على أداء الدولة الروسية، عقب سحق الاستقلال الشيشاني في 1999 وقتل عشرات الآلاف من المدنيين من قبل الجيش الروسي. ذلك أن موسكو تعتبر مسؤولة بشكل رئيسي عن تأجيج التشدد الديني والعنف، من خلال برامج التهدئة العنيفة التي استهدفت فيها بلدات بكاملها بالقمع وتعرض فيها أفراد عائلات الإرهابيين المشتبه فيهما للاختطاف والتعذيب والقتل. وعلى سبيل المثال، فإن عمليات التعذيب في السجون، واستهداف من يتعاطفون مع المتمردين حدثت في عهد الرئيس الشيشاني المعين من قبل الكريملن، وفق تقارير منظمات حقوق الإنسان والصحفيين والضحايا. وعلاوة على ذلك، فإن كل منطقة شمال القوقاز تعاني مشكلات النخب الفاسدة والمتعسفة لمسؤولين يعينون من قبل موسكو، إضافة إلى ارتفاع معدلات بطالة، وتفشي الفقر، وانهيار البنية التحتية الاجتماعية، وكل هذه العوامل تفاقم وتزيد من المعارضة تجاه موسكو والسلطات المحلية. ورغم عمليات القمع الجماعية أو بسببها، فإن استقرار المنطقة بكاملها يظل هشاً وعلى كف عفريت، ذلك أن الهجمات الإرهابية وأنشطة المليشيات، إضافة إلى النزاعات المحلية حول الأرض وقيام الدولة والتمثيل السياسي والسلطة الدينية، كلها أمور أخذت تتطور تدريجياً إلى حركات تمرد إقليمية. ويمكن القول إن جهود محاربة الإرهاب الروسية خلقت العدو نفسه الذي يفترض أن موسكو كانت تسعى للقضاء عليه. فقد تحولت القومية الشيشانية إلى تمرد على صعيد الإقليم كله ينخرط فيه متشددون إسلاميون من مجموعات إثنية مختلفة في أعمال إرهابية في كل جمهوريات شمال القوقاز. تمرد توفر له الجهادية العنيفة أيديولوجيا معبئة عابرة للحدود الإثنية، حيث تؤجج الوحشية الممنهجة التي تمارسها قوات الأمن المدعومة من روسيا ضد المدنيين الرغبات في الثأر وعمليات التجنيد في حركات التمرد. والحال أنه كلما سعى الكريملن إلى القضاء على النزعة الانفصالية بعنف ووحشية، كلما ازداد احتمال انكسار روسيا وفقدانها لشمال القوقاز. والواقع أن ثمة سببين رئيسيين لمحاولة «الكريملن» الحالية للتواصل والتعاون مع الحكومة الأميركية. الأول هو رغبته في تصوير الإرهاب ضد الولايات المتحدة باعتباره معادلاً للإرهاب، الذي يستهدف روسيا؛ وبالتالي، تجنب الانتقادات الأميركية لعملياته الخاصة بمحاربة الإرهاب. أما السبب الثاني، فهو البعث برسالة مؤداها أن أي تشويش على الألعاب الأولمبية الشتوية التي ستنظم في فبراير 2014 في «سوتشي»، شمال القوقاز، والتي راهن عليها بوتين بالكثير من احترامه واعتباره الشخصيين، سيقمع بلا رحمة. ومع اقتراب موعد الأولمبياد، فإن حماس قوات الأمن سيزداد على الأرجح، وقد يثير الردَّ نفسه الذي يفترض بجهود مكافحة الإرهاب أن تتفاداه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©