الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القواسم.. مقاومون لا قراصنة

القواسم.. مقاومون لا قراصنة
16 ديسمبر 2009 22:24
يضيء كتاب “حلف القواسم وسياسة بريطانيا في الخليج العربي” الصادر حديثاً عن مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي، على فترة مهمة من تاريخ الخليج العربي، كما يبحث في قضية أكثر أهمية تحتاج إلى أقلام واعية في الآن نفسه، لكي تصل إلى نتائج علمية تتمتع بقدر عال من الموثوقية التاريخية والبحثية. فتاريخ الخليج العربي يحتاج إلى تنقيته من التحريف وسوء الفهم، وإلى دراسات تنحو فيه منحى الموضوعية التي تخدم القضايا العربية وتبرزها في إطارها الإنساني. والحق، أن هذا الكتاب الذي ألفه الباحث الروسي ميخين فيكتور ليونوفيتش وترجمه سمير نجم الدين سطاس، لا يخرج عن هذا الإطار إذ يتحلى بسلامة المنهج الذي اتبعه الباحث في تدقيق الأخبار ونقدها ومقارنتها وتوثيقها. بالإضافة إلى اعتماده على كم جيد من المصادر والمراجع غطى مختلف جوانب الموضوع. وأبدى الباحث حرصاً واضحاً على توخي الإنصاف والعدل فيما يكتب. ولهذه الأسباب وغيرها يعتبر الكتاب مرجعاً مفيداً للقارئ العام والمتخصص على نحو سواء، لاحتوائه على حقائق مهمة تتعلق بحقبة حاسمة من حقب تاريخ الخليج العربي. إلى ذلك، لا يكاد القارئ يعثر في هذا الكتاب على أي إشارة إلى تهمة القرصنة التي ألصقتها فئة من المؤرخين (لا سيما البريطانيين منهم) بالعرب عامة والقواسم خاصة زوراً وبهتاناً، بل على العكس تماماً يعرض الكاتب بالوثائق والأدلة براءة العرب والقواسم من هذه التهمة الظالمة. أصل التهمة وفصلها يرى لينوفيتش أن القواسم بريئون من تهمة القرصنة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ويركز على حقيقة أن القرصنة ما هي إلا أسطورة ابتدعها الإنجليز لضرب قوة القواسم العربية لإيقاف منافستها التجارية لشركة الهند الغربية. وأن الغزوات والحروب التي كان يقوم بها القواسم لم تكن من أجل القرصنة وإنما لاستعادة حق لهم أو للدفاع عن هذا الحق، وأن بريطانيا لجأت إلى ابتداع تهمة القرصنة وإلصاقها بعرب الخليج حتى تتخذ لنفسها ذريعة لترسخ قبضتها بالقوة العسكرية على سواحل الخليج، وتؤمن سيطرتها على المياه العربية المتحكمة في طرق مواصلاتها إلى الهند، ولتبرر وجودها في المنطقة بأكملها حفاظاً على مستعمراتها في الهند، التي كانت تعدها أغلى جوهرة في التاج البريطاني، وبغية منع أي نفوذ غربي من الوصول إلى هذه الجوهرة. وبالتالي كي تكون لها اليد الطولى في توجيه كل إمكانيات هذه المنطقة بما يخدم مصالحها. غير أن بريطانيا، التي نجحت في إبعاد هذه القوى في أوائل القرن التاسع عشر، لم تجد الطريق إلى الخليج معبدة، فقد اصطدمت بالقوى العربية، التي شعرت بالنزعة الاستعمارية لبريطانيا فهبت لمقاومتها وإفشال مخططاتها، كما فعلت بالمستعمرين الآخرين. وعندها ما كان من بريطانيا إلا أن لجأت إلى القوة لمواجهة المقاومة العربية، وبررت أعمالها بأنها تكافح القرصنة وتجارة الرقيق، وأن وجودها في المنطقة يقتصر على فرض الأمن ونشر السلام. وواجهت بريطانيا مقاومة من حلف القواسم الذي كان قائماً آنذاك، ورفض مخططات شركة الهند الشرقية (اليد التي استخدمتها بريطانيا لتحقيق مطامعها) الرامية إلى الهيمنة على المنطقة، فدخل معها في صراع مرير وطويل. وكان الحلف يتشكل من قبائل عربية بحرية نشطت في بناء أسطول تجاري وحربي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وقد امتد النفوذ التجاري للقواسم شرقاً إلى موانئ بوشهر وبندر عباس ولنجة وهرمز، وشمالاً إلى البصرة، وجنوباً إلى موانئ صور وشناص. وكان لهم وجود تجاري مرموق في خليج عمان. كما كانت لهم علاقات تجارية وثيقة مع الهند، لا سيما مع مالابار. وكانوا يعتمدون في حروبهم وغزواتهم على سفن صغيرة وسريعة شكلت لهم أسطولاً ضخماً. ناهيك عن معرفتهم الدقيقة بالملاحة وجغرافيا مياة الخليج العربي وأعالي المحيط الهندي وخليج عمان. ويذكر غير مؤرخ أنهم كانوا بارعين في إخفاء سفنهم وسرعة مباغتة أعدائهم. صورة تاريخية اعتمد الباحث على تحليل الكثير من الوثائق الأرشيفية العربية والبريطانية والروسية المهمة. وقسم بحثه إلى عشرة فصول يمكن القول إن الثلاثة الأولى منها هي مهاد تاريخي يصف الأحوال التي كانت سائدة في الخليج غداة بروز حلف القواسم حيث عرض فيها المصادر التي استمد معلوماته منها؛ والمواصفات العامة للخليج وموانئ الخليج العربي التجارية الأساسية، والتوسع التجاري للدول الأوروبية، والقوة العمانية، والخليج العربي في مخططات فارس لكي يدخل إلى الفصل الرابع الذي اختار له عنوان “تشكيل حلف القواسم ودوره من (1747 ـ 1800)، وفيه قدم وصفاً عاماً للقواسم ذكر فيه أصل القواسم ونسبهم، وطبيعة تشكيلهم القبلي، ووضعهم الاقتصادي والعلاقات القاسمية العمانية والمراحل التي مرت بها، و نشاطهم على الساحل الشرقي للخليج العربي، واختتم هذا الفصل بالحديث عن العلاقات بين القواسم وبريطانيا والأحداث التي جرت بين الطرفين لينتقل إلى الفصل الخامس ويتحدث فيه عن العلاقات بين القواسم وبين العمانيين خلال الفترة من عام 1800 إلى عام 1819. ومن الفصل السادس إلى الفصل التاسع يرسم الباحث لوحة تفصيلية شاملة للصراع بين القواسم وبريطانيا وما شهده من أحداث واتفاقات وصراعات امتدت ما يقارب 35 عاماً، فخصص الفصل السادس للصراع بين القواسم وبريطانيا على منطقة النفوذ في منطقة الخليج العربي من 1800-1810 وتحدث فيه عن التنافس الأنجلو - فرنسي في منطقة الخليج العربي، لينتقل إلى الحديث عن الصراع بين القواسم وبريطانيا: (1804 – 1806) وعن العلاقات القاسمية ـ البريطانية: (1807 ـ 1809) ثم عن الحملة البريطانية على القواسم (1809-1810). وتحت عنوان “التنافس بين القواسم وبريطانيا من 1810 ـ 1819 تطرق الباحث إلى استئناف القواسم لنشاطهم البحري، واتفاقية بوشهر عام 1814 ومهمة بردجز ـ بروس والإعداد لحملة عسكرية جديدة ضد القواسم. في حين تناول في الفصل الثامن الحديث عن: الحملة العسكرية البريطانية ضد القواسم (1819 ـ 1820) والمرحلة الأولى من الحملة والاتفاقيات الأولية والمعاهدة العامة عام 1820 والمرحلة النهائية للحملة ونتائجها، وخصص الفصل التاسع للعلاقة القاسمية البريطانية من 1820 حتى 1835 وتحدث فيه عن المناورات السياسية التي قام بها الإنجليز وعن ازدياد الصراع القبلي في البحر. واختتم بحثه بالفصل العاشر الذي تناول فيه تفكك حلف القواسم القبلي والاتفاقيات والمعاهدات التي جرى توقيعها بين بريطانيا وحكام الخليج وكيف بدأت السياسة البريطانية تزيد من تأثيرها على الشؤون الداخلية والعلاقات المتبادلة للإمارات. ? ?القرصنة أسطورة ابتدعتها بريطانيا لإحكام سيطرتها على الخليج ? ?واجهت بريطانيا مقاومة من حلف القواسم الذي كان قائماً آنذاك ورفض مخططات شركة الهند الشرقية الرامية إلى الهيمنة على المنطقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©