الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاس: مهرجان التعايش

3 يوليو 2010 21:00
احتضنت مدينة فاس، العاصمة العلمية للمغرب، أهم مهرجان عالمي للموسيقى الروحية من 4 إلى 12 يونيو المنصرم. وقد أطلق هذا المهرجان من خلال الفن رسالة تعايش وسلم وصفاء روح. وبحسب موقعه الإلكتروني الرسمي، يمثّل مهرجان فاس "قلب الإسلام الروحي، السلمي، المتعدد، الكريم، والمبهج. إنه يظهر الاحترام لكافة التقاليد الروحانية في العالم ويذيب الحواجز الموسيقية". وقد شاركت في المهرجان أهم الفرق الموسيقية الدينية والروحية العالمية من مختلف الديانات والجنسيات، في تناغم روحي وفني يجسّدان الانفتاح والحوار المتحضر بين الأديان والثقافات الإنسانية المختلفة. ولم يقتصر المهرجان على الأمسيات الموسيقية الروحية فقط بل عُقدت أيضاً على هامشه مجموعة من اللقاءات الفكرية والأدبية حول الموسيقى والشعر والتصوف في أشهر المواقع الإسلامية والتاريخية للمدينة. وقد أطلق مهرجان فاس عالم الأنثروبولوجيا فوزي سقالي لمساعدة الناس ممن يأتون من خلفيات ثقافية مختلفة على معرفة بعضهم بعضاً بدون تحيز أو أحكام نمطية مسبقة أو إجحاف. وهو يعتبر اليوم من أهم التظاهرات المعبرة عن تعلق بثقافة السلام والأمان في العالم، ومن أكثرها ترسيخاً لحوار الحضارات الذي دعت إليه الأمم المتحدة، وقد حصل أيضاً على الجائزة المتوسطية للسلام. وتنظم المهرجان منظمة "رسالة فاس" التي توفر الدعم المالي والمعنوي له. وقد أطلق مهرجان فاس للموسيقى الروحية في دورته السادسة عشرة تحت شعار "مدارج الكمال في تزكية النفس"، التي استوحاها المنظمون من لغة الفيلسوف العربي ابن عربي، وهو حسب المنظّمين يجسد الإرادة في إرساء مبادئ التسامح والاحترام المتبادل بين الحضارات والحفاظ على تنوعها من خلال الفن الراقي الرصين. وقد عرف المهرجان هذه السنة مشاركة متنوعة فنيّاً وجغرافيّاً ألقي الضوء من خلالها على موسيقى كبريات الحواضر من كابول إلى إسطنبول. كما احتفل المهرجان هذه السنة بمدينة القدس، مدينة الديانات الثلاث. واستمع الجمهور لحفل موسيقي حي بعنوان "القدس، مدينة السلامين: السلام السماوي والسلام على الأرض"، الذي يرسم تاريخ هذه المدينة المقدسة المتنوعة من خلال الموسيقى التي يقدمها موسيقيون إسبان وعراقيون وأرمن ومغاربة ويونانيون. كما تمتع الجمهور بإيقاعات وتوليفات موسيقية روحية عريقة تستمد جوهرها من الدين ومن شعر الزهد، هذا زيادة على الأناشيد الدينية الإفريقية والغناء الديني الشعبي لمنطقة الأناضول، وكذلك كامبوديا وآسيا وأميركا، إضافة إلى حفلات روحية لكبار الفنانين كالسوري صباح فخري، ورمز الغناء الكلاسيكي الفارسي شهرام ناظري و"وأطفال الكوتيبياس" من المعابد الهندية، والطقوس الصوفية لزنجبار، والغناء الإنجيلي لزنوج أميركا الشمالية (الكوسبيل). ومن المغرب أيضاً فرق صوفية متعددة ككناوة وحميد بوهلال عن الطريقة الشيمية التي أسسها الشيخ (الكامل) الهادي بن عيسى والتي تعود إلى القرن السادس عشر، وفرق الطريقة التي أسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي، وهي طريقة صوفية لتعليم أتباعه أصول الورع والحياة الروحية وإشاعة الخير في المجتمع وسرعان ما امتدت هذه الطريقة إلى بقية العالم الإسلامي. إن مهرجان فاس للموسيقى الروحية يمثل تراثاً وطنيّاً، ومن خلاله اكتسبت مدينة فاس التي اعتبرت دائما من قبل المفكرين والمثقفين إحدى الحواضر الكبيرة للإسلام عبر العالم، ومعها المغرب، ميزة مهمة كبلد للصداقة والتعايش بين المسلمين وباقي الديانات السماوية. كما مثل دعوة حقيقية لسمو الروح والتعايش في ظل التنوع الثقافي والعقائدي الديني لمختلف الشعوب، وإلى التعايش والترابط المستمرين بين حضارتي الشرق والغرب، وهذا ما يجعله يمثل نموذجاً يقتدى به خاصة في هذا الزمن المطبوع بالقلق والتطرف والخوف من ثقافة الآخر. هند السباعي الإدريسي مدوِّنة وكاتبة مغربية ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©