مواقع إخبارية إلكترونية تصدر صحفاً ورقية

في اتجاه مخالف لظاهرة انتقال الصحف من الطبعات الورقية إلى شبكة الويب بدأ عدد من المواقع الإلكترونية التي شهدت رواجاً سريعاً بعد انطلاقتها في السنوات القليلة الماضية بإصدار صحف ورقية مكملة لإنتاجها الرقمي، وفي الولايات المتحدة الأميركية أعلن موقع “برس” الإخباري المختص بشؤون سان فرانسيسكو عن قراره بإصدار صحيفة أسبوعية ورقية من ثماني وعشرين صفحة سعياً وراء دعم انتشار محتويات الموقع وزيادة نطاق مصادر تمويله. ونقلت صحيفة “سان فراسنيسكو جيت” عن ميكايل ستول المدير التنفيذي لمؤسسة “سان فرنسيسكو بوبليك برس” صاحبة الموقع أن الإصدار سيتحول إلى صحيفة يومية بعد بضعة أشهر إذا لاقى الإصدار الأسبوعي رواجاً. وذكرت أن هذه العودة “إلى الوراء” بالانتقال من شبكة الويب إلى الإعلام الورقي قد فاجأت العديدين”. وقال ستول إن هذه الخطوة تخدم شريحة من القراء مازالوا يفضلون الصيغة القديمة للصحف أو من الذين لديهم قصور في استخدام الانترنت. وكان موقع “برس” قد انطلق في العام 2007 كمصدر أخبار لا يتوخى الربح التجاري ويهدف إلى تغطية الشؤون المحلية في سان فرانسيسكو ويعتمد في تمويله على خليط من المكتتبين ومن المتبرعين من أفراد ومؤسسات ذات منفعة عامة. ويأمل ستول بأن ثمانية آلاف نسخة التي تدشن الطبعة الورقية ستكون كافية لجذب المزيد من المكتتبين، واعتبر أن صحيفة وموقع برس” لهما جذور عميقة بمحيطهما وجمهورهما ويشغّلهما عدد من الصحفيين المحليين من ذوي تجارب متنوعة ومختلفة المستويات وتجمعهم الشكوى من عدم كفاية التغطية الإخبارية لمنطقة سان فرانسيسكو في وسائل الإعلام الأخرى. وسيشمل كل إصدار من الصحيفة الجديدة نحو 70 قصة إخبارية تغطي مختلف الشؤون المحلية بما في ذلك الأوضاع المالية والنقاشات الجارية في المدينة مع الانحياز لما يقوله الناس. ورغم أن الصحيفة لن تضم افتتاحيات فإنها ستنشر العديد من الآراء عبر صفحاتها على حد قول ستول علماً بأن “برس” نجح في استقطاب نحو مائة متطوع يساهمون في أخبار الموقع، كما سيقوم عدد آخر من المتطوعين بتوزيع الصحيفة على نقاط البيع والمكتبات وفي زوايا الشوارع ومحطات المواصلات في سان فرنسيسكو وعرض نسخها للبيع مقابل دولارين للنسخة. وفي تطور مشابه بدأ الموقع الإخباري الفرنسي المعروف “شارع 89” (Rue89) إصداره الشهري الأول بالنسخة الورقية بعنوان “لومنسيول” (الشهرية). وقال مؤسس الموقع بيار حسكي لـ “Journalism.co.uk“ إن ذلك جاء تنفيذا لقرار ذي أبعاد “تحريرية وتجارية” اتخذته إدارة الموقع، معتبراً أن هذه الخطوة تهدف إلى مضاعفة نشر روح وميزات الموقع عبر هذه المجلة الشهرية التي ستنشر قصصاً مختارة كتبها صحفيون وغير صحفيين للموقع مضاف إليها تعليقات منتقاة كتبها جمهور المتصفحين. ويتألف إصدار الصحيفة الجديدة من مائة صفحة بالحجم الكبير وتباع النسخة الواحدة بسعر 3.9 يورو فيما تبلغ قيمة الاشتراك السنوي 34 يورو. وستختار المجلة الجديدة 10% من محتويات الموقع الإلكتروني التي “تستحق أن تقرأ مجدداً وأن تظهر للحياة مرة ثانية بعد ظهورها إلكترونياً” ويمكن أن تساهم في خلق مورد جديد من المبيعات والإعلانات المطبوعة، ولكن 30 % من محتويات المجلة ستكون خاصة بها. وكان موقع “ريو89”، المعروف بقربه من الثقافة الأميركية، تأسس على يد فريق من الصحفيين الذين عملوا سابقاً في صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية ونجح في توفير استثمار بقيمة 1,1 مليون يورو من خمسة مستثمرين في العام 2008. وذكر حسكي أن إطلاق المجلة الجديدة تم بقدرات ذاتية حيث إن “الاستثمار اللازم لها هو عمليا قليل جدا لكون المحتويات منتجة أساساً عبر فريقنا في الموقع الذي يضم 20 عاملا بوقت دائم وعددا آخر من الصحفيين المستقلين . ولترويج المجلة سوف نعتمد بالدرجة الأولى على موقعنا على الإنترنت وعلى قرائنا. ولن تكون هناك حملة تسويق مكثفة ومكلفة للمشروع”. وصدر العدد الأول من المجلة في منتصف شهر يونيو الماضي وطبع منه 87 ألف نسخة، ولاحظ حسكي أن قسماً من جمهور الموقع الذي يبلغ نحو 1,5مليون زائر شهرياً يتألف من زوار غير دوريين قد يتخلفون عن قراءة قسم كبير من محتويات الموقع ولهذا فإن الإصدار الشهري يعتبر مكملاً جيداً للموقع الإخباري”. وأوضح أن العامل الثاني وراء المشروع الورقي هو التنويع الاقتصادي، وقد صدر العدد الأول مع تسع صفحات إعلانية “ما شكل مفاجأة بعد أن كنا نتوقع أربع صفحات فقط”. وسيتولى إدارة المجلة على قاعدة الشراكة “في الأرباح والمغامرة” فريق من خارج الموقع يقوده فريدريك أليري وهو مدير عام سابق للمجلة الثقافية الفرنسية الأسبوعية “لي انروكز”. وكان حسكي أعلن في وقت سابق أن هناك مداولات لمشاريع أخرى للموقع منها افتتاح فرع له في بلجيكا علماً بأن الموقع ذاته يدير أيضاً موقعاً مختصاً بمنطقة مرسيليا.