الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإرهاب في الهند·· محلي أيضا

الإرهاب في الهند·· محلي أيضا
29 سبتمبر 2008 00:19
لقد أرغمت الاعتقالات التي نفذتها السلطات الأمنية الهندية، لخمسة عناصر من المشتبه بتورطهم في التفجيرات الأخيرة التي شهدتها الهند في الثالث عشر من شهر سبتمبر الجاري، الهند -التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث الكثافة السكانية المسلمة- على الاعتراف بأنه لم يعد ممكناً الالقاء باللائمة على باكستان، كلما وقع في الداخل انفجار أو أي هجوم إرهابي، وكأن الإرهاب حكر على باكستان وحدها؛ وها هي نيودلهي تنظر الآن بكثير من الحذر والقلق إلى تصاعد وتائر إرهابها المحلي· يذكر أن صورة ''الإرهابي الهندي'' ظلت فكرة كاريكاتيرية ساخرة ليس أكثر منذ وقت طويل· فهي ترمز دائماً إلى فقير هندي وقع ضحية لعملية غسيل دماغ من قبل الجماعات الراديكالية المتطرفة، التي تمولها باكستان المجاورة التي تبادل الهند العداء والخصومة؛ غير أن اثنين من المتهمين بتفجيرات الثالث عشر من الشهر الجاري بين جملة الخمسة المعتقلين حتى الآن، مهندسان للبرامج التشغيلية الإلكترونية، بينما يدير الثالث فندقاً، وهو ما ينفي عنهم تلك الصورة الكاريكاتيرية التي طالما ربطت النشاط الإرهابي في الهند بالفقراء المسلمين؛ بل الأهم من ذلك أن هذه الحقيقة تكشف أن الفقر المدقع ليس هو الدافع الوحيد للنشاط الإرهابي هنا، وإنما يدفعه أيضاً التعصب المستمر ضد المسلمين الهنود؛ وهذه مسألة تثير جدلاً مريراً في الهند باعتبارها دولة ديمقراطية شديدة الحساسية تجاه أي مزاعم عن انعدام التسامح الديني والعرقي والثقافي فيها؛ بيد أن طبيعة الاعتقالات الأخيرة هذه، تفتح أمام نيودلهي نافذة صغيرة للتأمل العميق لتنامي ظاهرة الإرهاب المحلي فيها· وبالطبع فإنه لا معنى للتقليل من خطورة وأهمية النشاط الإرهابي الذي تقوم به جماعات إرهابية منطلقة من القواعد الباكستانية المجاورة؛ غير أن تورط مجموعات محلية في التفجيرات التي شهدتها نيودلهي مؤخراً، يضيف بعداً جديداً للخطر الإرهابي الذي نواجهه؛ ذلك هو تصريح رئيس الوزراء الهندي ''مانموهان سينج''، الذي أدلى به عقب التفجيرات الأخيرة مباشرة؛ وعلى حد قول ''سوابنا كونا نايودو'' -المحلل الأمني بمركز دراسات الحرب البرية في نيودلهي- فإنه لم يعد ممكناً تبسيط تفسيرنا لأي هجوم إرهابي يقع داخل أراضي بلادنا، بأنه قادم إلينا من الجارة باكستان، فمن واجبنا الآن أن ننظر إلى الأسباب والدوافع الاجتماعية للنشاط الإرهابي المحلي· وفيما يبدو حتى الآن، فليس مرجحاً أن تفرخ هذه الدوافع الاجتماعية، إرهابيين محليين ذوي نوايا عالمية أو من ذوي الارتباط بشبكة الإرهاب الدولي مثل تنظيم القاعدة وغيره؛ وعلى رغم تورط هندي واحد في التفجيرات التي تعرض لها مطار ''جلاسجو'' العام الماضي، إلا أن الإرهاب الهندي يبقى ظاهرة ذات دوافع وتوجهات محلية في الأساس؛ والدليل أن جماعة ''المجاهدين الهنود'' التي أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرات نيودلهي الأخيرة، بررت عملياتها هذه بأنها ردة فعل عل حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها قوات الشرطة على المستوى القومي كله، وأنها استهدفت المسلمين الهنود ومارست تمييزاً واضحاً ضدهم؛ وتشير التحقيقات التي أجريت في ''مومباي'' إلى اسم محمد صادق شيخ، باعتباره زعيماً للجماعة الإرهابية المذكورة؛ وذكر المحققون أيضاً أن مهندس برمجيات الكمبيوتر المعتقل، شارك في إنشاء الجماعة في عام 2005 مع ''أمير رضا'' المقيم في باكستان· وعلى رغم مزاعم تورط أجهزة المخابرات الباكستانية في هذه التفجيرات، وهي المزاعم التي يروج لها المسؤولون والخبراء الهنود، لا سيما في مجالي التمويل والإشراف على جماعة ''المجاهدين الهنود''، إلا أن قوات الشرطة تعرض صورة عن منظمة هندية خالصة''؛ فمعظم القتلى أو المعتقلين من المتورطين في التفجيرات المشار إليها، ينحدرون من ولاية ''أوتار براديش'' الهندية· والمعروف عن الأفراد المشاركين في تلك التفجيرات، أنهم بعثوا بالبيان الخاص بجماعتهم عبر رسائل إلكترونية، سبقت التفجيرات بوقت قصير جداً؛ وعليه، فإن الشيء الوحيد الذي لم يعد ممكناً تفاديه هنا على حد قول ''عمير أحمد'' -مؤلف كتاب ''مصادفات'' وهو كتاب يتناول ظاهرة العنف والتطرف الإسلاميين في الهند- إنه ما من أحد من المسؤولين يريد أن يحدثنا بصراحة عن طبيعة المشكلة التي تواجهها بلادنا؛ وهو يشير في قوله هذا إلى النتائج التي توصلت إليها الدراسة التي أعدتها لجنة برعاية الحكومة الهندية، التي أعلن عنها في عام 2006؛ وكانت تلك الدراسة قد توصلت إلى تدهور أوضاع المسلمين الهنود خلال السنوات الذاخيرة الماضية، من مرتبة الطبقات الوسطى إلى مستوى طبقة ''المنبوذين'' أي إلى أدنى درجات السلم الاجتماعي الاقتصادي؛ وأّشارت الدراسة إلى إهمال الحكومة للمجتمعات المسلمة في مجالات بعينها مثل التعليم والرعاية الصحية وفرص التوظيف في الوظائف الحكومية· وفوق ذلك، يشير بعض ناشطي حقوق الإنسان المستقلين في الهند، إلى وجود أساس من الصحة لمزاعم أفراد ''جماعة المجاهدين'' بأن الاعتقالات الواسعة التي نفذتها قوات الشرطة بحق المسلمين، اتسمت بالتعصب الديني الأعمى والعشوائية؛ وعلى سبيل المثال، فإن قوانين مكافحة الإرهاب الهندية تسمح باعتقال المشتبه بهم في هذه الجرائم حتى 180 يوماً دون توجيه اتهامات محددة، إلا أن نسبة الإدانة القضائية في مثل هذه الاعتقالات، تكاد تعادل ما دون الـ 1 في المائة فحسب على حد تفسير ''رافي ناير'' -مدير ''مركز توثيق حقوق الإنسان بجنوبي آسيا'' في نيودلهي- في إطار تعليقه على حملة الاعتقالات التي شنتها قوات الشرطة ضد المسلمين الهنود مؤخراً؛ والمشكلة أنه يستيحل فتح أي حوار قومي عام عن التمييز ضد المسلمين، نظراً لكون هذه القضية الأكثر حساسية في السياسات الهندية· مارك سابنفيلد- نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©