الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المدينة المنورة.. عبادات وعادات رمضانية أصيلة

المدينة المنورة.. عبادات وعادات رمضانية أصيلة
27 مايو 2018 20:43
أشرف جمعة (أبوظبي) يعيش أهل المدينة المنورة أجواء رمضانية تعبر عن قيمتها الإسلامية والتاريخية فهي حاضنة الدين الجديد ويعرف عن أهلها المروءة والحفاوة بالغرباء، ويحيط بها الجلال وتغلفها القيم والتقاليد والعادات، وشهر رمضان المبارك له حضوره الخاص في وجدان أهل المدينة المنورة وزوارها ولا تزال المدينة تحتفظ بطابعها القديم في كل شيء وإن كانت الحياة بتجددها أفاضت عليها من الحداثة لكن جوهرها الأصيل ومناخها الإنساني وتغللها في جذور الدين كونها أول عاصمة في تاريخ الإسلام، وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة، وشهر رمضان المبارك يحل على سكان وهم مفعمون بالسعادة التي تغمرهم في «طيبة الطيبة»، كما يلقبها المسلمون فالطعام يوزع على الفقراء، والأسواق تعج بسكانها وزوارها والتصدق يشيع في جوانبها، والزيارات بين الأهل تحمل طابعاً اجتماعياً تقليدياً، وتبلغ درجة التكافل الاجتماعي أوجها في المدينة، وما بين عادات لا تزال شائعة، وعادات اندثرت تظل طيبة الطيبة هي الملاذ للعديد من الزوار في شهر رمضان الكريم، والمقصد لأهلها، الذين ينشدون التعبد في المسجد النبوي الشريف. طعام واحد يقول عبدالباقي المعيقلي من سكان المدينة المنورة: يتعاضد المتبرعون للمساهمة في وجبات الصائمين زوار المسجد النبوي الشريف، الذين يأكلون طعاماً واحداً لا يميز فيه غني وفقير، وهو طعام خفيف على المعدة، وإن قصّاد المسجد النبوي الشريف يتجمعون في ساحاته لأداء الصلوات الخمس وقراءة القرآن الكريم لمدة طويلة، ويكثرون من الصلاة والدعاء، حيث الاستمتاع بأجواء الشهر الكريم، إذ تضم المدينة المنورة أقدم ثلاثة مساجد في العالم، المسجد النبوي، ومسجد قباء، ومسجد القبلتين، مشيراً إلى أن المدينة المنورة تستمد أهميتها عند المسلمين من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها وإقامته فيها طيلة حياته. كرم معهود ويذكر أن هناك عادات وتقاليد أصيلة في حياة أهل المدينة، مثل الحرص على إقامة الموائد الرمضانية بين العوائل منذ اليوم الأول في رمضان، وأن الدائرة تدور في مودة ومحبة، إذ يخصص كل يوم لتناول الإفطار عند فرد معين، إلى أن يكتمل الشهر، وقد يحضر المأدبة من عشرين إلى ثلاثين فرداً أو أكثر، وقد تشمل الأصدقاء والجيران والأقارب والزوار أيضاً، وأنه من عادة أهل المدينة بعد أداء صلاة المغرب أن يتم اصطحاب أي فرد في الطريق، لكي يحصل الأجر وتحل البركة من خلال تقديم الطعام له كنوع من الكرم المعهود والود المنشود في شهر رمضان، الذي يبهج نفوس أهل «طيبة الطيبة»، ويحفزهم على فعل كل ما يليق بأهلها ويتماهى مع رقة قلوبهم وتعاطفهم وإيثارهم للغرباء والحفاوة بهم. حلقات العلم ويوضح أنه ليس هناك تقاليد معينة تتمثل في عقد القران أو الخطوبة، إذ إن هذه الأشياء تأتي على رسلها دون عادة، ولكنها قليلة في أيام رمضان كون الكثير من أهل المدينة يقيمون أفراحهم ويعقدون القران ويخطبون لأبنائهم وبناتهم قبل حلول شهر رمضان وبحسب ما تقتضيه الظروف أو بعد تمامه في مناسبة عيد الفطر وطوال السنة وأن العادة جرت في مساجد المدينة الشهيرة وبخاصة في مسجد قباء أن تعقد حلقات العلم في رمضان التي يستظل بها ويستزيد منها أهل المدينة وزوارها وتمثل هذه الحلقات الرمضانية إطلالة على الفضائل ودروس في الدين والأخلاق وتتطرق إلى تاريخ مجيد للحياة الإسلامية في عصورها الزاهرة فيعم النفع منها على أحسن ما يكون. أسواق المدينة ويورد عبدالرحمن أبا الجيش أن عادات أهل المملكة العربية السعودية قريبة من بعضها بعضا في استقبال شهر رمضان الكريم والتماهي مع أجوائه الروحية والدينية والاجتماعية لكن المدينة المنورة، التي تضم مساجد عريقة في الحياة الإسلامية تظللها ببهاء خاص وجلال لا يغيب فمن أبرز العادات أن يتزاور الناس، خاصة بعد التراويح فيقضون ساعة أو بعض ساعة أو أقل من ذلك في وصل بعضهم بعضاً وتقديم واجب الضيافة من خلال طقوس معهودة، وأن هذه الزيارات تشمل الأهل والجيران والأصدقاء، كما أن أسواق المدينة تنشط ما بعد صلاة العصر إلى آذان المغرب فيحمل سكانها والزوار التمور والخبز والحلوى وما تطلبه البيوت من مؤن وأن هذه الأسواق تضج بالعديد من البضاعة مثل المسابح وسجاجيد الصلاة والتمور عند بابي السلام والرحمة، وغيرها من البضاعة التي تشتهر في المدينة، وأبرز أسواق المدينة سوق الخضرية المختص بالخضروات واللحوم وسوق القماشة المختص ببيع الأقمشة، وسوق باب المجيدي الملاصق للمسجد النبوي، وسوق المناخة المختص ببيع المواد الغذائية الحجازية الشهيرة كالسمن والبر والعسل والمضير، وسوق التمارة المختص ببيع الرطب والتمور، وسوق الخان القديم وأنه في رمضان تكثر «البليلة» في أزقتها لأنها محببة لدى قاطنيها. ثياب العيد ويلفت أبا الجيش إلى أن المتبرعين من أهل المدينة اعتادوا على توزيع الأقمشة على المحتاجين لكي يفصلوها كي يستقبلوا العيد وهم يرتدون هذه الثياب الجديدة وأن سكان «طيبة الطيبة» يكثرون من التصدق في هذه الأيام المباركة ويوزعون التمور والمياه وكل ما تجود به النفس من مال وملابس وطعام في تعاضد وتقدير خاص لهذا الشهر المبارك الذي يظلل كل ركن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أهازيج الأطفال أوضح أحمد الشهراني أن هناك بعض العادات القديمة التي اندثرت في المدينة عند حلول شهر رمضان المبارك، حيث كان الأطفال يدورون على البيوت يطلبون الحلوى والمكسرات وهم يهزجون ببعض الأهازيج وأن هذه العادة انقطعت بحكم التطور الذي شهدته طيبة الطيبة، ويرى الشهراني أن أجواء شهر رمضان في المدينة المنورة لها طابع اجتماعي حميم مستمد من التقاليد الإسلامية، حيث تكثر أعمال الخير، وتطيب اللقاءات بين ذات القربى، ومن ثم الاحتفاء بالزوار والجلوس فترات طويلة لقراءة القرآن، إذ قد يقرأ الفرد من بعد صلاة الظهر إلى العصر، ومن بعد صلاة العصر إلى المغرب وهكذا، وتكثر أيضاً الدعوات على السحور بين الأهل والجيران في مودة وإخاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©