الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الدول الغنية تلجأ لسياسات ثلاثينات القرن الماضي لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب

الدول الغنية تلجأ لسياسات ثلاثينات القرن الماضي لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب
3 يوليو 2010 21:52
تقوم الدول الغنية بتكرار سياسة ثلاثينات القرن الماضي الاقتصادية بالبدء في خفض الإنفاق وزيادة الضرائب، قبل التأكيد من الخروج من الأزمة المالية، آملة في أن يختلف الموقف اليوم ومن ثم تختلف معه النتائج. وهذه خطوة يصفها الخبراء بالخطرة. ويراهن صانعو القرار على أن القطاع الخاص سيعوض عن سحب البرامج التحفيزية خلال العامين المقبلين. وإذا كانوا محقين في ذلك، فإنهم يقومون بتجنب عجز كبير في الميزانيات، أما إذا لم يكونوا كذلك، فإنهم يفتحون حلقة جديدة يضعف فيها الإنفاق العام للاقتصاد العالمي، ومن ثم خلق خفض جديد في إنفاق القطاع الخاص. وشهدت الأشهر القليلة الماضية نمواً معقولاً في العديد من الدول الغنية. كما ارتفعت الأجور، وساعات العمل، وإنتاج المصانع، وأرباح الشركات في أميركا بشكل واضح. وبعكس ثلاثينات القرن الماضي، فإن نمو الدول الغنية قادر الآن على دعم اقتصادات الدول الأخرى. وعلى الجانب الآخر، فإن آخر الأرقام الاقتصادية تبعث على القلق، حيث إن القيود المالية القادمة في أميركا، لن تكن أقل من تلك التي كانت في الثلاثينات. وبين عامي 1936 و1938 وبينما كانت تعتقد إدارة الرئيس الأميركي روسفيلد أن الكساد الكبير قد انتهى، فرضت زيادات ضريبية، وخفضت الإنفاق بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي. وعند ذلك الوقت، زادت الحكومات الأوروبية من إنفاقها باقتراب الحرب العالمية الثانية، أما الآن، فيقوم العالم بأكمله بسحب برامجه التحفيزية مباشرة. وفي أميركا، وبين 2009 و2011، ستساوي القيود المالية 4,6% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي بريطانيا وقبل إعلان الميزانية الطارئة، من المتوقع أن يبلغ خفض الميزانية نحو 2,5%، كما أنها ستفوق نسبة 2% في بقية دول العالم الأخرى. واليوم ليس من الواضح أن هناك دولة مرشحة من بين الدول الغنية لتصبح المحرك الفعلي للنمو العالمي، بينما التحركات الموازية ربما تثير قلق المستهلكين، والمستثمرين التجاريين. ويقول آدم بوسين خبير الأزمات العالمية الأميركي والذي يعمل لدى بنك انجلترا “سيرتكب العالم خطأ وربما تكون النتائج سيئة بدلاً من حسنة” وأضاف بعد أن أشار إلى الهند والصين والوضع الصحي المناسب للنظم المالية اليوم مقارنة بثلاثينات القرن الماضي “تبدو اليوم الفرص أكبر من ذي قبل”. ونتجت معظم أخطاء السياسات في الثلاثينات من الجهل. كما أن المراحل الأولى من الأزمة الأخيرة أسوأ من الكساد الكبير. وأن الإنتاج الصناعي العالمي، والمخزونات انخفضت في 2008 - 2009، أكثر من 1929 – 1930. وأدرك صانعو القرار في معظم الدول صعوبة المهمة التي في انتظارهم. وزادت كل من الصين، وأميركا، واليابان، ولحد ما أوروبا، من معدلات إنفاقها، وخفضت الضرائب. وكان لذلك مردوده الإيجابي خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية أثناء انهيار “ليمان براذر”، حيث بدأت الاقتصادات في استعادة أنفاسها. واستمرت وتيرة التعافي هذا العام، كما يمكن أن تقود زيادة الدخول والأرباح، إلى زيادة الإنفاق، وبالتالي إلى زيادة الإنفاق والأرباح مرة أخرى. وفي هذه الحالة لم تعد هناك حاجة لبرامج الحكومات التحفيزية. وكما يحـدث غالباً بعد نهاية كل أزمة مالية، فإن هذا التعافي متقطع أيضاً. فمثلاً استمرت الشركات في رفع الأجور وساعات العمل، لكنها لم تقم بالكثير حيال إضافة وظائف جديدة. وتشير التقارير في أميركا إلى انخفاض ثقة المستهلك خلال الشهر الماضي. ورفض مجلس الشيوخ الأميركي الموافقة على مشروع قانون ينص على تمديد التأمين الخاص بالبطالة، أو إرسال مساعدات لحكومات الولايات التي تقع تحت وطأة المعاناة. ونجد أن المقارنة بعام 1937، لا تبعث على الطمأنينة، حيث نما الاقتصاد الأميركي في الفترة بين 1933 – 1937، بنحو 40%، على الرغم من أن المعافاة لم تكن كافية للحد الذي يمكن أن تقاوم به معدلات خفض الإنفاق وفرض ضريبة التأمين الاجتماعي الجديدة. وفي 1938، انخفض الاقتصاد 3,4% مع ارتفاع في معدل البطالة. وبالنظر لهذه الخلفية، لماذا يصر المسؤولون على فرض قيود مالية جديدة؟ وتختلف الأسباب من بلد إلى آخر. أما اليونان، فلا خيارات مطروحة أمامها، وهي لا تملك الأموال، وبالتالي فإن الأسواق ستقرضها بمعدلات فوائد عالية. وتتخوف العديد من البلدان من أن تدير الأسواق لها ظهورها إن لم تسارع في خفض عجوزاتها، وإسبانيا تقع ضمن هذه الفئة، وربما بريطانيا. وعلى الجانب الآخر، هناك الدول التي تملك السيولة ومقدرة الاقتراض لتحقق نمواً أكثر، مثل أميركا، والصين، وألمانيا، والتي كانت تمثل أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم. وكانت الصين وحتى وقت قريب متخوفة من المشاكل التي تواجهها سوقها العقارية. وتفادت ألمانيا البرامج التحفيزية لأطول فترة ممكنة نسبة للدور الذي لعبه التضخم في بزوغ فجر السياسة النازية. وكان الدور الذي لعبته أوروبا بزعامة ألمانيا في الأزمة المالية الأخيرة، أكثر ضعفاً من الدور الأميركي، وهذا من الأسباب التي جعلت الاقتصاد الأوروبي في هذا الوضع السيئ اليوم. وأخيراً، إن فكرة خفض الإنفاق، وزيادة الضرائب، في الدول الغنية، يجانبها الكثير من الصواب. وقطعت كل من أميركا، والدول الأوروبية، واليابان، وعوداً ليس في مقدروها الوفاء بها. لكن، وفي النهاية يجب أن يكون هناك نوع من التغيير. وفي العالم المثالي، فإن البلدان تزاوج بين الإنفاق قصير المدى وخفض الضرائب، وبين الإنفاق طويل المدى وزيادة الضرائب. لكن، ليس هناك بلد واحد من البلدان الكبيرة، توصل لكيفية القيام بذلك حتى الآن. عن « إنترناشونال هيرالد تريبيون»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©