29 سبتمبر 2008 00:49
لعلّ علامة الاستفهام هي أفضل ما يمكنه أن يُوصف بها، إذ إنّه، على ضآلة حجمه، وتواضع مساحة الملامح منه، ذو براعة فائقة في إحاطة حضوره بالغموض الآسر والجاذبية الملغّزة·
شخصية مركبة بامتياز·· مزيج متقن من طيبة وقسوة، من قلق وطمأنينة، وأيضاً·· من بشاشة وتجهم·
يحلّق عالياً في أدوار العشق، كفتى حالم أطلّ لتوّه على ملعب الحياة من شرفة المشاعر، لكنّه قادر على إزالة كلّ ما علق بالذهن من أوهام رومانسية لحظة تقمصّه لشخصية الطاغية المتحجر القلب·
بدأ مشواره الفني من كلّية الفنون التشكيلية، حينها كان يصعب التكهّن بأنّ طالب النحت الخجول هذا، بأنامله الرقيقة، وطرْفه الغضيض، سيغدو محطّ أنظار المشاهدين وموئل انتظارهم، بل ومعقد شغفهم أيضاً· لكن هذا ما حصل، وببساطة تستعصي على الاكتناه·
من أين استمّد الرجل النحيل كلّ هذه الحيوية التي تتسرب من أعماقه لتحيل مشاهديه إلى كتلة من الإصغاء؟
كيف تأتى له أن يكون محور الاهتمام ومحطّ الإجماع وهو صاحب التقاسيم المبالغة حياداً، والنبرة الموغلة خفوتاً، والنظرة المنحازة إلى تهذيب مفرط؟
كيف وسعه أن يناور ببراعة مشهودة بين العاشق المتيّم والتاجر الانتهازي والتابع الوصولي والكائن الدمث، وأن يبقى محافظاً على تألقّه المثير للريبة دوماً؟
أسئلة يصعب العثور على أجوبة شافية لها ما دام مبعثها شخص ترتسم في حدقتيه علامتا استفهام عوضاً عن العيون·
بسام كوسى لغز لا يتعب من الإدهاش·
عدد اليوم
