الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسباب العنف

أسباب العنف
7 مايو 2014 20:09
منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر لا يزال الغرب يربط بين الإسلام والإرهاب ولا يفرق بينهما، وتنامت «فوبيا الإسلام» لدى الغرب بأن وضعت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا كل المسلمين من أصول عربية المقيمين في دولتيهما تحت المراقبة وحتى المسلمين من نفس البلد، وأطلقت يد السلطات الأمنية في المتابعة والرصد والمراقبة لكل شخص مشكوك في أمره بل حتى الأطفال، غير أن تلك الإجراءات تبرز مخاوف المراقبين من أنها تنمي الغبن وربما تولد كارثة كبيرة يصعب تجاوزها. يرصد مؤلف كتاب «المسلمون قادمون: الإسلاموفوبيا والحرب على الإرهاب المحلي كيف..؟» للكاتب البريطاني أرون كاندري كيف يتعرض المسلمون في بريطانيا والولايات المتحدة للمضايقات الأمنية وفي بعض الأحيان لمراقبة تحركاتهم بدعوى الحرب على الإرهاب، وهو المصطلح الذي تبناه المحافظون في الولايات المتحدة وبريطانيا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2011. ومن أجل هذه الحرب أصبح كل شيء مباحا مثل الممارسات غير القانونية وإعمال الترهيب وعمليات القتل من دون محاكمات. يشير كاندري في كتابه الصادر في مارس 2014 عن دار فرسوا للنشر، إلى الظلم الاجتماعي الصارخ الذي يتعرض له المسلمون سواء في الدول الغربية أو الدول الأخرى ويرى أن هذا الظلم الاجتماعي والسياسي يخلق تربة خصبة لنمو التطرف بدلاً من محاربته. ويورد الأدوار المركزية التي تقوم بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في خلق العديد من المظالم عن طريق انتهاج سياسة خارجية عدوانية مبنية على الحفاظ على الطغاة من الحلفاء للغرب في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، وتنفيذ نظام اقتصادي نيو ليبرالي سيؤدي إلى إضعاف هذه الدول والمحافظة على مصالح الدول الغربية. كما يحذر الكاتب من أن السياسيات الدولية التي تنتهجها المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي ضد اقتصاديات الدول الفقيرة عامةً والإسلامية خاصةً، وكذلك تدخل الولايات المتحدة بطريقة غير مباشرة في السياسيات الداخلية للبلاد الإسلامية، سيؤدي إلى خلق مزيد من الإرهاب مثلما حدث في الصومال الأمر الذي أدى إلى تزايد انضمام الأشخاص إلى حركة الشباب الصومالية التي تصنفها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية. وأجرى الكاتب عدة مقابلات مع العديد من المسلمين الذين تعرضوا للمضايقات في ولايات أمريكية مثل تكساس ونيويورك ومدن بريطانية مثل يوركشاير ومانشستر، كما قام بالبحث عدة سنوات في هذا المجال، وهو أستاذ مساعد في مادة وسائل الإعلام والثقافة في جامعة نيويورك وقام بدراسات عن الإرهاب في جامعة جوهاجي بمدينة نيويورك الأميركية، واعتمد الكاتب على دراسات من معهد IRR المختص بالعلاقات بين الأعراق وهو المعهد الذي يقوم بعمل أرشيف للاحتجاجات ضد العنصرية البريطانية ويقوم بتحليل السياسات الخاصة بالعولمة. ويؤكد الكاتب أن الولايات المتحدة تقوم بمراقبة أكثر من 100 ألف أميركي مسلم، كما تقوم المخابرات البريطانية بتجميع قائمة بها 800 مسلم بريطاني تقول إنهم متعاطفون مع تنظيم القاعدة، كما تضع 300 طفل أيضاً تحت المراقبة بدعوى أنهم قد يكونوا من المتطرفين المحتملين مستقبلاً. ويسرد الكاتب العديد من الممارسات التي يتعرض لها المسلمون بحجة الحرب على الإرهاب التي وصلت في بعض الأحيان إلى القتل مثل مقتل لقمان إمام مسجد في مدينة ديترويت الأميركية بعد تحقيقات أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالية استغرقت عامين زعمت أن لقمان يتزعم جماعة إرهابية محلية، غير أن الكاتب أورد معلومات عن لقمان تقول إنه كان بشوش الوجه يساعد جيرانه المسلمين وغير المسلمين وكان يدعو الناس إلى ترك المخدرات والكحوليات ولكن يبدو أن هذا لم يعجب السلطات الأميركية التي قامت بمراقبته كما رفض لقمان إمداد المباحث الفيدرالية بمعلومات عن الأشخاص المسلمين الآخرين. ومن بين الحالات التي تناولها الكاتب مواطن بريطاني مسلم يدعى جميل سكوت كان قد ذهب للاعتراض على محاضرة يلقيها مسؤول إسرائيلي في جامعة مانشستر بإنجلترا لكن وجوده مع زملائه الاشتراكيين في الاحتجاج ضد المحاضرة جعله موضع مراقبة من السلطات البريطانية التي أرسلت وكلاء مكافحة الإرهاب إلى والديه وأقاربه وإلى مدرسته للسؤال عنه وطالبوا جميل بعدم حضور المظاهرات مرة أخرى ودعوا والديه إلى الانتقال إلى حي آخر. ونال الكتاب العديد من الإشادات من الباحثين ومؤلفين آخرين فعلق ديفيد كول مؤلف كتاب (العدو الأجنبي: المعايير المزدوجة للحريات الدستورية في الحرب على الإرهاب) إن هذا الكتاب يكشف تكلفة الحرب على الإرهاب، وكذلك يكشف الآلاف المسلمين الأبرياء المخترقين، ويعطي صوتاً بليغاً للمجتمعات ويكشف طرق محاربة الإرهاب والصمت من قبل أجهزة الأمن القومي«. من جانبه قال ديبا كومبار مؤلف كتاب (الإسلاموفيا وسياسية الإمبراطورية) أن الكتاب «نظرة جديدة وجريئة لمناقشة قضية المراقبات وتوثيق كيفية تأثيرها على المجتمعات الأكثر تضرراً وهم المسلمون في بريطانيا والولايات المتحدة». ويلتقط المؤلف طبقاً لكتابه “حمى الربيع” صورة تفصيلية للمشهد العربي يضع فيها جماعة الإخوان المسلمين في بؤرة الأحداث ويرصد تحركاتها بالتعاون مع غيرها من الحركات الإسلامية التي تملك الدور الأساسي في إشعال ثورات الربيع العربي والاستمرار فيها حتى الآن. ويؤكد أن الحقيقة الأساسية الكامنة وراء الربيع العربي هي أن التصور الذاتي الذي يشكّله الإسلام في فكر المسلمين يمثل الجزء الرئيسي من الحضارة المعادية للغرب والتي دفعت لتلك الثورات.. ولكن هل يعتمد هذا التصور على حقائق موضوعية.. وهل يعكس هذا العرض البناء الحقيقي للإسلام..؟ يجيب المؤلف على نفسه بأن هذه الأسئلة وإن بدت غير موضوعية وغير مستندة على دلائل علمية فهي تمثل ما هو موجود على أرض الواقع. يتحدث المؤلف عن الحرية التي يتوق إليها البشر جميعاً ويقول: إن مفهوم الحرية طبقاً لمفهوم الإسلام في الشرق الأوسط يتعارض تماماً مع مفهوم الحرية في الغرب؛ فبينما تنبع الحرية لدى المسلمين من الاستسلام الكامل لله وشريعته فإن هذا لا يعد مفهوماً لدى الغرب الذي يؤمن بأن الإنسان يصنع شريعته بنفسه، ويرى في تطبيق الشريعة الإسلامية قيوداً على حرية المجتمع. ويضيف: أنه بينما احتضنت أميركا الجماعة الإسلامية ودعمتها فإن هذه الجماعة سعت إلى تخريبها وتدميرها. يعد هذا الكتاب مثالاً واضحاً لاختلاف الرؤى بين بعض مفكري الغرب والمفكرين في العالم العربي لثورات الربيع العربي، فالإسلاميون في واقع الأمر حتى وإن كان لهم دور واضح في هذه الثورات إلا أنهم لم يكونوا العامل الوحيد المحرك لها في ظل ضغوط من الفساد طويل الأمد وتردي الأوضاع على كافة المستويات، مما كان دافعاً للانفجار بل إن الكثيرين يتهمون الإسلاميين باختطاف تلك الثورات وليس إشعالها.. ولكن كتاب مثل هذا يمثل دليلاً على الخطورة الكامنة في خطأ تطبيق الدعوة الإسلامية في المجتمعات الغربية بمنهج يعتمد على العنف مما يسيء للإسلام بدلاً من أن يدعو له ويؤكد على أن جماعة الإخوان المسلمين قد شاركت في الإساءة إلى الإسلام. خدمة (وكالة الصحافة العربية)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©