الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تضخم «الدين العام» يقلق المستثمرين حول مستقبل الاقتصادات الغربية

تضخم «الدين العام» يقلق المستثمرين حول مستقبل الاقتصادات الغربية
17 ديسمبر 2009 23:32
لم يكن هناك أدنى شك في أن حكومات العالم سوف تعتمد على الاقتراض لتوفير الأموال اللازمة لتمويل برامج تحفيز الاقتصاد المختلفة التي أطلقتها مطلع العام الحالي لمواجهة تداعيات أسوأ أزمة يتعرض لها الاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين. ولكن لم يكن المستثمرون يتصورون أن يتضخم الدين الحكومي إلى هذه الدرجة المثيرة للقلق وبخاصة في دول باتت أوضاعها المالية في مهب الريح مثل اليونان و أيرلندا وايسلندا وإسبانيا وحتى الولايات المتحدة وبريطانيا. يقول ديفيد ويليامز نائب رئيس مؤسسة “مواطنون ضد التبذير الحكومي” وهي منظمة غير حكومية أميركية تراقب الإنفاق الحكومي إن العجز في الميزانية الأميركية كان، حتى العام الماضي، حوالي 400 مليار دولار ولكن الرقم قفز الآن إلى 1.4 تريليون دولار. ويقول مارك أوستفالد المحلل الاقتصادي في مؤسسة مومينت سيكيوريتز للاستشارات المالية إن “أكثر ما يثير القلق في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هو أن هذا المستوى من الاقتراض الحكومي لم يحدث إلا في أوقات الحرب”، وأضاف أن الأمر يبدو غير طبيعي بكل الصور. ويرى أن الأوضاع المالية لكل من بريطانيا والولايات المتحدة هي الأشد إثارة لقلق الدوائر المالية لأن الدولتين مازالتا تتمتعان بالاستقلال المالي، أما إذا واجهت إحدى دول منطقة اليورو مثلا شبح الإفلاس فإن باقي دول المنطقة سوف تتدخل لإنقاذها، فمن مصلحة الدول الأوروبية الكبرى التدخل لمنع إفلاس أي دولة من دول المنطقة حتى لا يتهدد مشروع الوحدة الأوروبية ككل. في الوقت نفسه فإن بعض الدول التي تعاني من عجز متزايد في ميزانيتها مازالت تقول إن الأمور تحت السيطرة؛ وقال أوليفر ويلان مدير إدارة التمويل والديون في وكالة إدارة الخزانة الوطنية بأيرلندا لوكالة الأنباء الألمانية إنه رغم ارتفاع نسبة القروض لتمثل ما بين 15 و16% من إجمالي موارد الحكومة العام المقبل فإنه يتوقع استقرار الدين العام بحلول 2012. ولكن بريطانيا التي لم تنضم إلى منطقة اليورو شهدت قفزة كبيرة في دينها العام من 695.1 مليار جنيه إسترليني (1.14 تريليون دولار) عام 2008 إلى 829.7 مليار جنيه إسترليني العام الحالي، بالمثل فإنه من المتوقع ارتفاع الدين العام من نحو 10 تريليونات دولار عام 2008 إلى 12.9 تريليون دولار خلال العام الحالي. ورغم ذلك فإن قلة قليلة هي التي تتوقع انهيارا ماليا لكل من بريطانيا والولايات المتحدة على غرار الانهيار المتوقع لدول أخرى مثل اليونان، فالقوى الاقتصادية الأخرى في العالم لن تستفيد من انهيار قوة اقتصادية مثل الولايات المتحدة لآن هذه القوى تدين الولايات المتحدة بديون باهظة ومن مصلحتها الحفاظ على قدر من الاستقرار المالي لواشنطن من أجل الحفاظ على قيمة ديونها. ومع ذلك فالمشكلة سوف تستمر؛ يقول أوستفالد إن التخلص من عبء هذه الديون الضخمة سوف يستغرق وقتا طويلاً، وأضاف “ويجب أن نشعر بالقلق بشأن هذا الموقف لأن هناك خطرا كبيرا آخر يتمثل في أنه إذا لم يتم تقديم خطط موثوق بها لكبح جماح عجز الموازنة فسيظهر خطر خفض التصنيف الائتماني لهذه الدول”. وفي حال خفض التنصيف الائتماني لتلك القوى الكبرى فإنها سوف تضطر لدفع سعر فائدة أعلى للحصول على القروض التي تحتاج إليها من السوق الدولية. وفي هذه الحال سوف ينتقل سعر الفائدة المرتفعة إلى باقي أجزاء الاقتصاد وفقا لنظرية الأواني المستطرقة وهو ما يهدد عملية التعافي الهش التي تشهدها الاقتصادات الغربية. وفي ألمانيا قال راينر هولتس أنجيل مدير رابطة دافعي الضرائب الألمان “لا اعتقد أن قطاعا كبيرا من الناس يدرك ما ينتظره في المستقبل”. وأضاف أنه رغم عدم التناسب بين إيرادات الحكومة وإنفاقها فإن الاقتصاد الألماني سوف يتعامل مع عاصفة الديون بصورة جيدة لآن أغلب الأحزاب السياسية في ألمانيا متفقة على ضرورة كبح جماح موازنة عام 2011. ويتفق أوستفالد مع هولتس أنجيل فيقول إن الاقتصاد الألماني يعتمد بدرجة أساسية على التصدير وأن أغلب الدول المستوردة تتمتع بوضع مالي جيد، ولكن أوستفالد يحذر من أن الصورة الإيجابية قد لا تستمر طويلا بالنسبة لألمانيا في ظل زحف الأزمات على دول مجاورة مثل أوكرانيا ورومانيا وبلغاريا وصربيا. ويضيف أن المشكلة تكمن في أنه إذا سحبت الحكومات برامجها الإنفاقية الضخمة فإنها ستوجه ضربة قوية إلى الاقتصادات التي باتت تعتمد بدرجة كبيرة على الإنفاق الحكومي، وفي نفس الوقت فإن استمرار الإنفاق الحكومي بنفس الوتيرة ينطوي على مخاطر ولذلك يجب الوصول إلى نقطة تضمن التوزيع العادل لعبء إخراج الاقتصاد من أزمته
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©