الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء دين: بعض الفضائيات الدعوية والدينية إعلام تجاري لا يساهم في بناء المجتمع

علماء دين: بعض الفضائيات الدعوية والدينية إعلام تجاري لا يساهم في بناء المجتمع
17 ديسمبر 2009 23:37
تركيز بعض الفضائيات على النبش في الإشكاليات والثنائيات الثقافية والسياسية والدينية وتفجيرها في مجتمعاتنا مثل العلمانية والإسلام، والشيعة والسنة، والإسلام والمسيحية، والليبرالية والشمولية، قد يساهم في حالة الاحتقان الثقافي والفكري والسياسي الذي تعيشها الأمة العربية والإسلامية. وكشف استطلاع أصدره مركز الدراسات العربية الأوروبية أن 41.3 بالمئة من العرب والغربيين اعتبروا الفضائيات العربية خاصة الدعوية بلا أثر على الرأي العام الدولي ولم تنجح في تحسين صورة الإسلام وشعوبه أمام العالم وأنها وُجدت لخدمة مصالح الممولين وبأجندة تُفرق الأمة وتسيء للحضارة العربية والإسلامية وتتاجر بالإثارة والغرائز وتدخل تحت مسمى الإعلام التجاري الرخيص. تجارة وحرفة يقول الدكتور محيي الدين عبدالحليم- أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر- إن الكثير من الفضائيات العربية لا تعكس مرجعية الأمة وثقافتها وحضارتها وبعضها درج على نشر المعلومات التي تفتقر إلى المصداقية والتشكيك في ثوابت الأمة وحقائق التاريخ وأصول الدين والعقيدة الإسلامية. وحذر من الدور السلبي الذي تلعبه بعض الفضائيات لا سيما الدعوية. وقال إن أغلب الفضائيات العربية لم تساهم في تنمية المجتمع أو بناء الإنسان أو تقديم خدمة ثقافية أو تصحيح صورة العرب والمسلمين في الخارج لأن أغلب هذه القنوات تحفل بالدراما العاطفية والأغاني الهابطة فلا يزال الإعلام الفضائي العربي غارقا في بحر المنوعات والأفلام والفيديو كليب وكثير منها يرسخ التوجه العلماني حتى أصبحت هذه المعاني والمفاهيم تلعب دوراً مؤثراً في سلوكيات الجماهير ويأتي الأطفال على رأس الضحايا لهذه القنوات بعد أن أثبتت الدراسات العلمية أن الطفل العربي يقضي أمام الشاشة ألف ساعة سنويا في الوقت الذي لا يزيد ما يقضيه في قاعات الدرس على 600 ساعة. وأكد أن خطورة الفضائيات الخاصة تكمن في تحويل الدين إلى تجارة وحرفة تتكسب من ورائها، فتصدر الفتاوى حسب الظروف والأهواء مستغلة سذاجة العوام وجهلهم بأمور دينهم، فنراها تتاجر بآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- وتغرق المشاهدين بالأراجيف، وتتخذ من آلام الناس سبيلا لتحقيق مآربها حين تعقد حوارات مع المرائين وأصحاب الأقنعة الكاذبة الذين يتلونون لخداع الناس والهاء الجماهير عن المهام المنوطة بهم في تعمير الكون وخلافة الأرض وتنمية المجتمع وتشيع الشك والخوف والتوجس بين الناس، وتستعين بالمنافقين الذين يلبسون عباءة الدين وينصبون أنفسهم قيادات دينية وزعامات فكرية. عصرنة الدين ويوضح عبد الحليم أن جانبا كبيرا من الدعاة الذين يظهرون على الفضائيات يزرعون الوهم في نفوس الجماهير بدعوى عصرنة الدين فيفتون في أدق الأمور وهم ليسوا أهلا للفتوى ويشككون في مسائل حسمتها المجامع الفقهية والعلماء الثقات في العالم الإسلامي. ويضيف أن ذلك ينعكس على المشاهدين الذين لا يعرفون بأي الآراء يأخذون، وبأي الفتاوى يعملون في ظل تفشي الأمية الدينية بين أغلبية الجماهير فيقعون في حيرة واضطراب دون أن يدركوا أين الحقيقة. فإطلاق هذه الفتاوى بلا وعي أو تدبر يشكل خطورة على كيان الأمة وتهديداً لحاضرها وتشويها لماضيها، وتتحمل الفضائيات العربية مسؤولية التهويل والمبالغة في عرض هذه الفتاوى التي تشوه صورتنا أمام العالم. ويقول د. محيي الدين عبدالحليم إن غياب استراتيجية إعلامية واضحة جعل الكثير من الفضائيات العربية لا تعدو أن تكون بوقاً للإعلام الأجنبي بما يمثله من قدرة على اختراق الأجواء العربية والتأثير على هوية الأمة وتشكيل مرجعياتها الفكرية والعقدية وأصبحنا في حاجة إلى وقفة موضوعية مع الفضائيات العربية والإسلامية لدراسة أوضاعها وتحديد أهدافها ووضع استراتيجية إعلامية لنشاطها حتى تتمكن من تجاوز السلبيات الكثيرة التي علقت بها واستثمار إمكاناتها. الفهم القاصر للدين ويؤكد الدكتور محمد عثمان الخشت- أستاذ فلسفة الأديان بجامعة الأزهر- أن الفضائيات ساهمت في إشاعة الفهم القاصر للدين من خلال القشور ونشر السطحية وإثارة القضايا الخلافية والفتاوى التي تثير البلبلة وتشتت الناس وتحدث الانقسام في المجتمع وأدى تركيز بعض الدعاة على خطاب دعوي معين يعلي من الغيبيات والماضوية والشكلية إلى إحداث أثار سلبية كثيرة في مجتمعاتنا فقد تجاهلوا في خطابهم أن قيم الدين هي في الأساس قيم عملية هدفها وضع الضوابط التي تضمن استمرار الحياة في المجتمعات وتحقيق العدل والاستقرار. ويشير إلي أن الرسالة الإعلامية التي تحرص بعض الفضائيات على توصيلها للمشاهد مغرضة فهي لا هم لها سوى اللعب على وتر اهتماماته الحسية وبعضها يتستر بعباءة نشر الوعي ويدعي الاستقلالية والديمقراطية غير أن التدقيق فيما تقدمه يكشف عن أهدافها الخبيثة وسعيها لإثارة النعرات الطائفية والإقليمية وإشعال الفتن بادعاء حرية الرأي وعرقلة جهود التضامن والوحدة وتعزيز ثقافة السباب. الربح المادي ويقول المستشار توفيق وهبة -رئيس المركز العربي لدراسات وبحوث التراث- إن الفضائيات تسعى في الأساس إلى التواصل مع الجمهور بأي طريقة ولهذا تقدم له البرامج الترفيهية والتسويقية التي تستهويه بهدف تحقيق الربح المادي وأغلب القنوات لا يعنيها صناعة إعلام فضائي هادف بعيد عن الابتذال والإسفاف وإثارة الغرائز والحروب الكلامية المستعرة. ويضيف أن الأمة في أمس الحاجة إلى إعلام عصري في مضمونه وأسلوب عرضه يقدم تراث الأمة ويستوعب معطيات العصر فيمزج بينهما بذكاء وحكمة ويقدم للجمهور رسالة إعلامية منفتحة فكريا وحضاريا تنطلق من ثوابت الأمة وتجتهد في معالجة القضايا والمتغيرات وتتفاعل مع التحديات.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©