الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الوديعة الإماراتية تدعم جهود الحكومة المصرية في تدبير 6 مليارات دولار

الوديعة الإماراتية تدعم جهود الحكومة المصرية في تدبير 6 مليارات دولار
28 أغسطس 2016 13:50
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) عززت الوديعة المليارية الجديدة التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة لمصر قبل أيام، جهوداً حثيثة تقوم بها حالياً الحكومة المصرية لتدبير قروض ومنح تتراوح قيمتها بين 5-6 مليارات دولار يشترط صندوق النقد الدولي توفرها، قبل الموافقة النهائية على حزمة قروض لمصر بقيمة 12 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة. والإمارات أول دولة سارعت إلى تقديم جزء من الدعم النقدي المطلوب لإقناع المجلس التنفيذي لصندوق النقد بإقرار القرض لمصر خلال اجتماعه المقرر في أكتوبر المقبل، وذلك عقب رسالة وجهتها بعثة الصندوق في ختام مفاوضاتها مع الحكومة المصرية مطلع الشهر الحالي، حثت فيها شركاء مصر على المبادرة إلى مساعدتها في هذه الفترة الحرجة على حد وصف كريس جارفيس رئيس البعثة. وقالت مذكرة بحثية لبنك الاستثمار المصري حصلت عليها «الاتحاد»، إن الوديعة الإماراتية جزء من 6 مليارات دولار يطلب صندوق النقد الدولي توفرها، بالإضافة إلى ملياري دولار من السعودية، وسندات بين 3 - 5 مليارات دولار تعتزم الحكومة طرحها في الأسواق الدولية، بهدف تدبير المبلغ للحصول على قرض الصندوق أول أكتوبر المقبل». جهود حكومية وبحسب مصادر في وزارة التعاون الدولي قالت لـ«الاتحاد»، إن جهوداً حكومية مكثفة تبذل الآن لتدبير التمويل الذي يشترطه صندوق النقد الدولي، إذ تواصل سحر نصر وزيرة التعاون الدولي اتصالاتها مع ثلاث جهات رئيسية تعول عليها الحكومة المصرية في تدبير 4 مليارات دولار، وهى السعودية التي وعدت بتقديم وديعة بقيمة 2,5 مليار دولار من إجمالي حزمة قروض ومنح بقيمة 25 مليار دولار، تم الاتفاق عليها خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة قبل نحو ثلاثة أشهر، ونحو مليار دولار من البنك الدولي كدفعة أولى من إجمالي قرض بقيمة 3 مليارات دولار، و500 مليون دولار من البنك الأفريقي للتنمية من إجمالي قرض بقيمة 1,5 مليار دولار. وتوصلت مصر مطلع العام الحالي، إلى اتفاق مع كل من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية على القرضين إلا أن الممول الدولي ونظيره الأفريقي، اشترطا جملة إصلاحات اقتصادية يتعين على الحكومة المصرية تطبيقها قبل الحصول على الدفعة الأولى من كل قرض. ويوجد في واشنطن حالياً كل من عمرو الجارحي وزير المالية، وطارق عامر محافظ البنك المركزي، لمتابعة الاتفاق المبدئي الموقع مع الصندوق، والتباحث مع شركات ومؤسسات مالية دولية لطرح السندات الدولارية التي يتوقع أن تطرحها الحكومة في الأسواق الدولية بقيمة لا تقل عن 5 مليارات دولار. وقال الخبير المصرفي محمود أبو النصر بالبنك التجاري الدولي، إن صندوق النقد الدولي يشترط توفر حد أدنى من الاحتياطي النقدي للبلاد، خوفاً من إهدار القروض التي ستحصل عليها مصر في الدفاع عن عملتها الوطنية، كما حدث مع القروض والمنح الخليجية التي حصلت عليها مصر والبالغ قيمتها 30 مليار دولار، إذ ذهب منها ما لا يقل عن 22 مليار دولار في الدفاع عن سعر الصرف، وفقاً لتصريحات طارق عامر محافظ البنك المركزي. ولم تفلح المنح والقروض الخليجية التي حصلت عليها مصر منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم، في وقف المضاربات على العملة المصرية التي قفز سعرها أمام الدولار في السوق الموازية إلى 13 جنيهاً قبل أن تستقر حالياً عند 12,50 جنيه، الأمر الذي أجبر المركزي المصري على تغيير سياسته، واتباع سياسة سعر صرف مرن، خوفاً من تآكل جديد في الاحتياطي النقدي الذي انخفض إلى 15,5 مليار دولار. وأضاف أبو النصر: «الحكومة تحاول من خلال الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي، وحزمة التمويلات التي ستحصل عليها من دول صديقة ومؤسسات تمويل دولية وإقليمية أن تصل بالاحتياطي النقدي إلى 25 مليار دولار، وعندها ستبدأ عملية تعويم جزئية أو كلية للجنيه المصري أمام الدولار». جدل واسع وتشهد الساحة المصرفية والمالية المصرية جدلاً واسعاً بشأن توجه الحكومة ممثلة في البنك المركزي نحو تعويم كامل أو تخفيض تدريجي في قيمة العملة المصرية كأحد اشتراطات صندوق النقد، في وقت يبدي اقتصاديون مخاوفهم من تصاعد الدين الخارجي للبلاد مع حزمة القروض الكبيرة التي تسعى إليها الحكومة. وقال أبو النصر إن التعويم الكامل للعملة المصرية سيفاقم من الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها المصريون، إذ سيشل التعويم الكامل يد البنك المركزي عن التدخل في حماية الجنيه المصري من المضاربات المتوقعة، فضلاً عن أن التعويم الكامل من شأنه أن يرفع من تكلفة واردات البلد الذي يستورد أكثر من 80% من حاجياته». وأضاف أن الحكومة ستحاول جاهدة أثناء صندوق النقد عن شرط تعويم العملة على الأقل في المرحلة الحالية إلى حين تعظيم حصيلة الاحتياطي النقدي فوق 30 مليار دولار، فضلاً عن أن أية ارتفاعات جديدة في أسعار السلع، من الممكن أن تشكل مخاطر اجتماعية يصعب احتواؤها. تعويم الجنيه وترى بنوك استثمارية مصرية منها هيرميس وبلتون وبرايم أن التعويم الكامل بات هو الأقرب، بعدما فشلت سياسة التعويم المدار التي اتبعها البنك المركزي في السابق في وقف قفزات سعر الدولار في الأسواق. وقال هاني جنينه رئيس قسم الأبحاث في بلتون: «لم يعد هناك مجال للحديث عن مجرد تعويم مدار أو تخفيض على مراحل خلال الفترة المقبلة في ظل الضغوط الكبيرة على الجنيه، وأن الأقرب هو التعويم الكامل مرة واحدة، لأن يد البنك المركزي ستكون مكبلة تماماً في التدخل للحفاظ على سعر الصرف، هذا ما رأيته في اتفاقات سابقة للصندوق مع دول أخرى». وفي المقابل، يدعو الخبير الاقتصادي د. عبدالنبي عبدالمطلب وكيل وزارة التجارة والصناعة، إلى الأخذ بما يسمى بالسعر العادل للعملة المصرية أمام الدولار، يأخذ في الاعتبار السعر الرسمي الذي تتعامل به البنوك عند 8,88 جنيه، وسعر الدولار في السوق الموازية. وهو السعر الذي يختلف حياله كل المصرفيين وبنوك الاستثمار، فهناك من يرى أن السعر العادل للجنيه أمام الدولار يتراوح بين 9,50 -10 جنيهات، وآخر يراه بين 11-12 جنيهاً. وبدورها، حذرت الدكتورة عالية المهدي أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة من مخاطر تصاعد الدين الخارجي لمصر، مع توجه الحكومة للاستدانة من الخارج عبر قرض ضخم من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وتمويلات إضافية من بنوك ومؤسسات دولية، بغرض توفير ما لا يقل عن 21 مليار دولار. وأوضحت أن الدين المحلي للبلاد يتجاوز حالياً تريليوني جنيه بما يعادل 97% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد الذي يصل إلى 3 تريليونات جنيه، كما أن الدين الخارجي يقدر بنحو 54,3 مليار دولار أو 15% من الناتج المحلي الإجمالي. وأفادت بأن الدين الخارجي بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات الدولية والذي سيضيف 21 مليار دولار سيرتفع إلى 75,3مليار دولار بما يعادل 20% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018/‏‏2019. وبذلك فإن إجمالي الدين الداخلي والخارجي خلال السنوات الثلاث القادمة، يشكل نحو 120% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وقالت المهدي: «من دون دفعة اقتصادية قوية جداً، وزيادة غير مسبوقة في الاستثمار، سيُصبِح الاقتصاد المصري في مأزق كبير جداً»، مؤكدة على أن الاقتراض ليس الحل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر حالياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©