السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمل··· رؤية جديدة لأهداف الألفية

الأمل··· رؤية جديدة لأهداف الألفية
30 سبتمبر 2008 01:12
بفضل الطفرة النحاسية، أخذ الاقتصاد الزامبي ينمو أخيرا؛ حيث ارتفعت حصة الفرد من الناتج الداخلي الخام العام الماضي بنحو 4 في المائة؛ واليوم، تعج العاصمة ''لوساكا'' بالمشاريع وأشغال البناء الجديدة، كما أن الحركة المرورية بين ''لوساكا'' و''الحزام النحاسي'' مكتظة جدا إلى درجة أن مدة السفر تضاعفت إلى ثماني ساعات؛ غير أن زامبيا تختلف عن بقية العالم؛ فقد كان نظامها الضريبي إلى غاية الشهر الماضي جد متساهل إلى درجة أن معظم عائدات النحاس الجديدة كانت من نصيب الشركات الأجنبية التي تمتلك المناجم؛ وعلاوة على ذلك، ساهم الانهيار السياسي والاقتصادي لزيمبابوي المجاورة في تراجع التجارة· يظل الزامبيون ضمن ''المليار نسمة السفلي'' لأفقر فقراء الأرض -أولئك الأشخاص الذين كان أمين عام الأمم المتحدة ''بان كي مون'' أعلن أنهم سيكونون هدف جهود التنمية في 2008؛ غير أنه إذا كانت الأمم المتحدة، التي اجتمعت جمعيتها العامة أمس، في مستوى هذا التحدي حقا، فكيف تستطيع مساعدة البلدان التي توجد ضمن المليار نسمة السفلي- ربما عبر سعي أكبر وأكثر جدية وراء أهداف التنمية الألفية، التي يشكل تقدمها المتبذبذب نحو إنهاء الفقر بحلول 2015 موضوع مراجعة اليوم· والحقيقة أن أهداف التنمية الألفية حققت نجاحا على صعيد محاربة الفقر، غير أن العالم تغير كثيرا منذ أن تم الإعلان عن هذه الأهداف عام 2000؛ وبالتالي، فهناك حاجة اليوم إلى إعادة النظر في الأفكار والافتراضات التي تقوم عليها هذه الأهداف· قام البنك الدولي برفع تقديراته للفقر العالمي مؤخرا من أقل من مليار نسمة إلى 1,4 مليار نسمة؛ فإذا كان قد بالغ في تقدير مستوى الدخل الفردي في الصين والهند في البداية، فإن الإحصاء يُظهر اليوم أن عدد الفقراء في الهند والصين يتجاوز بكثير عدد الأفارقة الفقراء؛ غير أن هذا المعطى قد يكون مضللا على اعتبار أن المداخيل الصينية والهندية ترتفع على نحو أسرع وأوثق بكثير من المداخيل الإفريقية؛ وبالتالي، فالفرق بين أسرة أسيوية فقيرة وأسرة أفريقية فقيرة هو الأمل، ليس بالضرورة بالنسبة للجيل الحالي من الكبار، وإنما بالنسبة لأطفالهم· يُحدث الأمل فرقا بخصوص قدرة الناس على تحمل الفقر؛ ذلك أن الناس مستعدون للتضحية شريطة أن يكون لأطفالهم مستقبل؛ وبالتالي، فإن أولويتنا الرئيسية ينبغي أن تكون هي توفير أمل ذي مصداقية في الأماكن التي هي في أمس الحاجة إليه؛ ولئن كانت البلدان الأفريقية التي توجد ضمن ''المليار نسمة السفلي'' لم تستفد من فترة النمو العالمي التي عاشتها بقية العالم، فإن هدف الأمم المتحدة ينبغي ألا يكون مساعدة الفقراء في البلدان سريعة النمو وذات الدخل المتوسط؛ وإنما بذل كل الجهود الممكنة من أجل مساعدة ''المليار نسمة السفلي'' على تدارك الركب واللحاق به؛ ولهذا الغرض، يتعين أن تركز جهود محاربة الفقر على البلدان الستين التي تعد فقيرة وبطيئة النمو، ومعظمها يقع في أفريقيا· إحدى نقاط الضعـــف الأخرى التي تعاني منها أهداف التنمية الألفية، تكمـــن في افتقارها إلى الاستراتيجية؛ فعلاجهــــا الوحيد هو مزيد من المساعدات؛ أنا لست ضد المساعدات، بل أعتقد أن علينا أن نزيدها ونضاعفها، وإن كنت أشكك في أننا سنقوم بذلك بالنظر إلى شبح الركود الذي يخيم على أوروبا وأميركا الشمالية؛ غير أن سياسات حول إدارة الحكم والزراعة والأمن والتجارة يمكن أن تساهم في تقوية وتعزيز المفعول· ما الذي أعنيه؟ لنأخذ على سبيل المثال مسألة الوقود البيولوجي الأميركية (معونات الإيثانول التي صرفت نحو 30 في المائة من الذرة الأميركية عن الإمدادات الغذائية) والحظر الأوروبي للبذور المعدلة جينيا، واللذين تقلدهما أفريقيـــا؛ فقد ساهما في مضاعفة نقص المواد الغذائية؛ فأين هي ضغوط الأمم المتحدة من أجل إنهاء هذه الحماقـــات؟ ولماذا لم تتدخل الأمم المتحدة عندما تمت الإطاحة بالحكومة الديمقراطية في موريتانيا، وهو بلد آخر ضمن ''المليار نسمة السفلي''، في انقلاب عسكري الشهر الماضي؟ وأين هي المبادرة البديلة لفتح التجارة الدولية أمام البلدان الفقيرة الآن وقد انهارت محادثات جولة الدوحة؟ والأهم من ذلك كله، وفي ظل طفرة للسلع عمرها سنوات حوَّلت الثروة إلى بعض من بلدان المليار نسمة السفلي، أين القواعد والقوانين الدولية بخصوص الضرائب والاستثمار التي قد تساعد هذه البلدان على تحويل أرباح صادرات المعادن الآخذة في النفاد إلى استثمارات إنتاجية مثل الطرق والمدارس؟ أُحيي ''بان كي مون'' لأنه، وعلى غرار رئيس البنك الدولي ''روبرت زوليك''، يوفر زعامة أكثر حكمة بخصوص استراتيجية التنمية مقارنة مع ما أتيح خلال العقود القليلة الماضية؛ غير أن ثمة حاجة إلى التنسيق الدولي أكثر من أي وقت مضى؛ لقد كان التنسيق الدولي بالفعل الإنجاز العظيم لأهداف التنمية الألفية التي آمنت بها جميع البلدان المانحة الرئيسية وأيدتها؛ إلا أنه يتعين اليوم مراجعتها من أجل التركيز على تحدي مساعدة ''المليار نسمة السفلي'' حتى يلحقوا ببقية البشرية، وعلى نطاق زمني أكثر واقعية· إننا لا نحتاج إلى ''عام المليار نسمة السفلي''، وإنما إلى عدة عقود؛ والواقع أن جلسة الأمم المتحدة هذه لحظة مواتية للبدء· بول كولير أستاذ بجامعة أوكسفورد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©