الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أيام الشارقة التراثية» باقة مهرجانات في سلة واحدة

«أيام الشارقة التراثية» باقة مهرجانات في سلة واحدة
25 ابريل 2012
أصبحت «أيام الشارقة التراثية»، التي اختتمت فعالياتها مؤخرا، بصمة وطنية مميزة تؤكد الخصوصية الثقافية والفنية والتاريخية لإمارة الشارقة، فالأيام التراثية ليست مجرد فعاليات واستعراضات لحرف وأكلات ورقصات وأزياء شعبية فقط، وإنما هي تظاهرة إماراتية عملاقة جوهرها حراك تراثي وثقافي نشأ من خلال الوجود الكبير للحرفيين والمهتمين والمختصين والجمهور شباباً ورجالاً ونساء وفتيات، فسواء كانوا صغارا أم كبارا فإن تفاعلهم مع هذا الحدث التراثي السنوي، يشكل نهرا متدفقا يسهم في تسليط الأضواء على قضايا التراث، والتشديد على أهمية المحافظة عليه وإبرازه من قبل كافة أجيال المجتمع الإماراتي. نجحت أيام الشارقة التراثية، التي اختتمت فعاليات دورتها العاشرة مساء الجمعة الماضي، في إحياء التراث الإماراتي الأصيل، وترسيخ الصور الاجتماعية النابضة بالحياة للمجتمع الإماراتي، وذلك من خلال تجسديها لتاريخ البيئات الإماراتية الحضرية والصحراوية والبحرية الساحلية والزراعية والجبلية المختلفة، من خلال عشرات العروض والفعاليات التي عكست أهم الفترات الزمنية التي عاشتها دولة الإمارات منذ القدم حتى اليوم. من الأولى إلى العاشرة عبد العزيز المسلم مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة والمنسق العام لأيام الشارقة التراثية في دورتها العاشرة، عاد بشريط الذكريات للبدايات الأولى لتأسيس أيام الشارقة التراثية، ليدلل على النجاحات الهائلة التي حققتها الأيام التراثية منذ انطلاقتها وصولا إلى دورتها الحالية، وقال “لا أزال أتذكر الورقة الأولى التي كتبتها كتصور مبدئي لمهرجان التراث الأول قبل أكثر من عشر سنوات، فحينذاك كان حلم إنجاز الدورة الأولى، لأول مهرجان تراثي في الشارقة، لم يكن بالشيء الهين أو البسيط، فالشارقة بزخمها وحراكها الفكري الثقافي النشط والكبير، لم تكن لتتقبل مهرجانا ضعيفا أو هزيلا، وكان يجب أن يبدأ المهرجان قويا ولافتا ومتنوعا”. ويضيف “كانت بداية المهرجان مرضية ومشجعة تماما، بل إن أيام الشارقة التراثية منذ انطلاقتها كانت الأنموذج الذي يحتذى به في مهرجانات التراث في المنطقة، لا سيما أن اختيار توقيت المهرجان لم يأت مصادفة، بل ارتبط بمناسبة تراثية عالمية هي “يوم التراث العالمي”، الذي يصادف الثامن عشر من شهر أبريل كل عام، اتساقا مع وضع الشارقة كعاصمة مختارة للثقافة العربية من قبل منظمة اليونسكو، كما أنه توقيت مثالي يختتم الموسم الثقافي الكبير للشارقة في كل عام، وكنا نظن أن المهرجان سيقف عند هذا الحد، لكنه أخذ يتسع شيئا فشيئا من حيث المساحة ومن حيث المنطقة، فقد بدأ المهرجان في ساحات ضيقة في منطقة التراث في الشارقة القديمة، ثم ما لبث أن توسع حتى بات يهيمن على جميع ساحات المنطقة التراثية القديمة بالشارقة”. وتابع “استمرت مطالبات المدن والمناطق الأخرى في إمارة الشارقة بالمشاركة في فعاليات المهرجان، حتى وصلنا اليوم إلى باقة مهرجانات في مهرجان واحد، فالمهرجان الأول ينطلق في مدينة الشارقة، بينما تنتظم بقية المهرجانات الأخرى في كل من مناطق الذيد ومليحة والمدام وكلباء وخورفكان ودبا الحصن والحمرية، وها قد مرت عشر سنوات على انطلاقة أيام الشارقة التراثية، واكتمل عقدها الأول بصورة لا تشبه سوى الحلم الجميل الذي وجد طريقه للتحقق على أرض الواقع”. تأصيل التراث جاءت فعاليات أيام الشارقة التراثية هذا العام بثوب جديد يتناسب مع الاحتفال بمرور عشر سنوات على انطلاقتها، فتضمنت زخما كبيرا من الأنشطة الثقافية والشعبية المتعددة التي بلغت أكثر من ثلاثين فعالية رئيسية، كما احتفت أيام الشارقة التراثية على الصعيد الفكري بملامح حضارة وتاريخ الإمارات، من خلال تنظيم مجموعة من الندوات الحوارية والمحاضرات وجلسات النقاش الثقافية، وصولا إلى تنظيم أروقة ومعارض تصويرية وفنية عديدة على هامش المهرجان، وقد رافقت تلك الأنشطة النوعية، نشرات يومية مطبوعة بشكل يومي، وإصدارات أخرى متخصصة في الشأن التراثي. كما تم هذا العام تقسيم الفعاليات الثقافية والفكرية والتراثية، حيث تم توزيعها بشكل مدروس بحسب الأيام والمناطق التي أقيمت فيها، ومنها قرية التراث ومقهى البارجيل ومقهى الدريشة، ومن أهم الفعاليات الفكرية كانت الندوة الدولية حول القلاع البرتغالية في الجزيرة العربية، وندوة تأصيل التراث الشعبي لدى الأطفال، وندوة أفضل الممارسات في إدارة التراث الشعبي، وندوة جمع وتدويـن التاريخ الشفوي، بالإضافة إلى سلسلة محاضرات متخصصة، مثل محاضرة اللهجة الإماراتية كظاهرة متجددة، ودور الحكايات الشعبية في تربية النشء الجديد، وصولا إلى استعراض تاريخ المكتبات القديمة في الشارقة، وبحث سيرة المكان من خلال الموروث الإنساني في الإمارات، والتي قدمتها نخبة من الخبراء والمختصين من دولة الإمارات والدول الخليجية والعربية، طرحت تجاربها الغنية في مجال حفظ التراث. وسعى نادي الذيد بوصفه مؤسسة اجتماعية ثقافية من خلال احتفائه بأيام الشارقة التراثية إلى ترسيخ التراث لدى أبناء وزائري مدينة الذيد، من خلال التعريف بتراث الإمارات، فسجل مشاركة شكلت رافداً عبر تأكيد تلاحم الجميع في خدمة التراث وإحيائه، باعتبار الاحتفاء بالأيام التراثية مسؤولية تقع على عاتق المواطن والمقيم وكافة المؤسسات دون استثناء. لمسة وعي في مليحة والذيد حضرت ليتيسيا بولوتانو، العضو التنفيذي لمنظمة (سيووف)، ونائب رئيس فرع المنظمة في كندا، حيث حلت ضيفة على أيام الشارقة التراثية باعتبارها ضمن قائمة مهرجانات التراث العالمية المدرجة في لوائح المنظمة، وأكدت بولوتانو أن أيام الشارقة التراثية وإدارة التراث، تستحق أن تكون بجدارة ضمن مجلس المنظمة التنفيذي. ووعدت بأن ترفع توصيتها للمنظمة بهذا الشأن، خاصة بعدما لمسته من وعي ونضوج في التجربة، والمسؤولية العالية تجاه الحفظ المادي والمعنوي للموروث بشقية المادي والشفهي، وتفاعل الناس والمجتمع بكافة شرائحه وانتماءاته مع تفاصيل التراث وبيئاته. والقرية التراثية في مدينة كلباء نجحت في استقطاب كافة الشرائح المجتمعية في فعاليات أيام الشارقة التراثية هذا العام، فكانت بمثابة فرصة عظيمة للأجيال الجديدة من اجل رؤية نماذج جميلة من التراث، والتدرب على بعض الحرف التراثية القديمة، انطلاقا من ضرورة المحافظة على التراث وتطوير آليات حفظه وصونه، كونه أحد عناصر الشخصية الوطنية، في ظل التطور والنهضة الشاملة التي تشهدها الدولة. والقرية التراثية بدبا الحصن شكلت بمشاركتها في فعاليات أيام الشارقة التراثية، نموذجاً يحتذى به من حيث الشكل والمضمون، حيث اكتظت القرية بآلاف الزوار من داخل المدينة وخارجها، والذين حضروا لمتابعة الفعاليات الجميلة التي تضمنت مسابقات تراثية ورقصات شعبية ومشاهد حية من تاريخ وتراث المجتمع الإماراتي، كما ضمت أقساما للمأكولات الشعبية والأدوات التراثية والحرف الشعبية، والتي من شأن عرضها أن يعزز المحافظة على الهوية الوطنية من خلال ترسيخ جذور التاريخ في نفوس أبناء الوطن وأجياله المقبلة. أما فعاليات أيام الشارقة التراثية بمنطقة الحمرية فاستمرت لأربعة أيام وشهدت إقبال حشود كبيرة من أهالي الحمرية، من أطفال ورجال ونساء وكبار سن، والذين جاؤوا للاستمتاع بمشاهدة الرقصات الشعبية التي قدمتها فرقة النادي البحري بالشارقة، بالإضافة إلى سباق (الشواحيف/ قوارب التجديف الخشبية)، والذي تميز هذا العام بمشاركة مجموعة من الشواحيف القديمة التي قادتها مجموعة من الشباب الإماراتيين المولعين بهذه الرياضة التراثية والمحافظة عليها.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©