الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النزاع الروسي الجورجي

30 سبتمبر 2008 01:15
لن تغفر روسيا أبداً لتركيا، فقد تتوقف روسيا حتى عن تزويد تركيا بالغاز الطبيعي، وقد تستعيض عنها بحلفاء آخرين كإيران المعزولة، ولكن فقط في مقابل تنازلات سياسية واقتصادية؛ فمن سخريات القدر أن تغير الأزمة الروسية الجورجية ميزان القوى في الشرق الأوسط؛ لقد أصيبت كل من روسيا وإيران بانزعاج شديد من محاولات الغرب تجاوزهما في سعيه وراء النفط؛ فقد كانت موسكو تريد أن يمر خط باكو-تبليسي- كيهان النفطي -ثاني أطول خط في العالم- عبر الأراضي الروسية، وبذلك تستفيد ليس مادياً، فقط ولكنها تستطيع كذلك بذل بعض السيطرة على تزويد النفط إلى الغرب، تماماً كما تفعل مع أنبوب ''دروجبا'' -أطول أنبوب في العالم- الذي يعبر من جنوب شرق روسيا إلى أوروبا؛ فقد أظهرت روسيا أثناء غزوها لجورجيا بأن باستطاعتها تهديد خط باكو-تبليسي- كيهان، وأن روسيا، حسب قول الرئيس الروسي ''ديمتري ميدفيديف'': ''أُمّة يُعتَدّ بها''· في هذه الأثناء سعت إيران -التي ينساب معظم نفطها إلى آسيا- ومنذ مدة طويلة إلى مدّ أنابيب نفطها نحو الغرب، وهي رغبة أحبطتها في العديد من الحالات العقوبات الغربية؛ ومن خلال دعم روسيا في مواجهتها الحالية مع الغرب، تستطيع إيران تأمين مردود اقتصادي وسياسي مستقبلي، ويمكن لذلك أن يكون صحيحاً بشكل خاص إذا حصلت إيران من روسيا على التزام بوضع استراتيجية نفطية مشتركة في مواجهة الغرب· إلا أنه حتى في غياب هذا الاحتمال، هناك العديد من المؤشرات حول الفوائد التي يمكن أن تتجمع لدى إيران نتيجة لسياستها المساندة لروسيا؛ على سبيل المثال، يجري البحث بجدية في طلب إيران ودول أخرى منظومة دفاع صاروخية متقدمة من موسكو، الأمر الذي يزعج الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وعندما يتذكر المرء أن محطة بوشهر النووية الإيرانية، والتي بنيت بدعم من روسيا، سوف تبدأ العمل في عام ،2009 يصبح ظاهراً أن إيران قد تكون على وشك تعزيز موقعها الإقليمي والعالمي بشكل أساسي· وبينما تقوم إيران بمحاولة لتحقيق وضع كقوة إقليمية، ظهرت تركيا، بشكل مفاجئ تقريباً، كدولة قد تمسك بمفاتيح حل الأزمة الروسية الجورجية؛ في الوقت نفسه تحافظ تركيا على علاقات اقتصادية وعسكرية مع جورجيا، كما أنها لا تستطيع أن تسمح لعلاقاتها مع روسيا أن تتدهور، وقد وصلت إلى حالة توتر بسبب عبور السفن الأميركية مضيق البسفور في طريقها إلى ميناء باتومي الجورجي، ولكنها لا تستطيع أيضاً تجاهل نداءات الغرب بدعم جورجيا؛ نتيجة لذلك، لا يعتبر التوسط في النزاع القائم مجرد دور قد يدفع بتركيا إلى الأضواء كلاعب إقليمي رئيسي، وإنما ضرورة فيما يتعلق بمتطلبات تركيا السياسية والاقتصادية· إذا واجهت تركيا التحدي فقد تكون هناك حتى فوائد إضافية، فقد يذوب جمود العلاقات التركية الأرمينية، الأمر الذي ستكون له أهمية كبرى في صناعة النفط والغاز الطبيعي؛ ففي الوقت الذي يُظهِر الصدام الروسي الجورجي مدى تعرُّض جورجيا التي يمر عبرها خط باكو-تبليسي-كيهان، أخذت أهمية أرمينيا بالتزايد؛ لهذا السبب نادت تركيا بإيجاد مجموعة تعاون إقليمي تضم تركيا وروسيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان· قد يكون خط امتداد النزاع الروسي الجورجي خلال الشهور القليلة المقبلة حاسماً في تقرير ما سيحدث في الشرق الأوسط· إذا نجحت الوساطة في تقريب الطرفين ونزع فتيل الأزمة فلن تجد روسيا ضرورة في التوجه نحو إيران؛ وإذا كان التوسط ناجحا ستكون تركيا قد أظهرت قدرة نادرة في تحقيق الاستقرار في القوقاز وترتيب محادثات سلام سورية إسرائيلية والتوسط بين إيران والغرب· ريّان الشوّاف كاتب ومحلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الاخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©