السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحسبة

30 سبتمبر 2008 02:11
نظام الحسبة من المفاهيم التي عرفتها الشريعة الإسلامية ويقصد بها إزالة المنكر إذا ظهر فعله، والأمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ويمثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بذلك نظاما رقابيا يتكامل مع النظامين الاجتماعي والسياسي في المجتمع الإسلامي· ويقول الدكتور محمد الجليند - أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة إن الحِسْبـة وظيفة دينية أساسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، استلهاما لقوله تعالى: ''ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون'' آل عمران: الآية ·104 يرجع كثير من المؤرخين والفقهاء نشأة الحسبة إلى عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- وعهد الخلفاء الراشدين، فقد روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فقال: أصابته السماء يا رسول الله· قال الرسول - صلى الله عليه وسلم- : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس· ثم قال - صلى الله عليه وسلم ''من غشنا فليس منا'' رواه مسلم· ومما يذكر أيضا أن الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أثناء خلافته ولى الحسبة على سوق من أسواق المدينة لامرأة تسمى ''أم الشفاء''· ولذا فإن بعض المؤرخين، ومنهم القلقشندى، يجعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أول محتسب في الخلافة الإسلامية· وقال د· الجليند: القرآن والسنة وإن كانا يعدان من المصادر الأولى لنظام الحسبة فإنه من المهم أن نفرق بين أعمال الحسبة ومظاهرها كاتباع لنص قرآني والاقتداء بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذلك في عموم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحسبة كوظيفة إدارية لها وضعها المحدد في الهيكل الإداري للدولة، حيث لم تعرف هذه الوظيفة الإدارية في لقبها الاصطلاحي ولقب القائم عليها ''المحتسب'' إلا منذ أواخر العصر الأموي في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك ''105- 125 هـ/724 م'' وأصبحت ذات شأن كبير في الولايات الإسلامية بعد ذلك في مطلع القرن الرابع الهجري· ويضيف الدكتور الجليند: تاريخ الفتوحات الإسلامية يبرهن على أنها وظيفة وجدت طريقها للكيان الإداري للدولة انطلاقا من تعاليم الإسلام الحنيف ومبادئه التي شملت كافة مناحي الحياة· وتعدت الحسبة أصولها المثالية الدينية وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى واجبات عملية تتفق والمصالح العامة للمسلمين وتختص هذه الوظيفة بنمو المجتمع الإسلامي وتطور نظمه الاقتصادية وأوضاعه الاجتماعية واتساع رقعته· ويرتبط بهذا المفهوم، والي الحسبة: وهو الناظر في شؤون الحسبة في الدولة الإسلامية وهو موظف يعينه الخليفة أو الوزير أو القاضي للنظر في شؤون الرعية وكل ما يهمهم في أسواقهم ومجتمعاتهم ومعاملاتهم· وكان لاختيار المحتسب شروط منها· الإيمان والتكليف من أولي الأمر والقدرة وأن يكون ذا رأي وصرامة وعلم والعدالة والمعرفة بأحوال المجتمع وأصناف المعايش· إضافة إلى مجموعة من الآداب التي ينبغي أن يكون متحليا بها مثل العفة والقدرة فيما يأمر أو ينهى والحلم والصبر· وينقسم أعوان المحتسب إلى فريقين: أحدهما يختص بأعمال الضبطية والإشراف والتفتيش· والثاني، يقوم بتنفيذ الجزاءات التي يوقعها المحتسب· وكانت أوجه نشاطه تتعلق بالعديد من المجالات كالمجال الديني الاقتصادي والاجتماعي والصحي· واعتبر ابن خلدون الحسبة من أهم الوظائف الدينية وجعل ترتيبها الخامسة بين هذه الوظائف بعد الصلاة والفتيا والقضاء والجهاد· وأضاف د· الجليند: تتميز الحسبة بسرعة الفصل في الأمر حال وقوعه وإثباته وكانت تقتصر على ميادين خاصة لأن المحتسب لا يتصدى لدعوى العقود والمعاملات وليس من شأنه أن يحكم فيما يدخله الإنكار بحيث يحتاج في الإتيان إلى بينة أو يمين وهو مجال القضاء· ولم تكن الحسبة منعزلة عن القضاء والمظالم والشرطة وإنما كانوا معا دعامة قوية للعدالة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©